قال الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، إننا نواجه أزمة حقيقية ففى خلال شهرين قابلنا قضايا كثيرة تواجه حرية الرأى والتعبير، ونتصور أننا بصدد أحكام أخرى على بعض المبدعين، بالإضافة إلى أننا أمام سلطة قضائية ودستور يحمى المبدع، ومنذ 1995 كان هناك نضال لإلغاء قوانين تقيد حرية الرأى والتعبير، وتم بالفعل إلغاء قوانين تقييد حرية الرأى والتعبير والمعروفة باسم "قوانين الحسبة"، ولكن فى الحقيقة إن هذا الإلغاء كان بصورة شكلية فقط وعلى أرض الواقع لم يتم إلغاؤها.
وأضاف "النمنم" خلال مؤتمر "الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير..نحو مجتمع حر ومبدع" المنعقد بالمجلس الأعلى للثقافة، الحقيقة أن الحسبة معيبة فى حق المصريين والمثقفين وخصوصا بعد ثورة 25 يناير، ولهذا ما يصدر على المبدعين يناقض أهداف ثورة يناير التى تنادى بحرية الرأى والتعبير، مضيفًا أن واقعة أحمد ناجى وطارق الطاهر تحدثنا عنها كثير، ونحن نتحدث منذ عقود عن الحرية فنحن ضد الحبس ونحن أيضًا مع دولة القانون ولكن نريد الحرية ولا نتنازل عنها. وأضاف الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة، لا يقبل أن نكون فى 2016 ويكون هناك قضية تحت مسمى ازدراء الاديان فكيف يكون مسلما ويسىء للدين أو مسيحى ويسىء للدين، ونحن فى انتظار ما يسفر عنه هذا المؤتمر من آراء ومقترحات.
وقالت الدكتور أمل الصبان، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، خلال مؤتمر الحماية القانونية لحرية الرأى والتعبير..نحو مجتمع حر ومبدع"، إن حرية الرأى والتعبير هى المدخل الأساسى لتكوين التركيبة الإنسانية وتعد من أهم القضايا التى تشغل المجتمع، حيث يصعب ايجاد صيغة موحدة لمفهوم الحرية لاختلاف الثقافات، ورغم تباين المجتمعات فى حرية الرأى والتعبير إلى تقاليد كل مجتمع، والدستور المصرى لم يكتفى على حرية الرأى والتعبير بل خصص فصلا كامل عن سلطة الصحافة واستقلاليتها وحق الحصور على المعلومات، وشهد العقدين الماضين إلى ظاهرة إحكام القيود على حرية الرأى والتعبير، وفى مصر ظهرت خلال السنوات الماضية قضايا كثيرة لتقيد حرية الرأى والتعبير، مضيفة أن المؤتمر نهدف منها لمعرفة رؤية أهل القانون فى قضايا حرية الرأى والتعبير، والتطلع إلى الدور المجتمعى.
ومن جانبه قال الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون وتاريخه بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، إن إقامة مؤتمر الحماية القانونية لحرية الرأى والتعبير..نحو مجتمع حر ومبدع"، جاء بعدما طلب منه الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، بتجميع رجال القانون لأخذ اقتراحاتهم حول قضايا حرية الرأى والتعبير.
وقال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن الرئيس السيسى يصف الدولة بأنها مدنية الديمقراطية الحديثة وهذا النوع من الأحكام يتعارض مع الدولة المدنية الحديثة التى يجب أن تحترم القانون والدستور، فنحن الآن أمام أزمة ويجب أن يتحد جميع المثقفين، ولابد أن نحمى إبداعنا وكتاباتنا، ولا شرف لحرية المهنة التى ننتمى إليها إذا لم يحترم ما نكتبه، ولهذا ننادى بصوت عالى لا لحبس الحريات.
وأضاف "عصفور"، أن الاتجاهات الليبرالية لم تحارب من قبل فخرج على اثرها عناوين كثيرة منها كتاب "لماذا أنا ملحد" وتم مناقشة الكتاب بشكل حضارى وتم الجدل بالحسنى، والسؤال الذى ينبغى أن يطرحه المثقف لذاته "ما هو الذى يعوق الحرية؟". وأوضح جابر عصفور، أن لجنة الخمسين التى كتبت الدستور نصت نصا صريحا على أنه لا مساس بالحرية ولا ضرر يحدث للكتاب والمبدعين، فكانت هى المبشر لحرية الإبداع، ولكن الآن تضرب القوانين بهذه المادة عرض الحائط فى القضايا الخاصة بحرية الرأى.
وتابع "عصفور"، فى قضية أحمد ناجى كنت أحد الشهود، ولكن للأسف تأخرت فى ذلك اليوم ووصلت بعد بدء الإدعاء مرافعته، وبعد ذلك دخل القاضى للمداولة، ولكن القاضى حكم بالبراءة، وبعد ذلك حكم قاضى آخر بالحبس وهو أمر يثير التساؤل. واختتم "عصفور" كلمته قائلاً، إن يوسف إدريس قال مقولته المشهورة "أن الحرية الموجودة فى العالم العربى كله، ولا تكفى روائيا واحدا"، ومصر لا تعترف أن المبدعين يجب أن يكونوا أحرارا، فالحرية كالهواء والماء وحق لكل مواطن، ويبدو أن الموضوع يحتاج إلى الرصد الكامل.
ومن جانبه قال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، إننا أمة تتحدث كثيرا وتفعل قليلا ونحن شعب فشل فشلا كبيرا فى الحفاظ على حريته، وتاجر بهذه المسألة.
وأكد "نصار" أن النصوص الدستورية توجه أمرا إلى المشرع والقاضى ليطبق فورا، وأن الأحكام القضائية فى منتصف القرن الـ20، وقت إنشاء القضاء الإدارى أهدرت النصوص التى تخالف الدستور، وأن المادة 67 التى تتحدث عن حرية الإبداع الفنى والأدبى أسقطت كل النصوص التى يحاكم بها المبدعون والكتاب، ويجب طرح ذلك على المحكمة، ورفعه للمحكمة الدستورية العليا لحذف النصوص المخالفة.
وأضاف جابر نصار، يجب علينا توفير وسائل التشجيع لكل مبدع وعدم حبسه، ويجب ألا توقع عقوبة سالبة بسبب علانية المنتج الفكرى أو الفنى، ولكى يحكم عليه يجب أن يتوفر شرط مهم وهو وقوع جريمة، وحرية الإبداع داخل الدستور لا يترتب عليها عقوبة، ونص الدستور ينهى ذلك تماما، مشيرا إلى أننا لا يمكن أن نأخذ نص دستورى منفصلا، وفصله عن سياق الدستور لأنها تلتحم للخروج بمادة متكاملة، والدستور نص على كفالة حرية الرأى والتعبير، فكل من يكتب مقال أو موضوعا فهو إبداع وتداول المعلومات تحميها الحرية الفكرية والإبداعية، المشكلة ليست فى النصوص فهناك كم من النصوص لا تطبق ولكن المشكلة فى الوعى المجتمعى الذى هو من يصنع الأزمة.
وأوضح الدكتور جابر نصار، توجد مشكلة فى الإطار المجتمعى فلابد أن تتسع المدارك والحماية المجتمعية لتفعيل منظومة ثقافية لحماية الإبداع، وكل من لا يعجبه نص لا يقوم بتناوله، ولا توجد وثيقة دستورية انتصرت للحرية مثل الدستور الجديد.
وتابع جابر نصار، نحن مجتمع يعيش فى أزمة طاحنة ناتجة على أفكار التطرف على العقل المصرى، فهل لدينا رغبة فى تفتيت تلك الموجات الإرهابية؟، فالدولة تنتصر على تلك الأفكار ولكن نلاحظ أن الموجة تعلى أكثر فأكثر، وما يحدث هو نتاج منتج مجتمعى متطرف وهو ما نعيش فيه، ولكن نحن نستطيع أن نغير ذلك بالفعل.
بينا قال الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، إن حرية التعبير هى أساس كل الحريات وإن لم تكن هناك حرية للتعبير فلا يوجد مجال للكلام، وعلينا إصدار بيان لتكافل جميع الحريات.
وأوضح مكرم محمد أحمد، يجب أن نقول إن الدولة المدنية الصحيحة لا تقوم على حبس حرية الرأى والتعبير، وبالتالى علينا أن نكون فى غاية اليقظة، ومن الضرورى علينا أن نشكل هيئة تنفيذية من هذا المؤتمر لمتابعة تلك القضايا، ومن يقول أن الأزهر ينتج فكرا داعشا ونحن نصمت هذا خطأ وعلينا أن ننظر إليه كمؤسسة.
ببينما قام الدكتور محمد نور فرحات بسرد بيان "جمعية الرأى والنقد الأدبى" التى أعلنت تضامنها مع كل الكتاب الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية.
وجاء فى البيان "ندعو على وجه التحديد قيام البرلمان بمتع الحبس فى قضايا النشر، وأعمال وظيفة الحريات الأساسية التى أصدرتها الأزهر الشريف فى توافقها مع المواثيق الشرعية، ودعوة وسائل الإعلام لاحتكام المتخصصين فى مناخ ديمقراطى وتبصير الرأى العام وليس محاربة الرأى، وناشدت السلطة القضائية مراعاة قضايا الرأى العام، ولهذا تعلن الجمعية تضامنها الكامل مع المبدعين والمثقفين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية.
بينما قال المحامى أمير سالم، نحن نعيش حالة من توحش الدولة البوليسية، ورأيت أمام عينى متهمين يعذبون بوحشية، وكل من كتب ورقة أو لافتة كتب عليها ضد التعذيب، فهم الآن داخل السجون يعذبون بالفعل.
وتابع "سالم" يجب تعلق جمعيات حقوق الإنسان أعمالها حتى يتم الإفراج عن كل الصحفيين والكتاب، بالإضافة لتشكيل وفد أدباء لزيارة هؤلاء الكتاب، ودعوة كافة النقابين للتضامن.
ومن جانبه قال المستشار عصام الإسلامبولى، إن حرية الرأى هى من أعطتنا الدستور، ويبدو أن الدولة "تزدرى" الدستور الذى وضعة المجتمع المصرى، والذى لم يطبق حتى الآن.
وأوضح الإسلامبولى، أن الدستور الجديد يختلف فى قضايا حرية الرأى والتعبير حيث وضع للمواد قوة إلزامية للتطبيق، وهناك مادة 71 تحمى حرية النشر أيضا حتى إذا لم يمثل إبداعا فمجرد النشر يمنع تطبيق عقوبة بالحبس، ويجب تطبيق حرية الرأى والتعبير.
وقال محمد فايق، رئيس لجنة المجلس القومى لحقوق الإنسان، إننى أتيت اليوم تضامنا مع حرية الرأى والتعبير، وثورة 25 يناير قامت لتنادى بالحرية والعدالة الاجتماعية، وهناك دستور جيد لحد بعيد، وعلينا تفعيل هذا الدستور، ولكن لا يجوز أن نفقد الأمل، ولن يحدث استقرار حقيقى إلا بعد سقوط التعدى على حرية الرأى والتعبير، والموقف ليس سهلا ولكن ليس مستحيلا أيضا إذا وقفنا بجديه.
بينما قال الدكتور حازم عتلم، أستاذ القانون، حقوق الإنسان هى الضمانة الرئيسية لضمان حرية التعبير، وهناك حقوق كثيرة مثل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتأتى فى مقدمتها الاقتصادية، حيث إنه بعد توفرها يتمتع الإنسان بحقوقه السياسية والمدنية، موضحا أن ثورة يناير نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فلن يتحقق ذلك إلا بعد تحقيق الحرية الاقتصادية، حق العمل والملكية والعيش والتنمية، والضمان الاجتماعى والإضراب والحقوق الثقافية والمشاركة فى الحياة السياسية .
وقال الدكتور سعيد سالم الجويلى، أستاذ القانون، إن هناك حق فى الرأى والتعبير من خلال المواثيق التى نصت على هذا الحق، أو من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، ويجب الاهتمام بحق الرأى والتعبير.
وأوضح سعيد سالم الجويلى، حق الرأى والتعبير يأتى من طبيعة الإنسان، وتحقيق الذات، وحق النشر والطبعة، ولا يوجد هناك حق مطلق حتى لا يكون هناك فوضى، وهذه القيود محدودة من مجموعة من المبررات مثل الأمن الوطنى والصحة العامة، وفى واقع الأمر أن اهتمام المجتمع الدولى فى قضايا حرية الرأى والتعبير يتمثل فى كثير من القرارت التى تضمنت حرية الرأى والتعبير لدرجة أنه 1993 عين مجلس حقوق الإنسان مقرر حريات لمتابعة تطبيق حرية الرأى والتعبير.
وتابع "الجويلى" نجد أن الجهات الدولية تهتم بحماية الرأى والتعبير والدول ذاتها من خلال الدستور وإذا لم تطبيق ما يأتى فى الدستور تخضع فى تلك الحالة للمسألة الدولية لتقيد حرية الرأى، وتسال عن أعمال سلطتها دوليا، وبهذه المناسبة يستطيع المتضرر اللجوء إلى المحاكم الدولية وأن هناك قانون يخالف الدستور.
قال المحامى حمدى الأسيوطى، إن حرية الرأى والتعبير داخل قانون العقوبات المصرى يحتوى 26 مادة، ونحن كمحامين لدينا مناخ متأزم أثناء دفاعنا أمام القضاء، وكل قاضى يحكم بمعتقداته هو، ولدينا تفسيرات تصل لمحكمة النقض حول القضاة.
وأوضح الأسيوطى، خلال مؤتمر "الحماية القانونية لحرية الفكر والتعبير..نحو مجتمع حر ومبدع" المنعقد بالمجلس الأعلى للثقافة، أن كرم صابر بسبب روايته "أين الله" وكانت أخف من رواية أحمد ناجى أخذ 5 سنوات، والدستور لدينا ينص على حرية الرأى والتعبير، ونطالب بتغير الخطاب الحقوقى، حيث إنه لابد أن يمس الواقع، ونخلق خطابا جديدا ننقذ به ما يمكن إنفاذه، ووفقا للدستور يجب مطالبة تعديل بعض قانون العقوبات، وأرى أن البلاغات المقدمة ضد حرية الرأى والتعبير لابد أن تعرض على النائب العام.
ومن جانبه قال الحقوقى نجاد البرعى، إن القوانين تحتوى العديد من المفاهيم التى لا تعرف، مثل جرائم الإهانة فهى متروكة لتقدير المحكمة، ولدينا تهمة تمت إضافتها حديثا وهى الازدراء، إلى جانب قضية التكدير، ولهذا أى كلام يقال من الممكن أن يقع تحت هذه القضايا، وهى تهم متروكة للقاضى، فمثلا رواية أحمد ناجى متروكة للقاضى فمنهم من رأى أنها لا تخدش الحياء العام وآخر رأى أنها تخدش، وهذه مشكلة تتعلق بحرية الرأى والتعبير.
ودعا نجاد البرعى، المجلس الأعلى للثقافة لعقد جلسات نقاشية بين المثقفين والأدباء والقضاة بالتعاون مع وزارة العدل، حتى يفهم القاضى كيف يفكر الفنان والمبدع.
بينما قال عبد الله خليل المحامى، إن قضية ازدراء الأديان مسألة ضميرية وتتعلق بالوجدان والذى يدخل تحت المادة 18 من الدستور والتى لا يجوز تقييدها، وحرية الإبداع تدخل فى الوجدان والفكر والضمير والتى تتلخص فى الدستور على سبيل الخطأ حرية العقيدة ولكنها توجد بمفهومها الصحيح بالمادة 18، فالفنان وجدان وضمير وفكر، التى لا يجوز محكمتها.