وصفات الموت فى محلات العطارة.. جولة "انفراد" تكشف وجود وصفات أعشاب لعلاج حشرات الشعر والكلى وكبد والأورام يكتبها غير مختصين.. يتراوح سعرها من 20 لـ 30 جنيهًا.. وأطباء يؤكدون: دَجَل وابتزاز للمرضى

تتسبب الوصفات التى يتم تداولها فى محلات العطارة تحت مسمى "الطب النبوى" فى العديد من الحوادث، وكان آخرها مصرع فتاتين "سمر"، 16 سنة، و"هند"، 14 سنة، نتيجة إحدى خلطات الشعر جلبها والدهما من أحد العطارين للقضاء على الحشرات فى رأسيهما، واتضح فيما بعد أنها كانت تحتوى على مواد شديدة السمية بحسب ما جاء فى التحقيقات، وهى الواقعة التى من الممكن أن تتكرر فى أكثر من صورة فى ظل الفوضى التى تحكم سوق العطارة، ومنها وجود صبية صغار غير مختصين يعملون على كتابة العديد من الوصفات والخلطات العشبية لعلاج كافة الأمراض، بدءًا من النحافة والسمنة إلى الأمراض المستعصية التى تحتاج إلى تخصص طبى وتشخيص على درجة عالية من الكفاءة، ومنها "الكبد السكر والأورام وأمراض الذكورة والعقم"، بالاعتماد على الخبرة المتوارثة؛ وهو ما كشفته جولة "انفراد" داخل حى الأزهر والحسين الذى تنتشر به العديد من محلات العطارة. "للقضاء على القمل والقشرة وتنعيم الشعر" هكذا يعلن أحد محلات العطارة تتزين واجهته بعبارة الطب النبوى عن وجود عدة خلطات لتنظيف الشعر من الحشرات بأسعار لا تتراوح من 20 إلى 60 جنيهًا بحسب الحجم، وبعض الإضافات التى يتم وضعها بحسب طلب المشترى سواء كانت مواد عطرية أو بعض الزيوت لتنعيم الشعر. وقال مالك المحل الذى رفض ذكر اسمه: "إن العطارة والأعشاب قادرة على علاج كافة الأمراض التى يعانى منها الإنسان سوالء كانت بسيطة أو مستعصية ولكن يتوقف فاعليتها على عدة أمور ومنها اختيار العشب المناسب لنوع المرض أو الشكوى، وأن يتم تحضيرها بواسطة ذوى الخبرة الكبيرة لذلك فهناك أعشاب تجميلية" وفى مقدمتها علاج الشعر سواء "الشعر المجعد أو تطويله أو علاج سقوطه بجانب تطهيره من الحشرات"، إلى علاج السمنة والنحافة، مشددًا أنه لا يعمل سوى فى هذه الوصفات الأخرى، دون أن يمتد إلى باقى الأمراض الأخرى التى يجب استشارة الأطباء فيها. وبسؤاله هل يمكن تسبب أعشاب لتنظيف فروة الرأس فى الوفاة؟ قال أن الأعشاب بمفردها لا يمكن أن تتسبب فى ضرر مستخدمها طالما تم تحضيرها من قبل المتخصصين الذى يعلمون على تعقيمها وتطهيرها ولكن من المتصور فى ظل الفوضى الموجودة حاليا التى سمحت بوجود عشرات الدخلاء على المهنة حديثا تحضير بعض الوصفات العشبية مضاف إليها مواد أخرى تعمل على ضرر مستخدمها. بخلاف المحل السابق الذى لا يعمل سوى فى وصفات التخسيس أو لتنظيف وتنعيم الشعر كان هناك عشرات المحال التى تعلن عن وجود عشرات الصفات والخلطات لعلاج العديد من الأمراض منها الكبد والسكر وحتى الأورام. كلها علاجات "ر.ا" أحد أشهر الأسماء العاملة فى مجال العطارة حيث تنتشر المحلات التابعة فى كامل حى الأزهر والحسين ومؤخرا بدأت فى التوع لتشمل أماكن أخرى بالقاهرة، داخل أحد هذه المحلات بحى الأزهر لا يمكن تجاهل العديد من الإعلان الملصقة على الواجهات الزجاجية التى تشير على وجود أعشاب لعلاج "السكر، المعدة، الضغط، ، بجانب علاج "الأعصاب، آلام الظهر والعمود الفقرى والعظام بأنواعها". وقال أحد المسئولين به "إن المحل اكتسب شهرة كبرى ليس فى مجال العطارة فقط وإنما من خلال الحرص على نشر ثقافة العلاج بالأعشاب التى تتفوق على العلاجات التقليدية فى عدم وجود اثار جانبية وانخفاض أسعارها"، مضيفًا: "أن الاعتماد على الأعشاب لا يشكل أى ضرر بجانب أنه يمثل اتباع للسنة للنبوية"، لافتًا إلى أن المحل يعمل على توفير العلاجات لمختلف الأمراض، وإن الموجود على واجهات المجل لا يمثل إلا جزء صغير منها حيث يوجد علاجات لكافة الأمراض بأسعار تتراوح ما بين 20 إلى 30 جنيهًا فقط. "فيه علاج للكبد".. هذا هو السؤال الذى تم توجيهه لأحد الباعة فى المحل السابق والذى بادر باستخراج علبة حمراء اللون من احد الأدراج دون عليها"أعشاب ونباتات طبية للكلى"، وبحسب ما موجود على العلبة فإنها تتكون من"حرجل، كينا، حلفابر، بذرخلة، عرقسوس، بذر كرفس، ومجموعة أخرى من الأعشاب والنباتات الطبية"، وبالاستفسار منه أن العلبه مدون عليها علاج للكلى وليس الكبد، قال"الكلى والكبد متجاورين وكلهم داخل الإنسان فمن الطبيعى ما يعالج الكلى يفيد الكبد". بعد عدة أمتار من المحل السابق يوجد أحد المحال الصغيرة دون عليها " ق.ف" للأعشاب والنباتات الطبية" وعلى الرغم من بساطة الهيئة التى يبدو عليها مالكه إلا أنه يقدم نفسه باعتباره أخصائى علاج بالأعشاب حيث يعمل على تجهيز العديد من الخلطات الطبية المكونة من أعشاب مختلفة يتم تقديمها للمستهلك والتى تختلف بكونها أدوية شرب أو دهان بحسب نوع المرض.وقال:" كل مرض له ما يناسبه من الأعشاب التى نقوم بجلبها من السودان ومرسى مطروح ونعمل على خلطها طبقا لوصفات توارثناها منذ القدم وعلمنا على تطويرها لكى تلائم كافة أنواع الأمراض" وبسؤاله عن كيفية التشخيص ومعرفة الدواء المناسب قال: "ديه سر صنعتنا واحنا بنعرف المريض من مجرد النظر إلى وجهه". أنت طبيب نفسك أنا كل ما اشرب الدوا أشعر بآلام فى معدتى".. "ياحجة ده دهان للمفاصل مش للشرب"، لم يكن ذلك جزء من مشهد كوميدى فى أحد الأفلام بل كان جزء من حوار لإحدى السيدات المسنات داخل أحد أشهر محلات العطارة المتخصصة فى تقديم الوصفات الطبية العلاجية، والتى حضرت لذلك المحل منذ أيام للحصول على أعشاب لعلاج المفاصل ولكنها شعرت بآلام حادة فى المعدة عند تناولها، والتى اكتشفت فيما بعد أنها دهان موضعى وليس للشرب بعد الحضور مرة أخرى بحسب ما أكدت. كيف يحصل المرضى على الأعشاب ؟ يتم الحصول على الأعشاب الطبية من العاملين فى القسم المخصص لبيع الأعشاب الطبية ويقع فى نهاية المحل وبعد النزول عدة درجات خشبية يوجد شباب وصبية صغار يعلمون على استقبال الشكوى من المرضى وتدوين الأعشاب المناسبة لها من وجهة نظرهم حيث لا يوجد كشف أو تشخيص على فاتورة بيضاء يتم دفع المقابل النقدى فى الخزنة والرجوع مرة أخرى للحصول على كيس الاعشاب. "انت طبيب نفسك" هى العقيدة التى يؤمن بها العاملون فى ذلك القسم حيث يتم الاعتماد كليا على وصف المريض للآلام التى يشعر بها ويتم من خلالها وصف الاعشاب المناسبة بناءا على ذلك.وقال أحد العاملين فى ذلك المحل" نعمل فى تلك المهنة منذ عشرات السنوات ونملك رصيد ضخم من الخبرة التى تمكنا من الوصول إلى الوصفة المناسبة للمريض حتى فى مجال الامراض المزمنة والأورام".. وبسؤاله عن الحديث عن احتمالية تعرض احد المرضى لمضاعفات صحية قال" قد يحدث هذا ولكن بسبب الاستعمال الخاطئ للأعشاب أو عدم قدرته على شرح الالام التى يشعر بها بصورة صحيحة ولا نسال عن ذلك". "لو ما نفعش مايضرش" فى الوقت الذى يشدد اصحاب المحال على اهمية التدواى بالأعشاب شدد سامح فيلبس صاحب شركة عطارة بالأزهر على ضرورة التفرقة بين الأمراض البسيطة، ومنها "البرد، والسعال، وأمراض السمنة والنحافة" والتى قد تكون الأعشاب مناسبة وبين الامراض المستعصية أو المزمنة ومنها " الكبد، السكر، الأورام" التى تحتاج على تخصص ومتابعة طبية وأوضح فيلبس " يستحسن التعامل مع الاعشاب فى بعض الامور البسيطة بمنطق لو نفعتش ما ضرش". "دجل وابتزاز للمرضى".. هكذا عبر محمود عبد الغنى استاذ جراعة العظام والعمود الفقرى بجامعة الازهر عن غضبة بسبب ما يثار عن التداوى بالأعشاب التى وصفها بالأكذوبة الكبرى التى يتم استخدامها والترويج لها باسم الدين لخداع البسطاء من أجل استنزافهم والحصول على أموالهم فى وهم لن يفيدهم بشيء وعلى العكس من الممكن أن يؤدى إلى تدهور أحوالهم الصحية نتيجة إهمال العلاج الطبى.وأوضح عبد الغنى أن انتشار هذه الظاهرة مؤشر على غياب البحث العملى الجاد فى مصر وانعدام التواصل بين الأطباء وتحديدا اساتذة الطب فى الجماعات والمراكز البحثية المختلفة وبين المجتمع. لا يمكن الوثوق به الدكتورة منال أبو شادى أستاذ السكر والغدد الصماء بكلية طب عين شمس، قالت أنه لا يمكن الوثوق فى وصفات وخلطات عشبية مجهولة المصدر ولا يعرف محتواها فى علاج مرض مثل السكر قد يؤدى إهماله وعدم علاجه بالصورة المثلى على مضاعفات خطيرة للمرضى قد تصل على الوفاة أو بتر بعض أطرافه، موضحة أن مرض السكر يختلف من مريض لأخر سواء من حيث الارتفاع أو الانخفاض بجانب أنه يحتاج لبرنامج غذائى معين فهل يعى هؤلاء العطارين تلك التفاصيل؟، لافتة إلى ضرورة تجنب المرضى لهذه الوصفات التى قد تشكل خطرا على صحتهم. العطارة أساس الطب وقال الحاج رجب العطار رئيس شعبة العطارة فى غرفة القاهرة التجارية أن النباتات الطبية والأعشاب هى اصل صناعة الدواء ومنها اشتق كافة انواع العقاقير لذلك لا خوف من استعمالها فى علاج كافة الأمراض، مؤكدًا أن التداوى بالأعشاب كان متبعا منذ وقت طويل وقبل ظهور علم الطب كما ورد ذكره فى العديد فى سير الرسول بما يعرف " بالطب النبوى". وأضاف رئيس شعبة العطارين ولكن التخوف الحقيقى يأتى من بعض الدخلاء على المهنة ممن ليس لهم علاقة بالأعشاب أو كيفية تحضيرها وتعقيمها واستخلاص المادة الفعالة منها فهؤلاء يشكلون خطر حقيقى على المرضى، مؤكدًا أن التعامل بالأعشاب يحتاج إلى خبرة تزيد عن 20 عاما كاشفًا أنه يعمل بهذه المهنة منذ 53 عامًا. وبسؤاله عن الجهة المنوط بها مراقبة عمل محلات العطارة وباعة الأعشاب؟، قال رئيس شعبة العطارة أنه من المفترض وجود مكتب صحة فى دائرة كل قسم يتولى المرور على محلات العطارة وأخذ عينات من البضاعة الموجودة بها للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك الآدمى. تجاوز الاختصاص بينما رفض خالد مصيلحى، أستاذ علوم الصيدلة والعقاقير الطبية، التداوى بالأعشاب واصفا اياها بالخرافة التى لا أساس لها وقال "لا يوجد فى مصر شىء اسمه أخصائى علاج بالأعشاب، ولا يوجد ترخيص يصدر لمزاولة مهنة بهذه التسمية، والجهة الوحيدة المنوط بها تدريس علوم الأعشاب هى كليات الصيدلة". ويضيف أستاذ العقاقير الطبية: "رغم أنه فى كليات الصيدلة يتم تدرس من 7 إلى 8 مقررات دراسية متعلقة بالأعشاب فإنه لا يسمح لخريجى الكلية أو حتى من أعدوا ماجستيرا أو دكتوراه فى هذا التخصص، أن يفتحوا عيادة مستقلة للعلاج بالأعشاب، ولا يوجد هذا البند فى قانون الدولة بالأساس"، مضيفًا:"طلاب الصيدلة يدرسون المواد المتعلقة بعلاج الأعشاب حتى يكونوا على دراية بخواص الأدوية العشبية التى يصنعونها أو يبيعونها فى صيدلياتهم"، مشيرًا إلى أن كل الأعمال التى تتم فى هذا الإطار يمكن أن يطلق عليها عطارة. وأكد مصيلحى:"أن العطارين يتجاوزون الاختصاص المنوط بهم فى الحديث عن أمور طبية تحتاج إلى تخصصات ودراسة معقدة"، لافتًا إلى أن بعض الأعشاب المستخدمة فى هذه الوصفات مجهولة المصدر ولا يعرف محتواها وقد تحتوى على فطريات ومواد شديدة السمية".














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;