كان اليوم جمعة «23 فبراير 1968»، والأنظار تتجه إلى غد، السبت 24 فبراير، بما سيحدث فيه، حيث سيعود الطلاب إلى جامعاتهم بعد يومين إجازة، تاليين ليوم شهد مظاهرات عمال حلوان وطلاب جامعة القاهرة، احتجاجًا على ضعف الأحكام الصادرة ضد قادة الطيران فى نكسة 5 يونيو 1967 «راجع: ذات يوم 22،21،20 فبراير 2018».
كانت أجهزة الدولة المصرية تترقب، وقيادات الطلاب تضع لمساتها، ويقدم أحمد شرف، الطالب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أحد قيادات هذه المظاهرات، بالإضافة إلى عضويته فى منظمة الشباب، صورة لما حدث فى يوم 23 فبراير «مثل هذا اليوم» على جبهتى منظمة الشباب، والطلاب.
يذكر «شرف» أنه يوم 21 فبراير، وبعد انتهاء المظاهرات، اجتمع مع قيادات فى المنظمة، وتواصل الاجتماع فى اليوم التالى، الخميس 22 فبراير، مع أحمد كامل، أمين الشباب، ثم اجتماعه مع سكرتارية اللجنة المركزية فى المنظمة برئاسة عادل عبدالفتاح، وحضره عزت عبدالنبى، هاشم العشيرى، كمال قشيش، عباس الدندراوى، وكان كل منهم سكرتيرًا لنشاط مهم، مثل التنظيم والاتصال بالمحافظات، وحسبما يؤكد فإنه وجد تركيز هؤلاء على كيفية منع خروج المظاهرات من الجامعة إلى الشارع، وحاول إقناعهم بانهيار جدار الصمت، لكن عادل عبدالفتاح رد عليه بأن تجربة الأربعاء، 21 فبراير، ساعدت فى إيقاظ القوى النائمة المعادية للثورة، فرد «شرف» شارحًا أن الجامعة مثل باقى قطاعات المجتمع تضم أكثر من اتجاه، وأن الكتلة الرئيسية الجماهيرية كتلة غير مسيسة، ولكنها كتلة وطنية، وهى الحاضنة للاتجاه الثورى.
ويؤكد «شرف» أن كلامه لم يلقَ استحسانًا، حسب تأكيده، فاضطر إلى أن يتماشى معهم بطرح أكثر من سيناريو، «الأول أن نتمكن من عدم الخروج للجامعة أصلًا، ومقاومة الميل للخروج فى حالة وجوده، والثانى إذا خرجت المظاهرات من الجامعة إلى الشارع».
يضيف «شرف» أنه خرج من الاجتماع ليتصل بعلاء حمروش، وأسامة الغزالى حرب، ومجموعة جامعة القاهرة كلها، من أمثال سيد سرحان، وصالح سمرة، والتقى بطلاب جامعة عين شمس، مثل معتز الحناوى، شريف حافظ، هانى الحسينى، عادل بدوى، أحمد عبدالرحمن، أحمد الحمدى، واتصل بقيادات يسارية من خارج الجامعة، مثل زكى مراد، محمد خليل قاسم، أمين جدعان، واتصل بمجموعات الطلبة السودانيين واليمنيين من الاتجاهات السياسية الاشتراكية، لحماية أمن المظاهرات سياسيًا، التى لابد أن تخرج للشارع .
يؤكد «شرف» أنهم تقابلوا جميعًا كقيادة مساء يوم الجمعة 23 فبراير «مثل هذا اليوم» فى منزل أحد الزملاء، ويضيف: «ذكرنا أنفسنا بالشعارات التى نراها، وصغنا كلماتها، وكانت: مطلب فورى يا ناصر.. تغيير ثورى يا ناصر، مطلب فورى يا ناصر.. تغيير جذرى يا ناصر، جماهير تسعة وعشرة يونيو هما حماة الثورة، الشعب لما يشارك مسيرتنا هتتبارك، الثورى على رأس النظام.. والقاعدة آخر تمام، لا بد عن الوصلة علشان تيجى النصرة، الجماهير.. الجماهير.. هى ضمانة التغيير، بالروح بالدم هنكمل المشوار.. بالروح بالدم هنفرض الانتصار».
يؤكد «شرف»: كتبنا عدة ورقات، ووزعناها بين جامعتى القاهرة وعين شمس، وأحد الزملاء قال إنه على اتصال بجامعة الأزهر، وقررنا أن حاملى الأوراق المدونة بها الشعارات يحيط بهم ما لا يقل عن خمسين فردًا من القوى النصيرة والمضمونة، ولكل شخص يقود الهتاف الحق فى ابتكار الشعارات، وفى حدود الأفكار المتفق عليها، مع ضرورة التذكير كل فترة بالشعار الرئيسى «مطلب ثورى يا ناصر.. تغيير ثورى يا ناصر».
ويضيف «شرف»: «فى المساء المتأخر ليوم الجمعة أنجزت كل المهام التى حددناها، وأهمها أن تلتف مجموعات الشباب الاشتراكى العربى من السودان وإريتريا واليمن لضمان الأمن السياسى فى مظاهرات جامعة القاهرة».
يتحدث تقرير لمنظمة الشباب بعنوان «عرض عام للموقف إزاء أحكام الطيران»، منشور كوثيقة فى مذكرات أحمد كامل، عن يوم الجمعة 23 فبراير، فيؤكد إصرار الطلاب على عقد مؤتمر يوم السبت، 24 فبراير، وأنه جرت اتصالات بين الكليات المختلفة للتمهيد للمؤتمر، وفى مواجهة هذا الموقف انعقد اجتماع بمقر اللجنة المركزية، برئاسة الدكتور عادل عبدالفتاح، حضره بعض قيادات المنظمة ببعض الكليات، وطرحت فكرة أن تعقد المنظمة مؤتمرًا تمتص فيه شحنات الطلاب، ويتم فيه التعبير عن آرائهم تحت السيطرة الكاملة لأعضاء المنظمة، وكان القرار أنه لابد من إجهاض أى محاولة للتجمع أو للتظاهر، أو عقد مؤتمر يوم السبت، وتبادر المنظمة بعقد مؤتمر آخر فى أسرع وقت ممكن، وفى اليوم نفسه جرت محاولات من الدكتور أسامة الخولى، وكيل كلية الهندسة، لعدم عقد مؤتمرات يوم السبت أيضًا بالكلية، حيث التقى بمحمد فريد حسنين، ورشيق رفعت، واتفق معهما على أن يكون العمل من خلال اتحاد الطلاب بالكلية، وليس شرطًا أن يكون يوم السبت.. وجاء يوم السبت 24 فبراير، فماذا حدث فيه؟