معضلة "الحريف" المصري.. أو أزمة ما بعد السوكسية! (تحليل)


هو مرض كروي مصري أصيل، يصيب اللاعبين "الحريفة" ويشوّه موهبتهم!

أطلقُ عليه مجازًا "ارتباك ما بعد المراوغة الأولى".. أو أزمة "ما بعد السوكسيه" ومن اسمه يسهل شرحه!

الحديث عن اللاعبين "الحريفة" يجرنا دائمًا إلى الثنائية الشهيرة الفردية والجماعية، هل اللاعب "أناني" يلعب لنفسه أم يلعب لمصلحة الفريق ومتى تكون الأنانية فعلاً حميدًا في الكرة ومتى تُحرّم إلى غير ذلك من الاكليشيهات والأحاديث المكررة!

هذه الدائرة، تحتاج أن تتسع قليلاً، ليكون السؤال هل اللاعبون الموهوبون، وأخص المصريين، يفكرون قبل أن تأتيهم الكرة؟ وفيم يفكرون؟

نظرة سريعة على لاعبي الدوري المصري "الحريفة" ستعرف من خلالها الإجابة، يفكر أغلبهم في المراوغة أولاً ثم "اللا شيء" ثانيًا!

بعد أن يجتاز اللاعب الحريف أول خصم، وحين تنجح مراوغته الأولى تبدأ أعراض المرض في الظهور، ارتباك ما بعد المراوغة الأولى، أو مرحلة ما بعد "السوكسيه"..

قد يكون هذا الارتباك بديهيًا حين نتحدث عن مدافع، أو لاعب وسط مدافع، إذا تحدثنا مثلاً عن حمادة طلبة أو حسام عاشور أو غيرهما، فبديهي أن يشعر كل منهم بالارتباك بعد المراوغة الأولى لأنها غير معتادة منهم، لكن حين يتعلق الأمر بـ"الحريفة" يبدو غريبًا.

"يبرمج" الحريف المصري نفسه، غالبًا، على مجموعة من المراوغات، مُخزنة في عقله، يستدعيها فور وصول الكرة إليه، لا يفلح كثير منها لكن حين يمر من الخصم يبدأ الارتباك!

لماذا يسقط مثلاً أيمن حفني على الأرض بعد أغلب مراوغاته الناجحة، ليس بسبب ضعف بنيته لأنه يسقط غالبًا قبل الالتحام، وليس بسبب رغبته في الحصول على مخالفات من الخصم، ولماذا تأتي جل تمريراته التالية للمراوغات الناجحة غير دقيقة ومباراة "بجاية" خير شاهد على ذلك، ليس لأنه لا يجيد التمرير.. ببساطة "انتهت مهمته".. برمج حفني، وغيره، أنفسهم على أن يكون هدفهم هو المراوغة فقط فإن نجحت فقد تحقق هدفهم وإن لم تنجح أعادوا الكرّة مجددًا!

ما بعد المراوغة مُربك لهم لأن النجاح والفشل مقياسه لديهم هو نجاح المراوغة، ولا تتعجب حين ترى لاعبًا يحاول المراوغة في الدقائق الأخيرة من المباراة وفريقه متأخر بهدف وفي أشد الحاجة للوصول لمرمى الخصم بأسهل الطرق!

شاهد آخر على أنهم لا يفكرون إلا في المراوغة فقط، تراه في أعينهم ، أين ينظر هذا النوع من اللاعبين حين تأتيه الكرة، لماذا لا يرفع لاعب مثل علاء علي (طلائع الجيش) وإبراهيم حسن (الإسماعيلي) وغيرهما رأسه للأعلى حين يتسلم الكرة.. لأنه ببساطة اتخذ قرارًا مسبقًا بالمراوغة، ينظر للأرض مع وصول الكرة بين قدميه ولا يرفع وجهه لمتابعة تحركات زملائه إلا حين تُغلق أمامه كل الطرق وبين لحظة رفع رأسه للاعلي ومحاولة اتخاذ قرار بالتمرير يسهل "قطع" الكرة منه!

معضلة الحريف المصري لا تتمثل في ضعف موهبته أو عجزه عن المرور من منافسيه بالعكس فقائمة "الحريفة" المصريين طويلة للغاية، وهي أيضًا ليست، فقط، أزمة الأنانية والرغبة في إظهار القدرات الفردية في مقابل اللعب الجماعي الجميل، ففي أحيان كثيرة تكون الفردية الخيار الأمثل.. لكنها أزمة "عقول" تم برمجتها، منذ مراحل الناشئين على قرارات محددة، عقول تتخذ قرارا واحدًا قبل أن تصل الكرة أقدام اللاعب ثم تتعطل بشكل أوتوماتيكي بعد نجاح المراوغة الاولى.

على الهامش.. قيمة "الكباري" و"التشميس" ومحاولة تسجيل أهداف "جميلة" لم تتعاظم إلى هذا الحد إلا في السنوات السوداء الأخيرة التي غابت فيها الجماهير عن الملاعب فصارت مكافأة اللاعب الموهوب يتلقاها افتراضيًا بفيديو لأبرز لمساته من متعصبين يسبغون الألقاب على لاعبيهم مثل "الحراق" و"الحاوي".. إلخ دون الاكتراث بجدوى هذه المراوغات ودون الانتباه إلى أن الجماهير "الأصيلة" حال تواجدها في المدرجات لم تكن لتترك "حراقها" ولا "حاويها" يعبث بالكرة ويحاول تكرار مراوغاته العبثية دون جدوى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;