بداية يطيب لى أن أعبر عن سعادتى بزيارة دولة اليابان الصديقة كأول رئيس مصرى يزور اليابان منذ سبعة عشر عاما، وكم أود أن أعرب عن تقديرى للشعب اليابانى العظيم الذى طالما ارتبطت صورته فى وجدان الشعب المصرى بقيم الجدية والالتزام، والتفانى وحب العمل، وأود أن ألقى الضوء فى السطور القادمة على ما شهدته مصر خلال الاعوام القليلة الماضية من تطورات ومتغيرات، وما مرت به من تحديات واجهت ولا تزال الدولة المصرية التى اتشرف برئاستها، وآمل فى أن تسهم كلماتى فى ايضاح الصورة الحقيقية التى تعكس الواقع المصرى وتلقى الضوء على ما تبذله الدولة المصرية من جهود على صعيد تحقيق التنمية الشاملة.
لقد كانت مصر فى طليعة دول الشرق الاوسط التى هبت عليها رياح التغيير فى يناير 2011، إذ عبر الشعب المصرى عن تطلعات مشروعة وطموحات مستحقة فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التى تكفل جميعها تنمية عادلة ومتوازنة تطال الجميع وتنعم بها كافة فئات الشعب دون تفرقة فى ظل دولة مدنية حديثة تعلى قيم المواطنة والمساواة.
ولكن طموحات المصريين اصطدمت بمحاولات لاختطاف ثورتهم والانحراف بإرادتهم الحرة لصالح فئة واحدة ومصالح ضيقة كانت ترغب فى أن تحيد بمصر عن نهجها المعهود فى الاتزان والاعتدال وحاولت أن تنزع عن المجتمع المصرى هويته المعتدلة بسماحتها المعهودة وتقبلها للأخر وإيمانها بالحوار كوسيلة حضارية للتفاهم والتوافق بين الامم والشعوب.
ولقد شهدت مصر خلال تلك الفترة محاولات منظمة لاستعداء كافة مؤسسات الدولة المصرية من قضاء وشرطة وإعلام وغيرها مما كان يشكل تهديدا مباشرا لكيان الدولة ذاته.. ولكن الشعب المدافع عن حقوقه وأماله صوب المسار فى 30 يونيو 2013 فاستعاد ثورته وحافظ على هويته وتوافقت القوى الوطنية المصرية على خارطة المستقبل التى تم تنفيذ استحقاقاتها بنجاح وتوجت بتشكيل مجلس النواب الجديد ليكتمل بذلك البناء الديمقراطى والتشريعى للدولة المصرية.
وتتواكب مع عملية البناء الجارية جهود دءوبة لمكافحة الإرهاب سواء فى بعض مناطق شمال سيناء التى لا تتجاوز مساحتها 1% من مساحة سيناء أو على الحدود الغربية لمصر، لتوفير الأمن والاستقرار لمصر وشعبها وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات.
ان مصر تدشن وتنفذ حاليا العديد من المشروعات التنموية مثل مشروعات التنمية بمنطقة قناة السويس وما يتيحه من فرص واعدة من خلال المشروعات الصناعية واللوجيستية التى يقدمها، وما يتضمنه من مناطق اقتصادية خاصة تيسر الاستثمار وتتجنب اى تعقيدات بيروقراطية، بالإضافة إلى مشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان الذى سيساهم فى توفير الامن الغذائى وفى إقامة مجتمعات عمرانية وتنموية متكاملة، علاوة على مشروع الشبكة القومية للطرق التى تعد بمثابة شرايين اساسية تربط المناطق الصناعية بالموانئ وتيسر نقل وتصدير المنتجات، بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تتطلع مصر للحصول على خبرة اليابان فى تدشينها وإدارتها وتسويق منتجاتها.
إن حجم التبادل التجارى بين مصر واليابان يبلغ حوالى مليارى دولار سنويا، وتقدر الاستثمارات اليابانية فى مصر بحوالى 617 مليون دولار منها 385 مليون دولار فى قطاع البترول، فضلا عن صناعات السيارات والصناعات المغذية لها، والصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية، والصناعات الزراعية والتأمين والاستثمار فى الاوراق المالية، وذلك من خلال 66 شركة يابانية تعمل فى مصر.
وتتطلع مصر إلى الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادى مع اليابان فى شتى مناحيه ليتناسب مع مستوى العلاقات السياسية والثقافية المتميزة بين البلدين، وكذا حجم استثمارات اليابان فى الخارج، أخذا فى الاعتبار تقارير مؤسسات التصنيف الائتمانى التى رفعت تصنيف الجدارة الائتمانية لمصر عدة مرات وحسنت نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصرى، كما وافق البنك الاوروبى لإعادة الاعمار والتنمية على تحويل مصر إلى دولة عمليات بما يزيد من حجم التمويل المتاح لمشروعات التنمية فى مصر، ويوفر منصة إضافية لإطلاق مزيد من مشروعات التعاون بين مصر واليابان باعتبارها احد الأعضاء المؤسسين للبنك.
وفى ختام كلماتى، أجدد احترامى وتقديرى لشعب اليابان الصديق، وأنقل إليه رسالة تعاون وإعجاب من الشعب المصرى الذى يتطلع لمزيد من التعاون بين البلدين، ويرحب بعودة السائحين اليابانيين لقضاء عطلاتهم فى مصر التى تتعهد بتوفير كل سبل الأمن والسلامة لهم، وتكفل لهم قضاء وقت مفيد وممتع بين معالم واحدة من أقدم وأعظم الحضارات فى التاريخ الإنسانى.