هل يشارك شبابنا بالخارج فى مبادرة المشروعات الصغيرة؟.. اهتمام الدولة بالمشروعات الصغيرة لا يخفى على أحد، خاصة بعدما رأى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العديد من الدول التى زارها كيف ساهمت هذه المشروعات فى الارتقاء الاقتصادى والصناعى لهذه الدول، ومن بينها بالطبع الصين وسنغافورة وإندونيسيا، لذلك جاءت مبادرة الرئيس للاهتمام بهذه المشروعات من خلال حث البنك المركزى على تخصيص 200 مليار جنيه من القروض التى تمنحها البنوك الحكومية للمشروعات الصغيرة، وزاد على ذلك برؤية خاصة شرحها تفصيلاً خلال إطلاقه استراتيجية التنمية المستدامة «مصر 2030» الأربعاء الماضى، حينما أكد لمحافظ البنك المركزى، طارق عامر، وللحكومة أيضًا أهمية ألا تقتصر العلاقة بين المستثمرين الشباب والبنوك المصرية على عملية التمويل فقط، إنما يتعين أن تمتد لتشمل التعاون مع مختلف جهات الدولة المعنية لتوفير المنشآت والمعدات اللازمة لتشغيل تلك المشروعات، لاسيما بالنسبة لمدينة الأثاث بدمياط، ومجمع الجلود بمنطقة الروبيكى، وآخر للسجاد فى كرداسة، وذلك ضمانًا لنجاح تلك المشروعات، وتوفيرًا للوقت والجهد.
لدى الرئيس فكرة كاملة عن هذه المبادرة، ويأمل أن تأخذ الحكومة المبادرة بشكل سريع، وتقوم بالتنفيذ حتى توفر الوقت والجهد على الشباب، لأن إنشاء مدن متكاملة للمشروعات الصغيرة- وفقًا لما طرحه الرئيس- سيحقق أكثر من هدف، أهمها أن الشباب سيتسلمون مشروعات جاهزة للعمل الفورى، ولن يدخلوا فى التعقيدات الإدارية والبيروقراطية القاتلة، كما أن تدخل الحكومة فى عملية البناء واستيراد الآلات سيوفر وقتًا وجهدًا وأموالًا على الشاب الذى سيتسلم مشروعه وفقًا لتكلفة شاملة تحددها الدولة، وتتحملها البنوك وفقًا لمبادرة الـ200 مليار جنيه، لتبدأ بعد ذلك العلاقة بين الشاب والبنك الذى سيدفع تكلفة المشروع للحكومة بعد توقيع عقد القرض مع الشاب.
هذا هو ملخص المبادرة التى يتحمس لها الرئيس السيسى، بل إنه يضعها على رأس أولوياته، وأعتقد أن الرئيس لن يمل فى السؤال عن آخر المستجدات فى المدن الصناعية التى ستحتوى هذه المشروعات إلى أن ترى هذه المدن النور فى خلال مدة يراها الرئيس قريبة ربما لا تتجاوز العام.
مبادرة المشروعات الصغيرة لاقت بالفعل استجابة واسعة من الشباب، خاصة فى الداخل، لكن فى الخارج أيضًا كان التفاعل معها لا يقل حماسة عن الداخل، فهناك عدد لا يستهان به من الشباب المصرى الموجودين بالخارج لديهم أمل فى أن يلحقوا بهذه المبادرة، لكنهم يحتاجون لمعلومات عنها، وهل من حقهم المشاركة أم لا، أحدهم «إسلام اخوات»، الشاب المصرى المقيم بولاية ديلاوير بالولايات المتحدة، والذى أكد تفاعله مع المبادرة، لكنه يريد توسيعها لتشمل الجاليات المصرية بالخارج، مقترحًا أن تقوم الحكومة، ممثلة فى وزارة الاستثمار، بشرح المبادرة والمشروعات المقترحة بشكل مبدئى حتى يتسنى للمصريين فى الخارج المشاركة فيها.
«إسلام اخوات» قال إن مشاركة المصريين فى الخارج ستحقق العديد من الفوائد، منها زيادة الارتباط بينهم وبين بلدهم، فضلاً على ضخ العملة الصعبة فى السوق المصرية، لأن مشاركة المصريين فى الخارج ستكون من خلال عملة الدولة الموجودين بها، فعلى سبيل المثال، الموجود فى الولايات المتحدة سيدفع قيمة المشروع الذى سيشارك فيه بالدولار، بما يساعد على توفير العملة الصعبة فى السوق المصرية، معتبرًا أن هذه الطريقة أفضل من المقترحات التى قيلت مؤخرًا، ومنها بالطبع تبرع كل مصرى فى الخارج بـ200 دولار للدولة المصرية.
اقتراح «إسلام» يستحق من الحكومة الاهتمام والدراسة، لأنه سيحقق فوائد عدة حال تنفيذه، وكل ما هو مطلوب الآن أن تخصص وزارة الاستثمار جزءًا من خطتها الترويجية فى الخارج لجذب الاستثمارات الأجنبية، وأن تخصص جزءًا منها للجاليات المصرية، وتحديدًا الشباب، من خلال مؤتمرات تعريفية بالفرص الموجودة، خاصة أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الشباب لديهم الرغبة فى الاستثمار بمصر لكنهم بحاجة لمن يطمئنهم، ويحدد لهم الطريق الذى سيسلكونه، مع الأخذ فى الاعتبار أن عددًا كبيرًا منهم مازال يتشكك فى قدرة الحكومة للقضاء على البيروقراطية، والالتزام بفكرة الشباك الواحد، ولكى نزيل هذه الشكوك، على الحكومة أن تبذل جهدًا فى التواصل معهم لتشرح لهم ما يحدث فى مصر حاليًا، والبنية التشريعية الموجودة، وللتحاور معهم حول مخاوفهم وشكوكهم.
هذه فكرة مطروحة أمام رئاسة الجمهورية والحكومة ووزارة الاستثمار، قد تكون مفيدة، خاصة أن حماس شبابنا بالخارج يفوق كل التوقعات، ويجب أن نستفيد منهم حتى لا نهدر هذه الطاقات المليئة بحب مصر، والراغبة فى العمل بكل ما لديها من طاقة لإفادة البلد.