ليست معركة الجيش والشرطة فقط، بل مصر كلها والمصريين جميعاً، وحينما يدرك الجبناء أن نموذج حلوان يمكن أن يتكرر، سيفكرون ألف مرة قبل الإقدام على جرائمهم الإرهابية، فالمواطن الشجاع الذى انقض على الإرهابى كان يمثل مصر كلها، التى ضاقت ذرعاً بأحط أنواع البشر، بالأمس قتلوا الأبرياء فى مسجد الروضة، والآن فى كنيسة حلوان، لم يردعهم أذان أو ترانيم، ومن حق الناس أن يتساءلوا: «طيب فاضل إيه»؟.
بداية الانتصار الحقيقى على الإرهاب، هو أن نصدر للإرهابيين الخوف والذعر، وأن يتأكدوا أن طريقهم إلى أهدافهم لن يكون مفروشاً بالصمت والتخاذل، وإنما بالتصدى والمقاومة، وأنهم لن يخرجوا أبداً سالمين من مسرح الجريمة، وأن المصريين يقفون وراء الجيش والشرطة، لأنهم أدركوا أن الحرب القذرة تستهدفهم، وأن مستقبل وطنهم لن يكون آمناً إلا إذا طهَّروا بلادهم من الإرهاب.
ليست حرباً موجهة ضد الكنائس، وإلا لماذا فجَّروا المساجد وقتلوا المصلين بعد صلاة الجمعة، وليس الأقباط وحدهم المستهدفون، فالضحايا من المسلمين أضعاف من سقطوا من المسيحيين، ورصاص الغدر لا يفرق بين الديانات، فكما قتلوا محمد وعلى ومحمود وعبدالله وهم على سجادة الصلاة، قتلوا أيضاً جرجس وعبدالمسيح وحنا فى الكنيسة، مصر كلها مستهدفة وشعبها كله فى مرمى نيران الغدر.
بداية الانتصار على الإرهاب كانت فى صيحة أمام مسجد حلوان، منادياً المسلمين أن يهبوا لحماية إخوانهم الأقباط ويدافعوا عن الكنيسة، فهذه هى مصر التى لم تعرف التعصب والتفرقة، إلا حين حطت هذه الجماعات الدموية أرض البلاد، لقد تعاهد شعبها بمسلميه ومسيحييه أن يكونوا يداً واحدة دفاعاً عن بلادهم، واختلطت دماؤهم الطاهرة دفاعاً عن الوطن فى حرب أكتوبر، أعظم الحروب فى تاريخ العرب، إنها مصر التى تلفظ إرهابهم.
الأقباط ليسوا وحدهم المستهدفين، ومن يروِّج ذلك لا يخدم أبداً القضية الوطنية، التى تقتضى الحفاظ على وحدة الصف فى مواجهة الخطر الأكبر، فهذه الجماعات الإرهابية أراقت من دماء المسلمين بحوراً، ولم ترق قطرة دم واحدة من دماء أعداء المسلمين، وتحالفت مع الشيطان ضد أوطانهم ومواطنيهم، وأصبحوا كالوباء الذى ينتشر فى الجسد فيصيبه بالتقرح والوهن.
بداية الانتصار على الإرهاب حين تترسخ لدى المصريين عقيدة أنهم خط الدفاع الأول فى الحرب ضد الإرهاب، وأنهم عيون الوطن والجيش والشرطة الساهرين على حماية بلادهم، وإذا أدرك الإرهابى أنه لن يتجول بحرية فى الشوارع، وأن الآلاف والملايين لن يتركوه، فلن يجرؤ خائن على ارتكاب جريمته.