حضور رجال الأعمال الأفارقة فى منتدى أفريقيا 2016 الذى يعقد حاليا فى شرم الشيخ يفوق بكثير عدد رجال الأعمال المصريين المشاركين فى المنتدى، حسب كلام محمد فريد خميس، رئيس اتحاد المستثمرين، فالمشاركين 26 رجل أعمال من مصر فقط.
ماذا يعنى ذلك، هل هناك عدم اهتمام بالسوق الأفريقى الواعد والمفتوح على ذراعيه للمنتجات المصرية، أم ما زالت الصورة النمطية الساذجة عن دول القارة السوداء هى السائدة حتى لدى رجال الأعمال؟ بالتأكيد هناك معوقات ومشاكل كثيرة فى الاستثمار، وفى التبادل التجارى والنقل بين دول القارة، لكن المتابع للأوضاع حاليا فى عدد كبير من دول القارة يجد أن هناك نسب نمو اقتصادى لافتة وارتفاعا فى حجم الناتج المحلى، والدليل استحواذ استثمارات أخرى غير مصرية على هذه الأسواق، وإحجام رجال الأعمال المصريين عن السوق الأفريقى بالشكل المقنع، ترك هذه الأسواق فريسة أمام تركيا والصين وإسرائيل وإيران.
فى منتدى التكتلات الأفريقية الثلاث فى يونيو الماضى بشرم الشيخ أيضا سألت أحد رجال الأعمال الكبار، لماذا تخافون من الاستثمار فى أفريقيا؟ فرد بأن المشاكل كثيرة والضمانات قليلة، وعدد كبير من الدول الأفريقية تفتقر لقوانين الاستثمار بالإضافة إلى مشاكل النقل.
ما ذكره رجل الأعمال قد يكون حقيقيا وأمرا واقعا، لكن هناك دولا أخرى تعاملت مع «الأمر الواقع» فى أفريقيا لتحقيق مصالحها الاقتصادية وأغراضها السياسية، فأفريقيا من أكبر أسواق العالم وتضم سدس سكانه ومع ذلك- كما تقول الدكتورة أمانى عصفور، رئيس مجلس أعمال دول الكوميسا- يغيب اهتمام رجال الأعمال المصريين عنها، وهو ما فتح المجال أمام المستثمرين الصينيين والأتراك الذين بدأوا فى التوغل داخل القارة الأفريقية، والمنتجات الصينية والتركية هى الأكثر انتشارا فى السوق الأفريقية.
الاهتمام الرئاسى بعقد مؤتمرات للتجمعات الأفريقية الاقتصادية هدفه الرئيسى هو فتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية، دون جمارك وبتيسيرات كبيرة، وتشجيع القطاع الخاص المصرى للاستثمار فى أفريقيا، وترسيخ النظرة الأفريقية لمصر كمساهم رئيسى فى عملية التنمية بالقارة الأفريقية، وكبوابة جاذبة للاستثمارات الأجنبية التى تسعى إلى النفاذ إلى الأسواق الأفريقية، إضافة إلى سبل تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدول الأفريقية، والارتقاء بدور القطاع الخاص الأفريقى، وبناء شراكات بينه وبين الحكومات الأفريقية وشركاء التنمية الدوليين، خاصة فى ضوء تزايد الاهتمام الدولى بالاقتصاد الأفريقى، بعدما تعدى الناتج المحلى الإجمالى للقارة حاجز الـ2 تريليون دولار.
القضية تحتاج من القطاع الخاص المصرى إلى حسم أمره سريعا، فأفريقيا كعكعة اقتصادية مهولة تتسابق عليها دول كبرى وصغرى، والمعوقات والمشاكل المتراكمة للتنمية فى أفريقيا فى سبيلها للحل بالاتفاقيات الموقعة بين التجمعات الأفريقية الثلاث أو الـ8 للوصول إلى التكامل والتعاون الأفريقى الشامل، وفقا لأهداف الاتحاد الأفريقى.
الرئيس السيسى قال فى كلمته الافتتاحية: إن حجم استثماراتنا فى دول القارة أكثر من 8 مليارات دولار، ساهمت فى خلق عشرات الآلاف من فرص العمل، خاصة فى قطاعات التشييد والبنية التحتية، والطاقة، والتعدين، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لكن ربما يكون النصيب الأكبر لإحدى الشركات الحكومية، ونحن فى حاجة إلى تشجيع وتحفيز القطاع الخاص حتى نحصل على نصيب أكبر من كعكة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أفريقا، التى تقدر بحوالى 128 مليار دولار العام الماضى بزيادة %36 عن العام 2014، بما يعنى أن دول القارة الأفريقية هى أكثر مناطق الأعمال نموا فى العالم.
أفريقيا ما زالت تحتاج الكثير من الاهتمام والجهد منا، فقد عادت مصر سياسيا وبشكل تدريجى من بعد 30 يونيو، والمطلوب العودة اقتصاديا وثقافيا وأمنيا أيضا بشكل سريع.