تتلقى اتفاقية شينجن العديد من الضربات المتتالية بسبب أزمة اللاجئين التى أصبحت تمثل تهديد قوى لوحدة أوروبا، مما يجعل هناك العديد من التنبؤات بإنهيارها فى أقرب وقت ممكن، ومن أهمها تعليق العمل بها وفرض رقابة على الحدود وذلك لمواجهة أزمة اللاجئين، وعدم التوصل لأى نتائج بشأن تدفق المهاجرين من تركيا سيؤدى إلى انهيار معاهدة شينجن.
دول تفرض رقابة على الحدود
وقررت كل من السويد وسلوفاكيا والنمسا بعد ألمانيا فرض رقابة على الحدود فى مواجهة تدفق المهاجرين معلقين بحكم الأمر الواقع باتفاقية شينجن لحرية التنقل فى أوروبا، ومنذ تفاقم أزمة اللاجئين الفارين من نيران الحرب فى سوريا والعراق، ارتفعت العديد من الأصوات فى أوروبا لإعادة وضع حواجز المراقبة على الحدود بين دول الاتحاد الأوروبى.
خسارة كبيرة
وسيعود انهيار شينجن بخسائر كبيرة على أكبر اقتصاديين فى الاتحاد الأوروبى على ألمانيا بـ 235 مليار يورو وعلى فرنسا 244 مليار يورو، فى الفترة بين 2016 و2025، كما سترتفع تكاليف الاستيراد بنحو 3%، وفى الاتحاد الأوروبى ما يعادل 1400 مليار يورو، وتعليق شينجن فى بعض الدول سيعيق فعليا النمو الاقتصادى داخل دول الاتحاد الأوروبى، لأنه سيكلف مصروفات طائلة لكل الدول دون أى عائد اقتصادى متوقع.
ودعوات وضع حواجز على الحدود بين دول الاتحاد الأوروبى تأتى بشكل خاص من أحزاب اليمين المتطرف التى تحمل نزعة وطنية متشددة لبلدانها، وترفض أن تكون حدودها مفتوحة أمام الجميع لأسباب اقتصادية وثقافية وأمنية.
ويضمن اتفاق شينجن المعتمد قبل 30 عاما لحوالى 400 مليون أوروبى ينتمون لـ26 دولة حرية التنقل دون مراقبة على الحدود.
السويد
وبدأت السويد فى نصف شهر فبراير الجارى تعليق اتفاقية شينجن، مما اثار مخاوف اللاجئين السوريين الراغبين فى الوصول إلى السويد أو عبورها ، والحكومة السويدية طالبت الشرطة بتنفيذ المراقبة لمدة 20 يوما، لكن ما سيحدث هو أن مدة المراقبة ربما تصل إلى 6 أشهر فى حال اقتضت الضرورة.
وانقسمت الأحزاب السياسية فى السويد ما بين مؤيد للقرار ومتحفظ عليه، رودجر حداد، عضو البرلمان المتحدث القانونى باسم حزب المحافظين اليمينى، أن "القرار جاء ضروريا، فما تعيشه البلاد حاليا هو بالتأكيد وضع استثنائى، وأعداد اللاجئين كبيرة وهذا قد يؤثر على السلامة العامة فى البلاد".
سلوفاكيا والنمسا والنرويج وألمانيا
أما سلوفاكيا فقد أكدت أن منطقة شينجن بالفعل انهارت، وسط تفاقم أزمة المهاجرين واللاجئين، وقالت أنها مستعدة لتقديم الأموال والأفراد لتشديد الإجراءات الأمنية على طول حدود دول الاتحاد الأوروبى الـ28، وتدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين على دول الاتحاد الأوروبى بحرا وبرا العام الحالى وسط فرار مئات الالاف من أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
أما النمسا فقد قامت بفرض مراقبة صارمة على حدودها ووقفت العمل باتفاقية شينجن بشكل مؤقت، وقال رئيس الحكومة فيرنر فايمان إنه من الضرورى اتخاذ المزيد من الإجراءات لخفض أعداد المهاجرين الذين يدخلون البلاد.
ومن الواضح أن التحذير من انهيار معاهدة شينجن لا يأتى من باب التهويل، ولكن بالفعل جهود القادة الأوربيين باءت بالفشل لوقف تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخلق اللاجئون انقساما سياسيا حادا بين البلدان الأوروبية وفى داخل مجتمعات القارة العجوز نفسها، كما تسبب تدفق اللاجئين فى ضغوط إصافية على بلدان الجنوب مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا، والتى تعد بوابة اللاجئين إلى أوروبا.
اليونان
وتستقبل اليونان نحو 160 ألف لاجئ، من المفترض إعادة توزيعهم بمقتضى خطة أوروبية، تم التوافق عليها فى نهاية العام الماضى، وعمدت بلدان أوروبا الشرقية إلى بناء أسوار لمنع تدفق اللاجئين، وحدت بلدان البلقان من مرورهم عبر أراضيها، ما يشكل ضغوطا اقتصادية على اليونان.
وتزداد تحذيرات قادة شرق أوروبا من "أسلمة" أوروبا وضياع هويتها "المسيحية"، وتحت ضغط اللجوء، أعلن عدد من البلدان تعليق العمل باتفاقية شينجن.
وتخشى أوروبا من وصول أكثر من مليونى لاجئ فى العام الحالى، بعد وصول العدد فى العام الماضى إلى نحو مليون ونصف مليون لاجئ، ويتوقع خبراء أن تخسر أوروبا نحو 3% من ناتجها المحلى الإجمالى لتغطية نفقات اللاجئين، ولم تفلح المساعدات الأوروبية لبلدان الجوار، حتى الآن، فى إحداث الفارق المطلوب للحد من موجة اللجوء السورى المتواصل بفعل الحرب، وربما شكل صمود وقف إطلاق النار، وتحوله إلى دائم- بارقة أمل، لكن وقف سيل اللاجئين من مناطق أخرى عبر تركيا يتطلب أن تقوم أنقرة بالمزيد للتضيق على عصابات تهريب البشر.