العراقى أحمد سعداوى فى أول حوار بعد وصول روايته للقائمة القصيرة لـ مان بوكر: لولا نجيب محفوظ لما أصبح للأدب العربى قيمة.. و"فرانكشتاين فى بغداد" بها ما يؤهلها للانتشار.. وهذه خطوات الوصول للجوائز العا

استطاع الكاتب العراقى أحمد سعداوى أن يصبح خلال أربع سنوات فقط، كاتبا متحققا على المستوى العالمى، بدأت الحكاية عندما فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية، البوكر 2014، عن روايته "فرانكشتاين فى بغداد"، ومنذ ذلك الحين، وحتى يومنا هذا، حقق "سعداوى" العديد من النجاحات التى سلطت الضوء على الأدب العراقى. فمنذ أن فازت روايته "فرانكشتاين فى بغداد" بالبوكر العربية، تمت ترجمتها إلى أكثر من لغة أجنبية، وتم اختيارها لتحويلها إلى فيلم سينمائى، وصلت أيضًا إلى القائمة القصيرة فى جائزة مان بوكر الدولية، لعام 2018، ليكون بذلك خامس الكتاب العرب، الذين يحفرون أسماءهم فى أذهان القارئ الأجنبى. "انفراد" حاور الكاتب أحمد سعداوى عبر الهاتف وكان لنا هذا الحوار.. فى البداية.. هل كنت تتوقع هذا الانتشار لرواية "فرانكشتاين فى بغداد"؟ المصادفات الحسنة لها دور، لكن فى الحقيقة كنت أعرف أن رواية "فرانكشتاين فى بغداد" تتضمن عناصر النجاح وإلا ما كانت لتحصل على هذا الانتشار، أينعم هناك الحظ والمصادفات السعيدة ولكن بدون العناصر فلن تصل. برأيك ما هى العناصر التى توفرت لدى "فرانكشتاين فى بغداد" وساعدتها على هذا الانتشار؟ أعتقد أن هناك بعدًا فنيًا وآخر موضوعيًا، وأنا أميل شخصيا مثل أى كاتب يتحدث عن عمله إلى تغليب العنصابر الفنية وقيمتها التى لعبت دورًا مهمًا فى استمرار نجاحها وحضورها، وهناك أيضًا البعد الموضوعى، وهو ما يتعلق بقضية الصراعات فى الشرق الأوسط، والإرهاب، والعنف والتطرف، فهذه قضايا اليوم المتداولةفى الإعلام العالمى، ولا شك أن هناك كتابًا عرب وعراقيين كتبوا فى هذه الموضوعات. هل لديك دلالة ما على أن هذه العوامل الموضوعية أثرت فى انتشار الرواية؟ بالتأكيد، فمثلا، حينما كنت فى مهرجان طيران الإمارات، الذى أقيم مؤخرًا، فى دبى، وكان معى الكاتب المصرى محمد ربيع، فى ندوة حول العنف والخوف، وجدت أن القارئ الأجنبى يفهم من خلال الرواية شئ ما عن المجتمعات العربية أكثر من متابعة الأخبار. كيف تلقيت نبأ وصول "فرانكشتاين فى بغداد" إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر 2018؟ منذ أن وصلت رواية "فرانكشتاين فى بغداد"، إلى القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر 2018، وأنا أحاول أن أشغل نفسى بأمور أخرى لا تتعلق بالجائزة، ففى حقيقة الأمر أن الانشغال بهذه الأمور والانتظار يصيب الإنسان بالتوتر، وكنت كلما تصفحت الإنترنت أجد مدونات القراء والتغريدات الأمريكية وإعجابهم بالرواية، وهو ما كان يبين إلى أى مدى يصل هذا الإعجابأيضًا من خلال نوعية خاصة من القراء أراهم ماهرين، إضافة إلى كتاب التقارير والمقالات عن الرواية التى تتحدث وترشح الرواية بقوة وبأنها ستكون فى القائمة القصيرة. وقبل إعلان القائمة القصيرة، وجدت تغريدة لكاتب ومحرر يعمل فى المان بوكر، كتب يقول بأنه انتهى من قراءة روايات القائمة الطويلة، ويتمنى أنتصل رواية "فرانكشتاين فى بغداد" إلى القائمة القصيرة. بين ما تعرض له العراق من غزو أمريكى ودمار وإشادة قراءة وصحف أمريكا بالرواية.. كيف ترى ذلك؟ ما قبل الحرب وما بعدها، فإن المجتمع الأمريكى كان منقسما، وأثناء الغزو وخلال تواجدهم كان المجتمع الأمريكى كان يناقش الحرب وجدواها وخسائرها، فكثير من القراء الذين كتبوا عن الرواية، وما نشر فى الصحف الأمريكية تضمن إشارات حول ما فعلته هذه الحرب فى العراق، لكن هذه الإشارات ليست اكتشافا، بل هى استمرار للجدل والنقاش حولها، وهناك كتب ظهرت كتبها جنود ومحللون ينتقدون الحرب فى العراق. هل شكلت هذه الإشارات دلالة ما بالنسبة إليك ككاتب عراقى؟ لا أريد أن تختزل رواية "فرانكشتاين فى بغداد" فى مانفيستو ضد الحرب، ولا أميل إلى اختزل الرواية بهذا الشكل، الرواية فيها خطاب سياسى، نعم، لكنها تبقى رواية أكثر كثافة وأكثر تعقيدًا، وفيها أيضًا رسائل إلى أطراف عديدة وانتقادات ومحاولة للمس معاناة إنسانية، وللأسف هذا ما يسقطه البعض، فللأسف علينا ألا نختزل المعاناة الإنسانية فى الحالات الفردية، فالأدب هو ما يحتوى ويعبر عن هذه المعاناة، ولذا فأنا أتضامن مع كثافة الرواية وتعقيداتها ولا أذهب بعيدًا مع الاختزال السياسى. ماذا عن تحويل رواية "فرانكشتاين فى بغداد" إلى فيلم؟ ما علمت أنه يجرى العمل الآن على كتابة السيناريو. هل علمت بأى تفاصيل حول اختيار الأبطال والممثلين الأجانب؟ ما أعرفه هو أن الشركة البريطانية تقوم بالتعاقد مع شركات أخرى، وفى الحقيقة ليس لدى أى فكرة عن أبطال الفيلم، هم يحتفظون بسرية المعلومات حتى يتم الإعلان عنها فى مؤتمر صحفى، وأعتقد أنه سيهشد جهدًا كبيرًا. هل كان لديك بعض التحفظات؟ كنت حريصًا على أن تكون هناك أمانة فى نقل رسالة رواية "فرانكشتاين فى بغداد" خلال تحويلها إلى فيلم وألا يتم اختزالها. هل لديك أية خطط تنوى فعلها إذا ما فازت "فرانكشتاين فى بغداد" بجائزة مان بوكر 2018؟ لم أفكر فى الحقيقة، كل ما أحاول فعله هو أن أشغل ذهنى بأمور أخرى، إضافة إلى أن وصولى إلى القائمة القصيرة هو فوز، على عدة نواحى، منها أننى سوف أشهد حفل الإعلان عن الفائز، وإضافة إلى ما سوف تكسبه الرواية من المبيعات وتسليط الضوء، فمصلا دار بنجوين للنشر تقوم بتوزيع إصداراتها فى 77 دولة، وتذهب بشكل أسرع للترجمات. إلى كم لغة تم ترجمة "فرانكشتاين فى بغداد" حتى الآن؟ ما أن وصلت الرواية إلى القائمة الطويلة فى جائزة مان بوكر 2018، حتى تلقيت عروضاً كثيرة، وحتى الآن ذهبت إلى 18 لغة، ومن المتوقع أن تصل إلى لغات أخرى، بعد وصولها إلى القائمة القصيرة. هل يمكنك أن تخبرنا بالطريقة التى وصلت بها "فرانكشتاين فى بغداد" إلى جائزة المان بوكر الدولية؟ الأمر فى غاية البساطة، فأنا لدى وكيل أدبى بريطانى، هو من يتلقى العروض، ويتفاوض باسمى، والوكيل الأدبى وصلت إليه من خلال مساعدة منسقة جائزة البوكر العربية، التى شجعتنى على اتخاذ الخطوة، ورشحت لى الوكيل الأدبى، وفى الحقيقة هذا ما أفادنى جيدًا، فبعد أن فازت الرواية بالجائزة العالمية للرواية العربية البوكر، كنت قد تلقيت عروضاً لترجمة الرواية، إلا أن الوكيل الأدبى كان يرفض أو يتمهل فى القبول، بزعم انتظار عرض أفضل، حتى تلقينا عرض من دار "بنجوين" ودار "وان ورد"، وأما رفض وتهمل الوكيل الأدبى، قاما بعقد اتفاق بينهما على ترجمة الرواية، ونشرها فى طبعتين الأولى فى أمريكا، والثانية فى بريطانيا، وكل طبعة بغلاف خاص. وهل ثمة وصفة معينة أو طريقة تمكن الرواية العربية من الوصول إلى جائزة المان بوكر؟ الأمر لا يحتاج مفتاح سحرى، هو فقط يتعلق بالاجتهاد، والاحتكاك بعالم النشر، فهى الحركة المعتادة لأى كاتب، يشهد ويشارك فى معارض الكتب العربية أو الأجنبية، والمهرجانات أيضًا، لكن فى نفس الوقت، عليك أن تنتبه إلى قاعدة مهمة وهى أن يكون هناك نماذج تثير انتباه الآخر، فمزاج القراءة العربية يختلف عن الأمريكى والصينى والأوروبى، فكل سوق له مزاج، واليوم هناك مهرجانات عربية فى أوروبا، وأنا دائمًا ما أركز على نقطة معينة، وهى أنك اليوم كاتب، وهذه الصفة لا ينبغى أن تكون وطنية ذات دلالة مغزى سياسى. بمعنى؟ بمعنى أن الكاتب فى رأيى هو كالجراح الماهر، إذا قام بعملية جراحية فى أى دولة ما، فإن نجاح العملية الجراحية لا علاقة له بالدولة التى تنتمى إليها، هنا تنتفى عنه هذه الصفة، فعلى الكاتب أن يعبر حاجز اللغة، تبعا للمعاير الفنية، وليس كما كان سابقا، حينما كان يتم التعامل معها على أنها من أدب الشعوب، الآن الموضوع اختلف، نحن فى عصر انفتاح المعلومات، فكل الثقافات أصبحت تعيش معنا فى نفس الغرفة من خلال شاشة "اللاب توب"، لم نعد ننتظر رواية من المجتمع السنغالى مثلا لأفهم المجتع السنغالى، فالقضية المهمة أيضا هى النظرة الأوروبية أو الأجنبية بشكل عام للآداب الشرقية. هذه النظرة الأجنبية للآداب الشرقية هل تغيرت؟ وماذا أصبحت؟ النظرة الأجنبية كانت ترى أن الآداب الشرقية واعدة وأنها فى طريقها للنضوج، حتى حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب، فقبل هذه اللحظة لم يكن يتم التعامل مع الأدب العربى بجدية، ولكن اليوم الأدب العربى أثبت نفسه مثل أى أدب آخر، بالاعتماد على المعايير، ولا ننسى أيضا كثافة الترجمة اليوم، ولكن يبقى المعيار الأساسى، وهو أن يتقن الكاتب صنعته كروائى، وألا ينسى أنه فى منافسة مع كل أدباء العالم. ننتقل من الرواية إلى العراق.. كيف رأيت معرض بغداد الدولى للكتاب هذه الدورة؟ معرض بغداد الدولى للكتاب فى هذه الدورة كان رائعا وأفضل من الدورات السابقة، وفى الحقيقة أنه حينما رأت الدولة أنه على المعنيين بالصناعة نفسها تنظيم المعرض، وأوكلت به إلى اتحاد الناشرين العراقيين، كان التنظيم ناجحا، وجاءت الصورة مختلفة عن التى سبقتها بأن معرض جزء يكمل صورة عمل الدولة. وهل كانت لديك انتقادات أو اخفاقات معينة تتمنى عدم رؤيتها فى الدورة القادمة؟ اللافت فى هذه الدورة، هو أن معرض بغداد الدولى للكتاب قيل بأنه معرضا للرواية، حيث غلبت الصبغة الروائية من حيث الضيوف والمشاكات وما إلى ذلك عليه بهذه الصورة، وفى الحقيقة هذا هو حالنا اليوم، فالرواية تفرض نفسها، وأنا شخصيا سعدت بالفعاليات والجلسات والنقاشات وحفلات التوقيع، وأتمنى فى العام القادم أن يتم التعامل مع الهفوات الصغيرة اللوجيستية، فهناك إمكانية أن يكون المعرض أضعاف ما تم، والجمهور فى بغداد متطلب. المشهد الثقافى فى العراق الآن كيف تراه.. وهل من أسماء تبشر بها فى عالم الكتابة؟ فى الحقيقة لا أحب أن أظهر كعراب يبشر وما إلى ذلك، ولكن هناك أسماء كثيرة تكتب بالقياس إلى الفترة الماضية، وهناك استثمار لفضاء الحرية ومواقع التواصل الاجتماعى التى زادت من عدد الداخلين إلى حلبة الكتابة، وهو أمر يسعدنى. لمعلوماتك أحمد سعداوى روائى وشاعر وكاتب سيناريو عراقى من مواليد بغداد 1973. يعمل فى إعداد البرامج والأفلام الوثائقية. صدر له "عيد الأغنيات السيئة" (شعر، 2000) وثلاث روايات: "البلد الجميل" (2004)، "إنه يحلم أو يلعب أو يموت" (2008) و"فرانكشتاين فى بغداد" (2013)، ورواية "باب الطباشير" حاز على عدة جوائز وأختير ضمن أفضل 39 كاتبا عربيا تحت سن الأربعين فى مشروع "بيروت 39" فى 2010.


















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;