ارتدى الضابط الإسرائيلى إيهود باراك «أصبح رئيسًا للوزراء» ملابس نساء كى ينفذ مع آخرين عمليته الإجرامية ضد ثلاثة من أبرز قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، هم كمال ناصر، كمال عدوان، أبويوسف النجار.
كان للثلاثة حضور خاص فى الثورة الفلسطينية، كان ناصر، حسب «دنيا الوطن، موقع إلكترونى، فلسطين»: «يخشى الموت ولا يهابه فى الوقت نفسه، وكثيرًا ما ردّد: أمامى عشرون سنة لكتابة الشعر، ولا أريد أن أموت قبل ذلك، ومع أن السياسة سرقت منه رحيق الشعر، فإنه ظل يراوغ الموت بالسخرية حينًا، وبالحب حينًا آخر، وبصخب الحياة أحيانًا، وفى ميدان الفكاهة تُنسب إليه عبارة الثورة تعنى أنثى الثور..وفى إحدى المرات مازحه بعض أصدقائه بالقول: لماذا لا تذهب إلى عمان للاشتراك فى القتال؟، فسحب جواز سفره من جيبه وقال لصديقه: انظر، والدتى تدعى وديعة، واسمى كمال بطرس ناصر، وليس عنترة بن شداد العبسى».
وفيما كان «أبويوسف» صاحب عقلية عسكرية وحركية متفردة، كان كمال عدوان، وحسب وكالة «وفا» الفلسطينية، مقاتلًا عنيدًا مبتكرًا، وصاحب طلة بهية، ظل يردد طوال حياته: «حتى تكون قوميًا وحتى تكون أمميًا، لا بد أن تكون فلسطينيًا أولًا»، ومن كلماته المأثورة: «نعيش بأملنا فنحوله إلى حقائق، ويعيشون بيأسهم فيستسلمون».
وقعت العملية التى أطلقت عليها إسرائيل اسم «عملية فردان» فى بيروت يوم 10 إبريل «مثل هذا اليوم» عام 1973، حيث كان الثلاثة يعيشون ضمن منظمة التحرير الفلسطينية التى تتخذ من لبنان مكانًا لها، وبالرغم من التفاصيل الكثيرة التى تناولت هذه الجريمة البشعة، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» فى ملحقها الأسبوعى «إبريل 2014» وبعد 41 عامًا من تنفيذ العملية، كشفت أسرارها كاملة، وحسب الترجمة التى عرضها موقع «دنيا الوطن» فى إبريل 2014، فإن سفن سلاح البحرية الإسرائيلية نقلت الجنود الإسرائيليين إلى ميناء بيروت ليل التاسع والعاشر من إبريل 1937، ومنها إلى منازل الفلسطينيين الثلاثة، ومن هناك وصلوا إلى الشاطئ بواسطة قوارب كوماندوز، ولدى وصولهم إلى الشاطئ بملابس مدنية كانت سيارات محلية يقودها عملاء «الموساد» فى انتظارهم، وقاموا بإيصالهم إلى الأهداف المختلفة لتنفيذها، وألقيت مهمة الاغتيال على عاتق سييريت متكال، وفى طليعة منفذيها إيهود باراك، وعمرام ليفين، اللذان تنكرا بثياب نسائية.
فى تفاصيل العملية، أكدت «يديعوت أحرونوت» أن «باراك» تنكر بزى امرأة سوداء، فى حين تنكر نائبه موكى بتسار بزى امرأة شقراء، وقاد «باراك» الجنود إلى داخل المبنى السكنى، ووصلوا إليه عند الساعة الواحدة وسبع دقائق بعد منتصف الليل، وفى الوقت نفسه توجهت قوة إسرائيلية أخرى إلى المقر الرئيس للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكان فى مبنى من 7 طوابق فى شارع مركزى يعج بالمارة، وتم زرع عشرات الكيلوجرامات من المتفجرات داخل المبنى، ما أدى إلى انهيار أجزاء منه، كما تم إطلاق النار على حارسين للمبنى. ووفقًا للدكتور سمير محمود قديح فى «دنيا الوطن»: «فإنه وبعد أن دوى صوت الرصاص، قفز مقاتلان فلسطينيان من سيارة كانت تقف بالقرب من المبنى، وأطلقا وابلًا من الرصاص على ضابط إسرائيلى وزميله فأرداهما قتيلين.
عندما سمع كمال ناصر صوت الرصاص كان يكتب مقالًا، فقفز نحو سلاحه يبحث عنه فى نفس اللحظة التى كُسر فيها باب شقته فجأة، وأفرغ المهاجمون فى جسده ثلاثين طلقة ليستشهد على الفور قبل أن ينطق كلمة واحدة»، ويؤكد «قديح»: «كان أبويوسف يستعد للنوم، بينما كان أولاده الخمسة يدرسون واجباتهم، عندما انفجرت قنبلة دمرت باب شقته، ودخل مجموعة من الإسرائيليين يغطون وجوههم بجوارب نسائية، واتجهوا إلى غرفة نومه، بينما أسرعت زوجته بالبحث عن مسدسه، وعندما دخلوا الغرفة وقبل أن يطلقوا النار عليه ألقت زوجته «مها» بنفسها عليه لحمايته، فاخترقت الرصاصات جسدها وجسده ليموتا فى لحظة واحدة.
وعندما سمع كمال عدوان صوت الانفجار والرصاص فى شقة «أبويوسف» أدخل زوجته وأطفالهما إلى غرفة داخلية، وحمل الكلاشينكوف لمواجهة ما سيحدث، إلا أن باب الشقة كُسر بالطريقة نفسها التى تم بها كسر شقة «أبويوسف»، ودخل ثمانية إسرائيليين بأسلحتهم حيث أفرغوا رشاشاتهم فى صدره، وسرقوا أوراقه ومستنداته، بينما كانت زوجته وأولاده فى حالة ذعر شديد».
عادت القوات الإسرائيلية فى ساعات الصباح، وكان فى استقبال أعضائها رئيس أركان الجيش الإسرائيلى آنذاك، دافيد إليعازر، وكبار الضباط فى الجيش، وكانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها جولدا مائير تتلقى التقارير على التوالى حول سير العملية.