"نشترى مليون دينار عراقى ملغى".. هكذا يجرى الإعلان عن جمع العملات العربية الملغاة سواء كانت دينارًا عراقيًا أو كويتيًا عبر لافتة صغيرة توضع فى أماكن يجرى اختيارها بعناية داخل عدد من الأحياء والميادين المهمة، ومنها العجوزة، الدقى، الخلفاوى، مرفقة برقم هاتف يتم التواصل من خلاله دون الكشف عن هوية مالكه.
اللافتة الصغيرة دفعت الكثير للتساؤل عن سبب وجود سوق لبيع العملات الملغاة، وما الفائدة التى ستعود على القائمين بشراء عملات غير قابلة للصرف ولا يوجد لها قيمة نقدية؟!
رحلة البحث عن اللافتات
فى منطقة شبرا والساحل سجلت هذه اللافتات حضورًا قويًا، ولكنها اختفت منه بشكل كامل خلال الأيام الماضية دون سبب واضح .
"مسمعناش عنها قبل كده ومش عاوزين مشاكل".. هكذا كانت أغلب إجابات المارة والعاملين فى هذه المنطقة، والذين أكدوا عدم معرفتهم بهذه اللافتات، بينما أكد مالك أحد الأكشاك أن هناك بعض الصبية شاهدهم منذ فترة يعلمون على إزالة اللافتات من الشوارع، وبعد فترة من البحث تم الوصول إلى مصدر هذه اللافتات عبر أحد السائقين فى شركة للنقل السياحى، باعتباره من المتعاملين السابقين مع ذلك المكتب - على حد وصفه.
الوصول للمصدر
محل صغير فى نهاية شارع منية السيرج الواصل بين حى شبرا والخلفاوى، دونت على واجهته "الخد لشراء العملات الملغية المصرى والخليجى".."بشترى كل العملات الملغية ما عدا البرازيلى".. هكذا بدأ مالك المحل حديثه الذى عرف نفسه باسم "محمد"، وقال: "نشترى أى كمية من العملات الملغية لكافة الدول وبالأخص العراقى التى يستبدل المليون دينار عراقى مقابل 11 ألف جنيه مصرى، والتى ترتفع قيمتها مع زيادة المبلغ المعروض، أو بحسب ما عبر مالك المحل السابق: "السعر هيزيد كل ما المبلغ يزيد ولو قدرت تجيب زباين تانية نسبتك محفوظة".
وعن سبب قيامه بجمع العملات الملغاة، قال: "العملة الملغية ملهاش طلب معاك ولا مع غيرك بس إحنا بنستفيد بيها وبنخلص من خلالها مصالح".. وتابع: "أنت ليك أنك تاخد فلوسك وخلاص".
لم تكن اللافتات هى المصدر الوحيد للبحث عن العملات الملغاة بل نشطت مجموعات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث تم تدشين عدد من الصفحات على الـ"فيس بوك"، لذلك الغرض.
عملة تذكارية
"عملات تذكارية".. هكذا كان التصور الأولى من جانب محمد فتحى الرئيس السابق لمصلحة الخزانة العامة، الذى فسر سبب الإقبال على شراء العملات الملغاة بأنها تأتى ضمن نشاط بيع العملات التذكارية التاريخية لهواة جمع العملة.
إعادتها للبنك المركزى
بينما كشف المهندس مجدى حنفى أحد هواة جمع العملات، عن سبب آخر لهذه التجارة، وهى قدرة جامعى العملات الملغاة على تحويلها إلى عملات نقدية سارية، وذلك عبر البنوك المحلية التابعة لها.
وهو ما شرحه بقوله: "عملة الـ10 جنيهات الملغاة لا قيمة لها ولا يمكن صرفها ولكن يمكن استبدالها عن طريق البنك المركزى، وهو ما ينطبق على هذه العملات الملغاة التى يتم استبدلها بأخرى سارية، ولكن من البنوك المحلية التابعة لها.
ابحث عن الفضة
"تجارة الفضة هى السبب".. هكذا كشف الدكتور حمادة صلاح خبير المحاكم الاقتصادية لشئون الملكية الفكرية بوزارة العدل، السبب الحقيقى وراء التكالب على شراء العملات العربية الملغاة بقوله: "إن هذه العملات تحتوى أجزاء منها على معادن هامة، ومنها الفضة، لذلك يعمل بعض الأفراد على جمعها والقيام بعملية إعادة تدوير لها من أجل استخلاص هذه المعادن، وبيعها بعد ذلك، لافتًا على أن المليون دينار عراقى من الممكن أن يحقق مكسبًا صافيًا بعد استخلاص الفضة منه بقيمة تتراوح من 200 إلى 250 ألف جنيه.
وأكد، أنه لا يمكن التسليم بالرأى القائل بإمكانية إعادة هذه النقود للبنوك المحلية التابعة مرة أخرى، لأن العملات عندما يجرى إلغاؤها يصدر بها قرار من البنك المركزى ولا يمكن التعامل عليها مرة أخرى.