أواصل قراءاتى للعلاقات المصرية الأمريكية فى جانبها التاريخى، وذلك استنادًا إلى «دائرة المعرفة الدولية خلال الألفية الثالثة»، اهتمت الإرسالية بالأنشطة التربوية المختلفة فى مدارسها كالإهتمام بالموسيقى فقد كانت كليتا البنات الأمريكية بالقاهرة وأسيوط تعطيان اهتماماً خاصاً بالموسيقى وكانت تقدمان منهاجاً فى الموسيقى تحصل الطالبة بعد اجتيازه والتدريب عليه دبلوما فى الموسيقى. كما اهتمت المدارس الأمريكية بالجمعيات الأدبية التى يشترك فيها الطلبة لتقديم إنتاجهم من الشعر والنثر والقصة القصيرة، ويشرف عليها مديران أحدهما مصرى للإشراف على الإنتاج باللغة الإنجليزية، كما اهتمت المدارس الأمريكية بتزويد مكتبات الفصول والمكتبات العامة المدرسية بنوعيات من الكتب الدينية بمختلف اللغات التى تدعو للمذهب البروتستانتى وتؤيد النشاط الدينى للإرساليات، بالإضافة للاهتمام بالأنشطة الرياضية المختلفة.
كما اهتمت الإرسالية الأمريكية فى مدارسها بتنمية صفة الاعتماد على الذات بين تلاميذها، من خلال اشراك التلاميذ فى الإشراف المدرسى فهى تعطى تلاميذها حرية أكثر من أى نوع آخر من أنواع التعليم، فلكل فصل رئيس ووكيل وأمين صندوق ينتخبهم تلاميذ الفصل وتتألف من رؤساء الفصول جميعاً مجلس الطلاب Student Council الذى له رئيسان ووكيلان وأمين صندوق وهؤلاء جميعاً يتم اختيارهم بالانتخاب، ويشتمل المجلس على لجان خاصة فلجنة السلوك تتولى ملاحظة سلوك تلاميذ الفصل بها الفصل وتساعد التلاميذ الجدد على تكوين صداقات مع التلاميذ، ولجنة البرامج التى يقوم بها الفصل فى المناسبات المختلفة ولجنة الفصل تتولى نظافة الفصل، ولجنة الحديث تحاول المساعدة فى تحسين اللغة وتجنب الأخطاء فيها وضمان التحدث باللغة الإنجليزية داخل الفصل وخارجه.
كما اهتمت الإرسالية بتقويم سلوك الطلاب فإن الطالب الذى يخطئ يعطى علامة سوداء Black Mark، فإذا كان فى القسم الابتدائى تخصم درجة من السلوك لكل علامة سوداء وكل خمس علامات سوداء أو أكثر يحتجز التلميذ بالمدرسة فى ذلك الأسبوع وفترة الحجز فى أثناء الغذاء ظهراً وإذا وضع للتلميذ علامة سوداء لا يمكن إزالتها، وإذا كان التلميذ حسن السلوك طوال العام يمنح نجمة ذهبية Gold star وبالنسبة لتطور عدد المدارس الأمريكية فقد بدأت عام 1880 بـ«44» مدرسة زادت إلى 196 مدرسة عام 1914 أى زادت المدارس إلى %345 وفى 1923 كان هناك 195 مدرسة منها 145 مدرسة للبنين، 50 مدرسة للبنات أى أن عدد مدارس البنين ثلاثة أضعاف مدارس البنات، وذلك بسبب إهمال تعليم المرأة فى ذلك الوقت، وهذا ما يؤكد عدد التلاميذ بالمقارنة بعدد التلميذات، فقد كان عدد البنين 10674 وعدد البنات 5937 أى كان عدد التلاميذ ضعف عدد التلميذات تقريباً، ويلاحظ أن عدد المدرسات كان فى تزايد، فقد كان هناك 87 مدرسة ووصلت إلى 257 مدرسة عام 1923 أى أن نسبة الزيادة %37.43 وهى نسبة كبيرة ولكن الزيادة الكبرى لعدد المدرسات كانت 1914 حيث زادت نسبة المدرسات من 1880-1914 إلى %392.6 ويمثل العام الدراسى 27/1928 تراجعاً كبيراً فى فن عدد المدارس الأمريكية.
بالرغم من الانخفاض الكبير فى عدد المدارس الأمريكية حيث كانت 216 مدرسة فى العام الدراسى 24/1925 ثم هبطت إلى 78 مدرسة فى العام الدراسى 27/1928، أى انخفضت عدد المدارس الأمريكية بنسبة %63.88 فى العام الدراسى 27/1928، وعلى الرغم من ذلك فإن انخفاض عدد المدارس الأمريكية لم يكن كبيراً بالنسبة لعدد المدارس الأجنبية الأخرى، حيث كانت نسبة المدارس الأمريكية لم يكن كبيراً بالنسبة للمدارس الأجنبية الأخرى، حيث كانت نسبة المدارس الأجنبية فى مصر 12.%24، بينما شكلت فرنسا 43.%79 وبريطانيا 11.%61 وإيطاليا 14.%28 ثم تعرضت المدارس الأمريكية لإنخفاض آخر فى العام الدراسى 33/34 فمن 78 مدرسة فى العام الدراسى 27/1928 إلى 37 مدرسة فى العام الدراسى 33-134 أى وصلت نسبة الانخفاض %52.56.
ويبدو أن انخفاض عدد المدارس الأمريكية يرجع للحوداث التبشيرية الأمريكية فى مصر ونمو الشعور المصرى المعادى للتبشير، حيث انخفضت عدد المدارس الأمريكية فى عام 1928 وهو العام التى وقعت فيه حادثة القس زويمر، ثم انخفضت المدارس الأمريكية فى العام الدراسى 33/34 وهو العام الذى تلا حادثة الطالب عبدالقادر الحسينى وهجوم الصحافة المصرية على الجامعة الأمريكية والمدارس الأمريكية كأداة من أدوات التبشير الأمريكية فى مصر، وحافظت المدارس الأمريكية على عددها «37» مدرسة حتى عام 1952.
ونستطيع تقسيم الأمريكية إلى.. «1» المدارس الأمريكية بالقاهرة وسنأخذ مثالاً على ذلك كلية رمسيس للبنات بالقاهرة «2» «2» المدارس الأمريكية بالإسكندرية، وسنأخذ مثالا على ذلك مدرسة شوتس «3» المدارس الأمريكية بأسيوط وسنأخذ مثالاً على ذلك كلية أسيوط للبنين «4» المدارس الأمريكية بالأقاليم، وسنأخذ مثالاً على لذك المدرسة الأمريكية بالزقاويق.
1 - كلية رمسيس للبنات
الرئيس الأمريكى تيودور روزڤلت يحضر حفل افتتاح كلية رمسيس للبنات، فى الأزبكية بالقاهرة فى 28 مارس 1910.
نظراً لزيادة عدد الطالبات بمدرسة البنات بالأزبكية. وعدم قدرة القسم الداخلى على استيعاب المتقدمات له، إذ إن القسم كان يستوعب 80 طالبة فقط، فقد فكرت الإرسالية فى عام 1904 فى إقامة كلية جديدة للبنات بشارع رمسيس حالياً، وأعدت الرسومات الهندسية للمشروع، لكن التنفيذ كان يحتاج إلى مبلغ كبير من المال، فجمعت تبراعات من المصريين بلغت حوالى 6 آلاف دورلاً... «يتبع».