جهود مضنية بذلها قادة التحالف الانتخابى "فى حب مصر" لتكوين تحالف برلمانى يستهدف تكوين كتلة أغلبية متجانسة تضمن أداءً برلمانيًا متوازنًا فى ظل أزمة غياب كتلة واضحة للمعارضة، إلا أن الرياح لا تستجيب دائمًا لرغبات السفن، فما إن بدأت فكرة تحالف الأغلبية فى الظهور تحت مسمى "دعم الدولة"، أو "دعم مصر" حتى أصابها فيروس الانقسام والانشقاق بفعل عدم تجانس المتحالفين، وعدم وجود مبادئ حد أدنى للاتفاق عليها، مما يهدد تحول قاعة البرلمان إلى ما يشبه "سويقة الباعة الجائلين" كل ينادى على بضاعته.
غياب الكتل الثلاثة الكبرى (المصريين الأحرار ومستقبل وطن والوفد) عن التحالف سواء جاء هذا الغياب نتيجة الانسحاب أو الرفض، يؤكد على أن فكرة التحالف الاستراتيجى داخل البرلمان لا تلقى قبولا عند الغالبية ولا حتى عند التشكيلات التى تعانى من ضعف التمثيل فى البرلمان مثل حزب النور والنواب المستقلين، كما أننا لا يمكن أن نغفل المبررات التى ساقها الرافضون لهذا التحالف والتى تعددت ما بين الصراعات التقليدية على رئاسة اللجان النوعية، والرفض لعدم وجود مشروعية قانونية للتحالف ولا أجندة تشريعية واضحة، إلا أن أقوى المبررات منطقية هى المخاوف من أن تذوب الأحزاب والأشكال المختلفة داخل التحالف البرلمانى وتفقد هويتها وقدرتها على فرض أجندتها السياسية داخل البرلمان.
وتباينت حدة أسلوب الرفض للتحالف ما بين رفض هادئ وممنهج وهو ما عبر عنه السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، قائلاً: "لن نستطيع أن نقول إن ائتلاف دعم مصر سقط، فغايتهم كانت سامية، لكن الوسيلة التى استخدموها فى تشكيل الائتلاف كانت خاطئة"، مضيفًا: "نحن ضد أى سب أو تجريح أو هجوم ضد ائتلاف دعم مصر"، ورفض صاخب يميل لفتح صراع جديد وهو ما عبر عنه النائب عبد الرحيم على عندما أكد أنه سيرفع دعاوى قضائية ضد الائتلاف وسيواجهه تحت قبة البرلمان.
إلا أن الشاهد والواضح أن الرغبة فى التحالفات داخل البرلمان لم تتحل بالوعى السياسى لمفهوم الائتلافات والحدود الدنيا والعليا لها، وهو ما يعكس فقدان الخبرة السياسية بين نواب 2015 وضعفها مما ينذر بصورة مرتبكة للمشهد البرلمانى المقبل.