قال المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، إن لجنة استرداد أراضى الدولة عندما بدأت عملها، حرصت على استرجاع حقوق الدولة دون الاعتداء على المزروعات، وأعطت مهلة شهر للمتعدين قبل تنفيذ الإزالات، حرصا على تحقيق العدالة قدر الإمكان.
وأشار محلب، فى بيان صادر اليوم الخميس، عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بعد عقده ندوة أمس بعنوان "منظومة أراضى الدولة: الوضع الحالى ومقترحات التطوير"، إلى أنه تم حل مشاكل كبيرة وتقنين الأراضى بما يضمن حق الدولة والحفاظ على المستثمر فى نفس الوقت بدلا من اللجوء إلى الطرق الجنائية، لافتا إلى أنه تم تحصيل نحو 4 مليارات جنيه من تقنين أوضاع المشروعات والأراضى حتى الآن.
وأكد مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، على أنه تم الاتفاق على منح مهلة حتى 30 يونيو المقبل لتقنين أوضاع عدد كبير من المشروعات وعلى رأسها مشروع سهل الطين فى سيناء لأنه تم تحويل أراضى المشروع والبالغة نحو 40 ألف فدان إلى مزارع سمكية، حيث من المخطط تجفيف أراضى المزارع السمكية المخالفة فى مشروع سهل الطين وتحويلها إلى زراعة الأرز لفترة محدودة فقط، لاستغلال الملوحة القائمة فى الأرض.
وفى سياق متصل، وبتكليف واضح من لجنة استرداد أراضى الدولة تبدأ المحافظات فى الإعداد لموجة جديدة من إزالة التعديات على أراضى الدولة التى لا يجوز تقنينها، التكليف الذى نقله اللواء أبو بكر الجندى، وزير التنمية المحلية، إلى كل المحافظات سيركز فى مرحلته الأولى على تحديد التعديات الصارخة والتى ترتبط ببلطجة أو إصرار على الامتناع عن سداد حق الدولة لتبدأ قوات إنفاذ القانون فى إزالتها بشكل فورى.
اللجنة طلبت أيضا تقرير واضح من كل محافظة بتحديد المسئول عن وقوع هذا التعديات الجديدة لمحاسبته وفقا للقانون، وفى الوقت نفسه تكليف المحافظين بتوفير كل الإمكانيات المتاحة لتسجيل طلبات التقنين المقدمة من واضعى اليد الجادين على منظومة اللجنة والإسراع باتخاذ إجراءات المعاينة وتقييم الأراضى.
وبلغ عدد طلبات التقنين المسجلة على منظومة قاعدة البيانات الموحدة للجنة والتى تنفذها ادارة النظم بالقوات المسلحة 62 ألف طلب تقنين فى كل المحافظات اضافة إلى هيئة التعمير التى تم ضمها لأول مرة إلى المنظومة تقدم منهم نحو 50 الف بسداد رسوم الفحص والمعاينة.
وأكد المهندس ابراهيم محلب، على أن هذه المنظومة هى الوحيدة المعتمدة فى إدارة ملف أراضى الدولة لمنع التضارب، ومتابعة كل إجراءات التقنين لحظة بلحظة فى كل المحافظات ومواجهة أى مشاكل مفاجئة فى وقتها.
وأشار "محلب"، إلى أن موعد 14 يونيو القادم هو النهائى فى تقديم طلبات التقنين لتبدأ بعدها إجراءات التعاقد مع الجادين ممن تتوافر لهم الشروط وتسليمهم عقود التمليك الإبتدائية واسترداد الأراضى التى لم تقدم عنها طلبات تقنين.
وأكد اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس أن اللجنة لا تكتفى بمتابعة سير الطلبات على المنظومة ولكنها تتخذ إجراءات سريعة ضد أى حالات تظهر تلاعبا أو فسادا أو تعطيل متعمد، وفى الوقت نفسه تتابع اللجنة على أعلى مستوى كل الشكاوى والرسائل التى توجه إليها سواء بالبريد أو عبر صفحة المتحدث الرسمى ويتم اتخاذ ما يلزم بشأنها سواء قرارات أو إحالتها إلى الجهات المعنية والرقابية لتحقيقها حفاظا على حق الدولة وحقوق المواطنين.
وأوضحت اللجنة، أن تخوفات البعض من المغالاة فى أسعار التقنين والتى وردت فى بعض الشكاوى كانت موضع اهتمام من اللجنة أيضا حيث عكفت لجنة برئاسة اللواء عبدالله عبدالغنى على دراستها.
وأشار عبد الله، إلى أن اللجنة استعرضت كل السيناريوهات التى تضمن حق الدولة وفى الوقت نفسه تضمن التسهيل على واضعى اليد وخاصة المساحات الصغيرة، إضافة إلى حق كل مواطن فى التظلم من التقدير لمراجعته.
وضع للمتقاعسين عن سداد مستحقات الدولة المتأخرة كأقساط أو مقابل حق انتفاع، كان أحد القرارات التى درستها اللجنة فى اجتماعها هذا الأسبوع، حيث عرض المستشار عماد عطية مستشار اللجنة الوضع القانونى لهم والإجراءات التى يمكن اتخاذها حيالهم سواء بإحالتهم إلى الأموال العامة أو جهاز الكسب غير المشروع ومباحث التهرب الضريبى، إضافة إلى اجراءات سحب الأراضى بما عليها.
اللجنة استكملت أيضا ملف أراضى الإصلاح الزراعى، وكشف تقرير الدكتور حسن الفولى رئيس هيئة الإصلاح الزراعى، أنه تم تسليم هيئة الخدمات الحكومية 165 ملف لأراضى تابعة للهيئة وتم الاتفاق على تشكيل لجان للبدء فى إجراءات بيع هذه الأراضى فى المحافظات بالمزاد العلنى خلال 3 أشهر على الأكثر.
كما تم البدء فى بروتوكول تعاون مع هيئة المساحة لرفع مساحات أراضى الإصلاح فى الإسكندرية ومطروح والتى تزيد عن 203 ملايين متر مربع للبدء فى إجراءات تقنينها أو بيعها حيث تشير التقديرات المبدئية إلى أن حصيلتها قد تصل إلى 170 مليار جنيه.
وكانت الندوة التى عقد مركز الدراسات أمس، قد حضرها اللواء أمير سيد أحمد، مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمرانى، وذلك فى إطار مجموعة الندوات التى يعقدها المركز بهدف مناقشة المشكلات الملحة التى تواجه الاقتصاد المصرى، وعرض المركز المصرى للدراسات الاقتصادية دراسة أعدها لتقييم الوضع الحالى لأراضى الدولة، وجهود الدولة فى هذا المجال منذ عام 2011.
هذا بالإضافة إلى عرض تجارب لدول تميزت فى إدارتها للأراضى هى: سنغافورة، وكوريا الجنوبية، والصين، وجورجيا، وهى تجارب يمكن الاستفادة منها فى وضع مقترح لتطبيقها فى مصر تشمل تغييرات فى كل من الإطار المؤسسى، والتشريعى والمعلوماتى من خلال إضافة بعد الأراضى لهيئة التنمية الجديدة التى سيتم إنشائها بموجب قانون التخصيص الموحد للأراضى.
وعلق محلب على نتائج الدراسة، أن منظومة الأراضى فى مصر لم تكن منظمة والقانون كان يشجع على التعديات، ومن هنا ظهر الخلل الإدارى وغيره، وهو ما ترتب عليه تحويل عدد كبير من الأراضى الزراعية إلى مشروعات تطوير عقارى، وتحقيق مكاسب كبيرة، نظرا لهذا التحول، ولكن يُجرى حاليا دراسة الصيغة المثلى لتنقية القوانين المنظمة لأراضى الدولة.
وأكد مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، نيته الاستعانة بدراسة المركز المصرى فى عملية تطوير المنظومة، لافتًا إلى أن لجنة استرداد أراضى الدولة عقدت نحو 270 اجتماعا خلال الفترة الماضية تشاورت فيها مع كافة الخبرات التى تتعامل مع المنظومة من الناحية القانونية وغيرها، كما عرض بعض حالات التعدى على أراضى الدولة، منها أراضى السكة الحديد التى شهدت تعديات صارخة بإنشاء محلات تجارية فى حرم السكك الحديد.
وفى السياق ذاته، أوضح المهندس إبراهيم محلب، أن ملف التداخل بين أراضى هيئة الأوقاف وهيئة التنمية الزراعية هو من الملفات الصعبة للغاية ولكن تم فتحه والفصل فى هذا التداخل حاليا بما يسمح بتسجيل الأرض فى الشهر العقارى، مؤكدًا على أن الدولة لا تتاجر فى الأراضى بل تنظر إليها وفقا للمخططات العمرانية.
وأشار مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، إلى أن الدولة وضعت ضوابط تراعى الشفافية، وأيضا التسهيل على الجادين فى تقنين أوضاعهم، منها إمكانية التقسيط ومنح فرصة الخصم لمن يرغب فى السداد الكامل، وهناك لجان طعن، وأيضا سداد قيمة حق انتفاع مقابل كل سنة بالنسبة للمواطنين الجادين اللذين استفادوا من أراضى الدولة لسنوات طويلة.
ومن جانبه قال باسل شعيرة رئيس شعبة التطوير الصناعى باتحاد الصناعات المصرية، إن تعدد الجهات من أكثر المشاكل التى تواجه المستثمرين الصناعيين فى التعامل مع الأراضى، يليها صعوبة التسجيل وقواعد البيانات الخاصة بالأراضى الصناعية، مؤكدًا على أن هذه المشاكل تظهر بشكل كبير عند التعامل مع الأجانب، لأن الشركات الأجنبية لا توافق بآلية تمليك الأراضى القائمة فى مصر، خاصة أن هذه الآلية تسبب مشاكل عند التعامل مع البنوك للحصول على تمويل.
ويرى سعيد حنفى، شريك بمكتب وايت آند كيس للمحاماة والاستشارات القانونية، أن الحل هو العودة إلى تطبيق القانون المدنى الذى وضع منذ الأربعينات من القرن الماضى، حيث كانت المنظومة تعمل بنجاح، ويعد القانون المدنى هو الأكبر فى المنطقة العربية لتنظيم حقوق ملكية الأراضى، ويقوم على نظام حق الانتفاع ويمكن من خلال التسجيل أن يتحقق الضمان البنكى الذى يمكن المستثمر من الحصول على قرض بضمانه.
وفى هذا الإطار طالبت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بضرورة دراسة استخدام آلية حق الانتفاع بالنسبة للمشروعات الصناعية للتغلب على مشكلة تسعير الأراضى، ولكن بعد وضع الضمانات اللازمة لحصول أصحاب هذه الأراضى على القروض من البنوك، وفى نفس الوقت استكمال الجهود المبذولة لحل أزمة التسجيل العينى بشكل جذرى.
ومن جانبه قال عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن المركز أجرى دراسة فى عام 2001، مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بمبلغ كبير حول تسجيل الأراضى فى مصر، لافتا إلى أن الدراسة توصلت إلى أن 92% من الأصول العقارية والزراعية فى مصر غير مسجلة وقدر قيمة هذه الأصول بنحو 42 مليار دولار، وفى عام 2014 تم تجديد هذه القيمة وبلغت نحو 340 مليار دولار قبل التعويم.
ويرى المهندس مصطفى غالى، المستشار السابق لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أن هناك مبادرات وجهود بذلت فى الجانب المعلوماتى لاستكمال قاعدة البيانات من أجل إصلاح منظومة تسجيل الأراضى، بدءا من وضعها كأرض فضاء وحتى أشكال الاستغلال المختلفة، ولكن هذه المبادرات تحتاج إلى أن يتم استكمالها لتحقيق الهدف منها، ومن بينها إنشاء بنك وطنى لأراضى الدولة.
ومن جانبه أيد مجدى غازى، نائب رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، خفض أسعار الأراضى المخصصة للقطاع الصناعى حتى لا تصبح عبئا على المستثمر، علما بأنه يتحمل أعباء مالية أخرى مثل شراء الآلات، ولكن أسعار الأراضى تحددها هيئة المجتمعات العمرانية باعتبارها الجهة صاحبة الولاية، وتحاول هيئة التنمية الصناعية قدر الإمكان الحد من ارتفاع سعر الأرض المقدم لأصحاب المصانع وذلك لعدم تطبيق قانون ولاية الأراضى الصناعية رقم 82 لسنة 2016 حتى الآن.
وردا على انتقادات المستثمرين للهيئة بسبب بطء إجراءات تخصيص الأراضى الصناعية، قال غازى، إن ولاية الأراضى ليست تحت يد الهيئة حتى الآن رغم صدور قانون ولاية الأراضى الذى نقل ولاية الأراضى الصناعية إلى هيئة التنمية الصناعية دون غيرها، ومع ذلك لم يبدأ تطبيق القانون بالفعل ومازالت هيئة المجتمعات العمرانية هى من يقوم بعملية ترفيق الأراضى، لافتا إلى أنه بمجرد نقل الولاية إلى هيئة التنمية الصناعية ستحل مشكلة تخصيص الأراضى.
وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف على هذه المشكلة، أن ما يحدث يمثل كارثة، فلا تخصص هيئة التنمية الصناعية أراض، ولا تقوم المحافظات بذلك وهو دورها فى المنظومة سابقا قبل صدور قانون ولاية الأراضى الجديد، ووصفت المرحلة الحالية بأنها مرحلة انتقالية بين صدور القانون وتنفيذه الذى لم يبدأ بالفعل حتى الآن، وهو ما يتطلب وضع قواعد خاصة تتناسب مع هذه المرحلة، حتى لا يتوقف تخصيص الأراضى الصناعية.
وانتقد الحضور ارتفاع أسعار "مصنعك جاهز بترخيصه"، حيث لا تتناسب مع صغار المستثمرين، وهو ما رد عليه غازى بأن المستثمر مطالب فقط بدفع 25% من ثمن المصنع وتقدم له البنوك تسهيلات للسداد، ولكن مع ذلك يرى المستثمرون أنه يصعب على المشروع الصغير أو المتوسط تحمل هذا العبء.
وقال نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية، إن الهيئة تداركت هذه المشكلة عندما وجدت أن الأسعار لا تناسب المستثمر الصغير، وقامت بإنشاء 13 مجمعا صناعيا بنفس مواصفات "مصنعك جاهز بتراخيصه"، بنظام الإيجار وهو موجه للشرائح الأصغر، مؤكدًا على أن الهيئة فى مرحلة تحول الآن وتسعى لتحسين الوضع.