خالد صلاح يكتب: ملاحظات على سفر الآثار

أسأل فقط.. هل نحب أن تكون صور الصفحات الأولى للجرائد العالمية عن أسرار الهرم الأكبر وعن آثار مصر ومعارضها فى الخارج، أم تكون الصورة عن أيمن الظواهرى وهو يهدد ويتوعد المصريين والعالم بالإرهاب والعنف والدماء؟ أسأل فقط.. هل نحب أن نرسم صورة مصر فى الخارج على أساس دولة الحضارة والرقى والعلم والمعرفة من خلال معارض الآثار الخارجية، وسباق المتاحف على عرض تاريخ الحضارة المصرية، أم أن تبقى صورة مصر حبيسة المواجهات المسلحة والمشكلات الاقتصادية وقضايا الاضطرابات فى الشرق الأوسط؟ أتفهم كثيرا من المخاوف التى يعلنها مثقفون أو برلمانيون أو كتاب رأى حول سفر الآثار المصرية فى معارض خارجية، أتفهم ذلك طبعا، ولا أشك فى نواياهم الطيبة لحماية الآثار المصرية، لكننى على جانب آخر لا أستطيع أن أتجاهل حجم الدعاية التى ترافق سفر هذه الآثار للخارج، ولا أستطيع أن أغض الطرف عن هذه الإعلانات المجانية عن مصر والتى لا نبذل فيها جهدا ولا ندفع فيها درهما ولا دينارا، ولا يمكننى أن أتعامل مع سفر الآثار بمنطق «هنكسب كام فلوس؟»، أو «خايفين أحسن الآثار بتاعتنا تتكسر أو تضيع»!! هذه التبريرات لرفض سفر الآثار مضحكة فى الحقيقة، فالآثار المصرية تتعرض لعمليات تهريب مستمرة لا علاقة لها بالمعارض من الأساس، ولم نعرف، فيما نعرف، أن أثرا مصريا ضاع أو انكسر خلال وجوده فى أى معرض فى الخارج، كما تعرف أنت طبعا أن هذه الآثار تخرج بوثائق تأمين هائلة على كل مسار الرحلة وعلى كل القطع الأثرية المسافرة إلى الخارج. وربما تعرف أنت أيضا أن أكبر متاحف العالم تعتمد بالأساس على الآثار المصرية، وأن كثيرا من قرارات السفر إلى مصر للسياحة يتخذها الزائرون لمتاحف دولية تضم قطعا أثرية مصرية، أكبر أجنحة اللوفر فى باريس هى للآثار المصرية، والأمر نفسه فى متاحف ألمانيا وبريطانيا. سفر الآثار منافعه أكثر من آثامه، وخيره أعظم من شره.. مصر من وراء القصد.