المسرح كلمة السر فى فيلم Three Billboards.. كاتب أيرلندى يدفع النساء لثورة ضد التحرش والاغتصاب ويرفع شعار "كلنا فاسدون بالصمت العاجز قليل الحيلة".. والأوسكار ظلمته ومنحته جائزة أفضل ممثلة فقط وتجاهلت

يعد المسرح هو كلمة السر وراء إعجاب وإشادة كل من شاهد فيلم three billboards outside ebbing missouri الفائز بجائزة أفضل ممثلة ضمن جوائز الأوسكار 2018، والتى حصلت عليها الممثلة فرانسيس مكدورماند Frances McDormand (مواليد 23 يونيو 1957)، وهى فى الأساس فنانة مسرح وممثلة سينمائية. وهذه ليست المرة الأولى التى تحصل فيها فنانة المسرح فرانسيس مكدورماند على جائزة أفضل ممثلة ضمن جوائز الأوسكار، فقد سبق وحصلت عليها عام 1996 عن دور "مارج غندرسن" في فيلم فارغو، وحصلت بنفس الدور على جائزة نقابة ممثلى الشاشة 1996 كأفضل ممثلة، وأيضاً على جائزة الغولدن غلوب 1994 كأفضل فريق ممثلين عن فيلم طريق مختصر. إذا ما أردت أن تعرف سر النجاح، فابحث فى التفاصيل، ودقق النظر فيها جيدًا، سترى مكونات الصورة كاملة.. هذا ما يقوله لنا سر نجاح فيلم three billboards outside ebbing missouri للكاتب المسرحى الأيرلندى ومخرج ومنتج الفيلم مارتن ماكدونا (ولد فى 26 مارس 1970). تكمن براعة مارتن ماكدونا فى فيلم three billboards outside ebbing missouri على الصراع الذى يعد جزءًا أساسيًا فى الحبكة الدرامية الرائعة – إذا جاز لى وصفها – وتصاعد الأحداث الدرامية بداية من مشاهده الأولى. وإذا كان كتاب الرواية فى عالمنا يتخذون من الجريمة أداة لتشريح طبقات المجتمع، فإن الكاتب المسرحى اتخذ منها وسيلة لإشعال الصراع المكبوت داخل النفوس على جريمة بشعة لا تنتمى إلى بيئة معينة، ألا وهى جريمة اغتصاب النساء. بداية من الفيلم، وحتى نهاية أحداثه، لا نشهد بصريا هذه الجريمة، التى تعرضت لها فتاة، ثم قام من اغتصبها بحرق جثتها، لكننا نشاهد الألم فى كافة صوره على أمها، التى تبحث عن الجانى، وتنتظر من القانون أن يأتى لها بحق ابنتها. ثلاث لوحات كانت كافية لإشعال وإظهار حقائق البشر.. ثلاث لوحات تضمنت جملاً قصيرة جدًا تروى المأساة من أجل لفت انتباه رجال الشرطة للقيام بدورهم – على حد وصف بطلة الفيلم – للوصول إلى الجانى فى واقعة اغتصاب: اغتصبت وأحرق جسدها ولم تعتقلوا أحدًا. لم هذا يا رئيس الشرطة "ويبلى". الصراع الذى ينشأ، هو أن جميع من فى البلدة يدرك ويعى جيدًا إلى أى مدى يتمتع رئيس الشرطة بخصال وصفات لا تجعله فى هذا الموقف، ومن هنا يظهر كل من يريد الدفاع عن صورة هذا الرجل، وما جعل الصراع يتخذ بعدًا عدوانيا، هو أن "ويبلى" مريض بالسرطان، ويتبقى له أشهر قليلة من حياته، فيظهر كل من يكن المحبة لهذا كخصم شديد فى وجه الأم الباحثة عن حق ابنتها التى اغتصبت وأحرق جسدها. فى الظهور الأول للأم على شاشات التليفزيون التى تناولت الحدث، وحينما تم سؤالها عن السر وراء إلقاء اللوم على رئيس الشرطة، قالت: "باعتباره الرئيس، فهو المسئول، وعليه أن يعمل من أجل الوصول للجانى". وفى مشاهد أخرى، كلما زادت حدة الصراع، وتعرض الأم للمضايقات، يبرز لنا الكاتب المسرحى ومخرج الفيلم، كيف أن الصمت على إدانة الجريمة، هو فساد، ومشاركة فيها، الأمر الذى يذكر بالمشهد الرائع للفنان أحمد زكى، فى فيلم "ضد الحكومة" حينما يقول: "كلنا فاسدون بالصمت العاجز قليل الحيلة"، هذه الجملة، جعلها مخرج الفيلم شعارًا لثورة يشجع النساء على القيام بها من أجل الحفاظ على حقوقهن، وتغليظ العقوبات والإجراءات القانونية المتعلقة بالاغتصاب ووقائع التحرش، وبرأيى أن الرسالة القوية التى أراد يشعل بها هذه الصورة، هى الحوار الذى دار بين ضابط شرطة فى ولاية أخرى يخبر فيه صديقه وهو فى حالة سكر، كيف أنه سبق واستمتع من قبل بمشهد اغتصاب فتاة، بل وشارك فيه. بالعودة إلى الوراء، أتذكر الحوار الأول الذى يدور بين "ميلدريد هايس" ورئيس الشرطة "ويبلى"، والذى يخبرنا خلال مناقشة الأزمة بينهما، أين تقع الأزمة، وما الذى يمكن حله للحد والتقليل من جرائم الاغتصاب، يقول رئيس الشرطة: سأفعل المستحيل للقبض على الفاعل سيدة "هايس"، لكن عندما لا يتطابق الحمض النووى مع أى من المعتقلين، ولا يطابق أى جريمة آخرى فى البلاد، فليس بوسعنا فعل شىء الآن. -يمكنك سحب الدم من كل رجل وفتى فى هذه البلدة ممن تزيد أعمارهم عن 8 سنوات -هنالك قوانين مدنية تمنع هذا الأمر، وماذا لو كان الفاعل مجرد عابر سبيل؟ -إذاً، اسحب الدم من كل شخص فى طول البلاد. -وماذا لو كان مجرد عابر سبيل فى البلاد؟ -لو كان الأمر راجعا لى، سأنشىء قاعدة بيانات، وسأضع فيها بيانات كل الذكور مع تواريخ ميلادهم، وما أن يفعلوا شيئًا خاطئًا تُرسل إشارة مرجعية، وهكذا نكون متأكدون كليا من التطابق المناسب، وبعدها نقتلهم جميعًا -هنالك قوانين وحقوق مدنية تمنع هذا. من هذا الحوار، ندرك نتائج الصراع المتصاعدة فى أحداث الفيلم، الذى يخبرنا أنه إذا ما شعر أى مواطن فى دولة القانون، أن القانون لا يأتى له بحقه، فلن يتراجع عن القيام بثورته للمطالبة بحقه، وهو ما يفسر لنا لماذا أراد الضابط المفصول أو المطرود من وظيفته أن يشارك فى هذه الثورة من أجل الوصول إلى الجانى والقصاص منه. فى النهاية، لقد استطاع الكاتب المسرحى ومخرج الفيلم الأيرلندى مارتن ماكدونا، أن يتناول قضية شديدة الإنسانية، لا تتعلق بعرق أو دين معين، قضية موجعة لكل من يتعرض لها، سواءً أكان ضحية أو من أسرة الضحية، وقدم لنا فيلمًا تكتب عنه العديد من التقارير، ولا شك أن كل من شاهد الفيلم، سيرى كيف أن جائزة الأوسكار ظلمته حينما منحته جائزة أفضل ممثلة، ولم تمنحه على الأقل جائزة أفضل سيناريو، ناهيك عن براعة تفاصيل الفيلم، مثل الصورة والموسيقى والإخراج.














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;