أرست المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العنين، نائب رئيس مجلس الدولة مبدا قضائيا هاما، أكدت فيه على أن الإضراب حق لا يجوز العقاب على استعماله حتى ولو لم ينظمه المشرع، وأصدرت حكمها ببراءة 17 موظفا بهيئة البريد بمكتب بريد أشمون من تهمة الإضراب عن العمل فى فبراير 2014.
صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور أبو العنين وعضوية المستشارين الدكتور حسني درويش والمستشار عبد الفتاح الكاشف و المستشار اسامة حسنين والمستشار سعيد عبد الستار والمستشار هشام عزب نواب رئيس مجلس الدولة وحضور مفوض الدولة المستشار جوزيف ناجح وكيل مجلس الدولة.
وناشدت المحكمة المشرع المتمثل في مجلس النواب، التدخل لتنظيم هذا الحق في قانون الخدمة المدنية حيث ان قانون العمل تضمن تنظيما لهذا الحق فأصبح واجبا علي المشرع التدخل لتنظيم هذا الحق في نطاق الخدمة المدنية علي نحو يضمن التوازن بين هذا الحق وعدم اساءة استعماله او الانتقاص منه من ناحية وبين دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد.
وسبق لـ "انفراد" أن أجرت تحقيقا قضائيا، كشفت فيه عن الفراغ التشريعي بقانون الخدمة المدنية لعدم تنظيمه حق الإضراب بالنسبة لموظفي الدولة، في الوقت الذى نظمه قانون العمل للعمال والعاملين بالقطاع الخاص.
ذكرت المحكمة فى حيثيات حكمها أن حق الإضراب نص عليه الدستور في المادة (15) منه وأوجب علي المشرع تنظيم هذا الحق إلا أن المشرع لم يتدخل لتنظيم الاضراب في المرافق العامة أو فى نطاق الوظيفة العامة بصفة عامة وكان يجب علية التدخل بالتنظيم في قانون الخدمة المدنية فإذا لم يفعل وتبين من الاوراق ان الموظفين المتهمين لم يتجاوزوا حدود استعمال هذا الحق وقاموا بالإضراب لمطالب وظيفية مشروعة منها زيادة البدلات والحوافز ، وقد استجابت لهم جهة الادارة فعلا وقامت بزيادة الحوافز واحتسبت ايام الاضراب اجازة اعتيادية من رصيد اجازاتهم فلا يمكن مجازاتهم عن استعمال حق قرره الدستور وهو حق الاضراب ، حيث لم يتم اساءة استعمال هذا الحق من قبل الموظفين ، فقد ثبت ان الاضراب كان جزئيا ولم يكن كليا وكانت اعمال المكتب تسير بصورة عادية وشهدت الادارة ان الاضراب كان مهنيا ولم يكن له علاقة بأي تنظيم سياسي ، وعليه فلا وجه لمساءلتهم تأديبيا عنه .
وقالت إلى حين ان يتدخل المشرع بهذا التنظيم فإن المحكمة تري ان الضوابط الاساسية للإضراب السلمي غير المعاقب علية تدور حول عدة قواعد وأسس منها ان تكون المطالب التي نظم الاضراب من اجلها مطالب مشروعة ترتبط بالوظيفة العامة وليست لها صبغة سياسية ويتعين لجوء الموظف الي جهة الادارة اولا بالوسائل القانونية المشروعة كالتظلم ومخاطبة السلطات العامة لتنفيذ هذه المطالب وان تتم المفاوضة حولها وان يتم اخطار الجهة الادارية بالإضراب قبل الشروع فيه بوقت كاف وان تعطي الجهة الادارية مهلة لبحث هذه المطالب والرد عليها وان يبدأ الاضراب بصورة متدرجة بأن يكون جزئيا قبل ان يكون اضرابا شاملا وان تكون هناك بدائل لمعالجة الحالات المستعجلة التي لا يجوز تجاهلها بالإضراب حتى لا تتعطل مصالح المواطنين.
وأشارت إلى ان المشرع له أن يحدد الوظائف التي يمتنع فيها الاضراب لمساسها بسير المرافق العامة وبمصالح المواطنين مساسا مباشرا فإذا التزم العمل بهذة الضوابط والأصول العامة عند ممارسته لحق الاضراب ولم يرتبط الاضراب بأي نوع من انواع العنف فلا يجوز معاقبة الموظف علي هذا الحق الذي اباحة له الدستور ولا يجوز القول بأنه مادام المشرع لم ينظم هذا الحق تعين وقف استعماله لأن في ذلك مصادرة لحق نص عليه الدستور وهذا لا يجوز .