"تركنا الحرب والموت فى بلادنا لنجد هنا موت من نوع آخر".. كلمات نطقتها بكل القهر والآسى لاجئة سورية وهى تشكو لـ "انفراد" معاناتها وألمها وشعورها بالخوف من رفض القوات المقدونية دخولها وأسرتها للبلاد.
المشهد كما يحدث الآن على حدود مقدونيا واليونان نقلته لنا مجموعة من اللاجئات، الذين ذاقوا مرارة الغربة والتهجير من بيوتهن بسبب الحرب، عبر الاتصال بهم هاتفياً، حيث روت 4 لاجئات من أسر وفئات عمرية واجتماعية مختلفة قصصهن مع رحلة اللجوء، من أول الخروج من بلادهن فى سوريا.. وصولا إلى حدود الموت بين البلدين، وكيف وقعت الاشتباكات بين سكان المخيمات وقوات الشرطة؟، والتى وصلت إلى حد الضرب بالحجارة وتحطيم البوابات بالمواسير الحديدية والعصيان.
الشرطة تصد من يحاول الدخول
فى البداية تحكى "غادة التركمان"، أم سورية لـ3 أطفال، مأساتها قائلة: "أنا من حمص، حيث تركت الموت فى بلدى وكان أزواجنا يموتون وأطفالنا يتم تشريدهم، ووصلت للحدود بين اليونان ومقدونيا وأقمت فى المعسكرات اليونانية مع مجموعة كبيرة من النساء والرجال و8 أطفال، الشرطة صدت كل من حاولوا الدخول قبلنا، والأدوية لا تكفى الأطفال، فأحد بناتى -وعمرها عامين- مريضة ومحمومة من الأمس وبعد عرضى لها على الطبيب، رفض إعطائى إلا جرعة واحدة من الدواء،، واحتفظ بباقى زجاجة الدواء بسبب قلة الكمية المتوفرة، وقد تموت ابنتى فى أى لحظة بسبب اشتداد المرض عليها".
واضافت "الحدود الآن مزدحمة جدا والأعداد عليها بالألاف، وكثير من اللاجئين يموتون هنا قبل أن يدخلوا أصلا".
الأفغان يندسون بين العرب ويهاجمون الشرطة واللاجئين
وأما "رغد برغوث" 27 سنة من دمشق أم لطفلة، فقالت " الشرطة تصد كل من يحاولون الدخول، ويأخذون اللاجئين العرب بذنب الأفغان، فثلاثة أرباع الموجودين بالخيام بين اليونان ومقدونيا أفغانيون الأصل، ويتسمون بالعنف، ويتسببون فى مشاكل كبيرة، كما يهددون أطفالنا بالسكاكين ويقولون لهم لقد ولدتم من أجل الموت، حتى يستولوا على فرصة أصحاب القضية السورية والعراقية فى حق اللجوء".
طبيب واحد لـ5 ألاف لاجئ
وأضافت "الجو هنا شديد البرودة، ولا يوجد سوى طبيب واحد يعتنى بأكثر من 5 ألاف لاجئ، فقد تركنا الحرب والموت فى بلادنا لنجد هنا موت من نوع آخر".
واختتمت "الوضع بالبلاد العربية يعطيهم الحق فى اللجوء أكثر من الأفغان أو الجنسيات الآخرى، التى تندس بين اللاجئين، وبعضهم يضرب قوات الشرطة بالحجارة والمواسير الحديد، ليدخلون عنوة، فيفسدوا الفرصة علينا تماماً".
التعليم توقف وحياة الأطفال على المحك
من جانبها قالت "فدوى أبو ليل" -42 سنة-، أم لأربعة أطفال من الموصل: "لا نضمن بأن يطلع نهار اليوم التالى علينا، فالأغذية بالمخيم شحيحة، والأوضاع باتت قاسية جدا، فتعليم أطفال توقف، وحياتهم أصبحت على المحك، وفقد زوجى فى العراق بسبب الحرب، ولا أعلم إذا كنت سأحظى وعائلتى بحياة طبيعية، أو لا".
نقص فى الأنسولين ولاجئين فوق السبعين
ومن كبار السن، حكت "آنا الموغربي" -50 سنة- من اللاذقية بسوريا- مأساتها لـ "انفراد"، قصتها مع معاناة الحصول على الأنسولين، ووجود عجزة تخطوا السبعين، قائلة: " بعض اللاجئون العرب تخطوا العقد السابع لهم، ونعيش بأدنى متطلبات الحياة المعيشية والإضاءة فى الخيام لا تذكر، كما أننا نرى كبار السن والاطفال وهم يعانون بسبب البرد والمرض دون أن ينقذهم أحد".
وأضافت "أنا مريضة سكر، وصحتى باتت ضعيفة، وحالتى تتدهور كل يوم، خاصة من نقص المتوفر من الأنسولين فى المعسكر، فالمخيم لا يوجد به اهتمام بكبار السن أبداً".
واختتمت "نتمنى أن يسمع أصواتنا العالم، وتفتح مقدونيا الحدود لنا، حتى نسطيع عيش حياة طبيعية من جديد".