من الواضح أن المثقفين والكتاب فى مصر يصرون على تقديم أنفسهم بشكل غير جيد. فيتصارعون ويختلفون طوال الوقت، ورغم حديثهم الدائم عن الوعى والتخطيط السليم يسقطون فى عشوائية التفكير، وتصبح الذاتية أمرًا أساسيًا فى إدارة أزماتهم التى غالبا ما تزداد سوءا بسبب الشخصنة، وينتهى الأمر بأن تصبح صورة المثقفين أكثر سلبية لدى الشارع.
وانطلاقًا من ذلك أصبحنا مدركين تمامًا أن هناك شيئًا ما غير منضبط يحدث فى مجلس اتحاد كتاب مصر الحالى، برئاسة الدكتور علاء عبدالهادى، فالانتخابات التى جاءت بأعضاء المجلس منذ 10 أشهر تقريبًا كانت كافية لتصل إدارة الاتحاد لمرحلة النهاية سريعًا بعد كم كبير من الاستقالات، وبعد بيان سحب الثقة من رئيس الاتحاد.
فى الحقيقة أحزننا ذلك، لكنه لم يفاجئنا أبدًا، فليس هناك جديد، فكثير من المؤسسات الثقافية تسقط سريعًا فى الصراع بسبب الفردية، والرفض العنيف والحاد، وظن امتلاك الحقيقة المطلقة، وهذه الطريقة المخزية توجد عادة فى كل المؤسسات والنقابات المتعلقة بالشأن الثقافى.
والذى يريد أن يتأكد من كون الصراع داخل الاتحاد لا علاقة له بالمصلحة العامة عليه أن يتابع الأحداث منذ بدايتها بعد أن قرر الكاتب محمد سلماوى عدم الترشح لرئاسة الاتحاد مرة أخرى، وجاء بعد ذلك علاء عبدالهادى رئيسًا، وبدأ الاختلاف الصعب والقاسى، وكانت البداية عندما تشاجر الدكتور أسامة أبوطالب مع «عبدالهادى»، وترتبت على ذلك استقالة أبوطالب، وبعدها استقال الدكتور صلاح الراوى، ثم جاءت استقالة هالة فهمى لتفتح باب العلانية فى نقد تصرفات المجلس، وذلك لكونها شرحت فى هذه الاستقالة أسباب هذا الفعل الذى قامت به، وأرجعته فى معظمه لأسباب تتعلق بقلة فاعلية الاتحاد، وغياب التنسيق الداخلى بين أفراده، وتبادل الاتهامات، وانتهى الأمر بادعاءات تزوير محاضر الاجتماعات، ثم توالت التداعيات، وتقدم 7 من أعضاء المجلس يوم الخميس الماضى باستقالتهم، وتبع ذلك بيان من الأعضاء بسحب الثقة من علاء عبدالهادى.
وحتى نكون منصفين، فإن الجميع مخطئون، الرئيس وأعضاء المجلس، فعلاء عبدالهادى يهدد دائمًا فى حالة أى خلاف داخل الاتحاد بأن هناك أعضاء ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبأن البعض الآخر انتهازيون، وهو ما يعتبره البعض لا يجوز، فليس معنى الاختلاف أن تتهم وتدين أعضاء المجلس بهذه الطريقة، كما أن هناك بعض الشخصيات علاقتهم بـ«عبدالهادى» غير طيبة، لذا يريدون أن يشعلوا الأمر دائمًا.
من الواضح أن المثقفين عجزوا عن حل مشكلاتهم، وتربص الأنظمة بهم فصنعوا لأنفسهم مشكلات أخرى جديدة يضيعون فيها وقتهم.