عندما أعلن الشيخ محمد بن راشد حاكم دبى رئيس وزراء الإمارات عن تعيين وزير للسعادة، ضمن حكومة الإمارات انطلقت حملات التأييد والإعجاب من المصريين على فيس بوك وتويتر بالقرار وبن راشد وعقليته وتفكيره الذى يسبق عصره، بالتأكيد قرار بن راشد يستحق الإشادة والإعجاب، لكن الغريب أن من أطلقوا حملات وهاشتاجات الإعجاب بحاكم دبى هم أنفسهم من كانوا يسخرون ويرفضون خطوة الرئيس السيسى بتشكيل لجنة للأخلاق وتنمية الضمير، رغم أن الأخوة فى الإمارات لا يحتاجون من يحقق لهم السعادة بينما المصريون يحتاجون بشدة لمن يعيد إلى مجتمعهم الأخلاق والقيم، لكن هذه عاداتنا كمصريين لا يعجبنا إلا ما يأتى إلينا من الخارج، ولو عين السيسى وزيرًا للسعادة الآن سيراه هؤلاء أفضل قرار لأنه سار على نهج دبى، لكن أن يكون لنا منهج أو رؤية مصرية خاصة تتعامل مع مشاكلنا وفق ظروفنا وطبيعتها فهذا لا يقتنع به الأخوة من أصحاب الفكر الراقى المسيطرون على وسائل التواصل الاجتماعى والمنابر الإعلامية.
فكرة لجنة الضمير التى هاجمها هؤلاء بعنف كانت من طرح علماء المجلس الاستشارى لعلماء مصر وقبلها الرئيس وتحمس لها، لأنها خرجت من شخصيات لهم قيمة ومكانة دولية، علماء يدركون أن مشكلة مصر الأخطر الآن فى غياب الضمير وتراجع الأخلاق وقيم العمل والانتماء، وبخبراتهم الدولية يعرفون أن أساس تقدم الأوطان هو الارتباط بمنظومة من القيم والأخلاق تمثل حافزًا ووازعًا لمزيد من العمل والإنتاج، ومكافحة الفساد ونشر الرُقى والتحضر فى كل مناحى الحياة سواء فى الشارع المصرى أو على المستويين الثقافى والأدبى، لكن لأن الفكرة ارتبطت باسم السيسى كانت حملات الهجوم عليها من كل اتجاه.
ما جعلنى أتذكر هذه الحملات الرافضة والمستنكرة للجنة الضمير الآن هو حالة السخرية التى ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعى بعد حديث الرئيس عن فكرة إمكانية أن يتبرع كل مواطن لبلده ولو بجنيه واحد كل يوم عبر المحمول، صبح على مصر بجنيه واحد، حتى وصل الحال بالبعض إلى الانتقال من مهاجمة الفكرة إلى تسفيهها بشكل غير لائق.
بالتأكيد من حق كل مواطن أن يختلف مع أى فكرة يطرحها الرئيس أو حتى يرفضها تمامًا، فما يقوله ليس مقدسًا ومعارضته ليست كفرًا ولا خروجًا عن الوطنية، وأنا شخصيًا اختلفت مع كثير مما طرحه فى خطب ومناسبات عديدة، وربما أكون مختلفًا مع فكرة الجنيه أو طريقة طرحها، لكن فارق كبير بين الرفض أو الاختلاف مع الفكرة وبين حملات السخرية الجارحة والتى تتجاوز الرئيس أحيانًا لتنال من الدولة نفسها وتظهرنا أمام العالم وكأننا شعب غير متماسك ولا تشغله بلده ولا يسعى لمساندتها للخروج من محنتها، ومعجب باستمرار حالة الفوضى التى تعانى منها.
يمكن أن نرى فكرة، صبح على مصر، غير مناسبة، أو نرفضها، لكن من الضرورى مع الرفض بدلاً من السخرية التى لن تفيد بلدنا أن يقدم كل واحد منا البديل الذى يراه أفضل لدعم مصر، سيبك من التصبيحة بجنيه واختار أنت كيف يمكن أن تصبح على مصر بطريقتك الخاصة وبما يناسب ظروفك وإمكانياتك، إن لم يكن بالتبرع فليكن بتغيير سلوك أو تقديم مبادرة مبتكرة، فالقضية يجب أن تكون مصر وليس السيسى، ولنختلف مع الرئيس كما نشاء لكن لا يجب أن نختلف على مصر التى تحتاج فعلاً من يعيد لأهلها أخلاقهم ويدعم اقتصادها.