تتجه تركيا بخطى سريعة نحو الديكتاتورية المطلقة فى عصر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، حيث أصدرت السلطات قراراً بتعيين وصى على صحيفة ”زمان” الأكثر مبيعاً فى تركيا.
الضغوط على الصحيفة
و تتعرض الصحيفة منذ عامين لضغوط كبيرة لمنعها من نشر الحقائق بعد أن أخضع الرئيس رجب طيب أردوغان كل وسائل الإعلام الأخرى لإرادته إما عن طريق فرض غرامات مالية أو منح أموال طائلة.
وتأتى هذه الخطوة التعسفية التى استهدفت صحيفة” زمان” بعد اغتصاب مجموعة “إيباك” الإعلامية العام الماضى، ومن ثم الدفع بها إلى الإفلاس، إذ أغلق الوصاة المعينون عليها كل الصحف والقنوات التلفزيونية العاملة تحت مظلتها قبل أيام.
وعقب الإعلان عن تعيين وصى على صحيفة ”زمان” هرع الآلاف من قراء الصحيفة إلى التجمع أمام مقرها العام بمدينة إسطنبول للاحتجاج على القرار غير القانونى الذى ينتهك حرية الصحافة بشكل صارخ.
واعتبرت الأحزاب السياسية والأوساط الديمقرطية القرار التعسفى الذى صدر بأوامر أردوغان ضربة قاصمة موجهة ضد الديمقراطية وحرية الرأى والفكر.
يأتى ذلك فى الوقت الذى اعتقلت الشرطة التركية اليوم الجمعة أربعة من كبار مسؤولى شركة "بويداك" القابضة الكبيرة، بتهمة تمويل منظمة الداعية فتح الله جولن العدو اللدود للرئيس رجب طيب أردوغان.
وأضافت وكالة دوغان للأنباء أن رئيس المجموعة حجى بويداك ومديرها العام ممدوح بويداك واثنين من أعضاء مجلس إدارتها، هما أرول بويداك ومراد بوزداغ، اعتقلوا فى منازلهم ، حيث داهم عناصر الشرطة أيضا مقر الشركة وضبطوا عددا من الوثائق والأقراص الصلبة لأجهزة كومبيوتر، فى اطار تحقيق حول الإرهاب بدأه المدعى المحلى.
وأصبح غولن (74 عاما) الحليف السابق لأردوغان والذى يتولى من الولايات المتحدة إدارة شبكة كبيرة من المدارس والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات، "عدوه اللدود الرقم واحد" منذ اندلاع فضيحة أواخر 2013 نجمت عن أدعاءات بالفساد على أعلى مستويات الدولة، حيث يتهم أردوغان الداعية غولن بالوقوف وراء تلك الاتهامات وبإقامة "دولة موازية" لاطاحته، إلا أن مؤيدى غولن يردون تلك الاتهامات.
السلطات التركية والإعلام
ومنذ اكثر من سنتين، زادت السلطات التركية عمليات التطهير، خصوصا فى أجهزة الشرطة والسلك القضائى، والملاحقات القضائية ضد المقربين من شبكة غولن الغامضة ومصالحه المالية.
كما وضع القضاء التركى تحت وصايته شركة كوزا - أيبك القابضة التى تمتلك صحيفتين يوميتين وشبكتى تلفزيون مقفلتين اليوم. وانتقد خصوم أردوغان هذا التدبير معتبرين أياه إساءة لحرية الصحافة.
وفى نفس الصدد حظر مدعى أنقرة العام على أكبر شبكة تلفزيونية مدفوعة الأجر فى تركيا بث قنوات قريبة الصلة برجل الأعمال فتح الله كولن، خصم أردوغان.
وتعتبر شبكة (ديجى تورك) هى ثالث باقة قنوات قريبة الصلة بكولن يتقرر إغلاقها بأمر من مدعى أنقرة وتشمل القناتين الإخباريتين (بوجون تي.فى) و(إس هابر) وقناة أطفال و4 محطات عامة أخرى.
وقالت (ديجى تورك) فى بيان: "أرسل إلينا مكتب رئيس الادعاء العام فى أنقرة وثيقة قضائية رسمية بشأن ارتكاب جرائم تخالف الدستور".
ولدى سؤاله عن إغلاق المنافذ الإعلامية قريبة الصلة من كولن نقلت صحيفة صباح اليومية التركية عن أردوغان قوله للصحفيين "يجب اتخاذ كافة الخطوات اللازمة بهذا الشأن وفق الإطار الذى يحدده القانون".
وتشير بيانات سلطات تكنولوجيا المعلومات فى تركيا إلى أن (ديجى تورك) هى أكبر شبكة تلفزيونية مدفوعة الأجر فى البلاد ولديها نحو 3 ملايين مشترك..
وفى عام 2014 وبقرار إدارى قررت السلطات التركية حجب موقع يوتيوب فى أعقاب تسجيل صوتى لأردوغان يوجّه فيه تعليمات لإعداد مؤامرة ضد زعيم حزب الشعب الجمهورى العلمانى السابق دنيز بايكال عبر نشر شريط جنسى مصور للأخير مع إحدى النائبات عن حزبه، فضيحة دفعت ببايكال للاستقالة من رئاسة الحزب المعارض.
وليست هذه المرة الأولى التى يتم فيها حظر "يوتيوب" فى البلاد، فالسابقة الأولى كانت عام 2010 حين نشر الموقع تسجيلات مسيئة لمؤسس الجمهورية مصطفى أتاتورك.
أما بخصوص تداعيات حظر تويتر، فرغم الحكم القضائى من المحكمة الإدارية فى أنقرة برفع الحظر عن الموقع إلا أنه لايزال ممنوعاً، فى وقت رفضت محكمة الصلح الخامسة فى إسطنبول الطعن الذى قدمته شركة تويتر، لقرار الحجب بحجة أن الموقع لم يلتزم بقرارات قضائية سابقة لمسح محتويات غير أخلاقية.
وفى هذا السياق ذكرت هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية أنها تقدمت إلى الموقع بطلب حذف أكثر من 600 من المحتويات المنشورة، بناء على قرارات قضائية أو طلب من النيابة.