تحركت الطائرة فى حوالى الساعة الرابعة والعشرين دقيقة مساء يوم 2 مارس «مثل هذا اليوم» عام 1981، المشير أحمد بدوى وزير الدفاع المصرى وثلاثة عشر من قيادات الجيش، وذلك من ساحة قيادة قطاع سيوة بعد انتهاء جولته التفتيشية لمواقع الجيش فى المنطقة الغربية العسكرية، حسب كتاب «أسرار سقوط طائرة المشير أحمد بدوى» للكاتب الصحفى محمود فوزى، الصادر عن «دار الهدف للنشر - القاهرة»، مضيفا أن الطائرة وعلى بعد حوالى 30 مترا لا أكثر اختل توازنها واندفعت نحو عمود كهرباء حديدى، واصطدمت مروحة الذيل بأحد أسلاك الكهرباء، وتطاير ريش المروحة، واختل توازن الطائرة ثم اصطدمت بعمود الكهرباء وتهاوت على أسلاك الكهرباء، وهوت على الأرض، واشتعلت فيها النيران، وانقلبت على جانبها الأيمن، حيث يوجد باب الدخول، ثم انبعث الدخان الشديد من الطائرة، وخرج المقدم طيار سمير غيث، والرائد طيار محمد عبدالناصر، والرائد عادل نبيه، ملاح الطائرة، والرقيب أول مهندس محمد صبرى، الذين كسروا زجاج الكابينة، بينما خرج سكرتير وزير الدفاع حيث كان يجلس عند مؤخرة الطائرة.
أدى الحادث إلى حالة حزن عميقة لدى المصريين، حسب وصف جريدة الجمهورية فى عددها الصادر يوم 13 مارس «اليوم التالى للحادث»، فبدوى المولود بالإسكندرية عام 1927 لم يكن وزير دفاع فحسب، وإنما كان من أبطال العسكرية المصرية، فبعد تخرجه فى الكلية الحربية شارك فى حرب فلسطين 1948 ثم العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وحرب اليمن «1962»، وبعد نكسة 5 يونيو 1967 تسلم قيادة القوات غرب القناة لإعادة تنظيمها من جديد لمواجهة العدو الإسرائيلى، وفى حرب أكتوبر 1973 كان على رأس الفرقة السابعة مشاة، وأصبح قائد الجيش الثالث، ثم اختاره السادات وزيرا للدفاع عام 1980.
أما الشهداء الآخرون وحسب «الجمهورية» فهم: اللواء صلاح قاسم رئيس أركان المنطقة العسكرية الغربية، اللواء على فايق صبور قائد المنطقة الغربية، اللواء جلال سرى رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء أحمد فواد مدير إدارة الإشارة، اللواء عطية منصور رئيس هيئة الإمداد والتموين، اللواء محمد حشمت جادو رئيس هيئة التدريب، اللواء محمد أحمد المغربى نائب رئيس هيئة التنظيم والإدارة، اللواء فوزى الدسوقى مدير إدارة الأشغال العسكرية والإبرار، اللواء محمد حسن مدير إدارة المياه، عميد أركان حرب محمد السعدى عمار مدير هيئة عمليات القوات المسلحة، عميد أركان حرب محمد أحمد وهبى من هيئة العمليات بوزارة الدفاع، عقيد مازن مشرف من هيئة العمليات، عقيد أركان حرب ماجد مندور من هيئة العمليات.
أشار التقرير المبدئى عن الحادث، حسب «فوزى»، إلى أن الطائرة عند صعودها هبطت فجائيا مترين أو ثلاثة أمتار، وكان هناك سلك يتدلى من العمود الكهربائى الموجود على جانب المطار، وتعلق هذا السلك بالمروحة الخلفية مما أفقدها توازنها ثم ارتطمت بنفس العمود، وفى ثوان معدودات سقطت على الأرض سقوطا شديدا، كما انفجرت خزانات الوقود فاشتعلت فيها النيران بسرعة مذهلة، وقال التقرير، إن ارتطام الطائرة بالأرض أدى إلى إغلاق باب الكابينة الوحيد، فانتشر الدخان الشديد داخلها، ليصاب من فيها باختناق شديد عاق تصرفهم بسرعة، وانفجرت الكابينة، ولم يستغرق ذلك كله أكثر من 30 أو 40 ثانية.
كانت العلاقات بين مصر والدول العربية مقطوعة، بسبب اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، فأذاع راديو دمشق فور وقوع الحادث، بأنه مدبر من السادات ليتخلص من «بدوى» ومجموعته خشية انقلاب عسكرى ضده، وأشيع على غير الحقيقة أن الرئيس الليبى معمر القذافى أطلق صاروخًا عليها، وأشيع بأن الحادث مدبر، وانفرد النائب علوى حافظ الصديق المقرب من بدوى فى كتابه «الفساد»، بتأييد ذلك علنًا قائلًا: السادات كان يسعى إلى تصفية «بدوى» قبل استشهاده.
ويذكر حافظ أن «بدوى» قال له: أنور أعطانى ورقة بخط يده، وبها أسماء بعض كبار قادة الجيش وقال لى: أنا عاوز دول يخرجوا من الخدمة قريبا. فقلت له: ياريس المجموعة دى تقاريرهم نظيفة جدا ومن العناصر الممتازة.. فوجئت به يقول لى: أنا لما أقول يمشوا يعنى يمشوا، أنا القائد الأعلى للجيش. فعقبت على كلامه وقلت: وأنا القائد العام، ومن مهمتى أن أعرض على سيادتك من يخرج ومن يستمر فى الخدمة. فقال السادات بحدة: «شوف بقى لو كنت عاوز تتعامل معى كما حدث من أحمد عرابى للخديوى توفيق، لا.. لا أنت أحمد عرابى ولا أنا الخديوى».
فى الساعة التاسعة وسبع دقائق من مساء نفس اليوم، نعى السادات شهداء الطائرة، قائلا: «إن أعمال الفريق بدوى ورفاقه ستظل مصدر إلهام للأجيال المقبلة».