لا خلاف على أن «جوجل» بمنصاتها المختلفة، خاصة «يوتيوب» يسيطران على جزء كبير من حياتنا اليومية، حتى فى ظل ما نكتشفه يومياً عن مخاطر الـ«سوشيال ميديا» والمنصات الإلكترونية علينا، سواء فيما يتعلق بتسريب البيانات أو غيرها، لكن ظلت جوجل مرتبطةبنا، ونحن مرتبطون بها، وربما يكون ذلك هو ما دفع الشركة العملاقة لزيادة رصيدها لدى المستخدمين بطرح عدد من المبادرات التى تستهدف العملاء مباشرة.
«مبادرة جوجل للصحفيين»، و«مهارات من جوجل»، كلاهما مبادرتان أطلقهما المحرك البحثى معاً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكل منهما هدف تسعى إليه GOOGLE، الأولى التى تم إطلاقها بالشراكة مع شبكة الصحفيين الدوليين فى المنطقة العربية بإدارة المركز الدولى للصحفيين، لدعم وتدريب آلاف الصحفيين فى المنطقة على كيفية استخدام الأدوات المتوافرة للحصول على نتائج بحث أكثر دقّة، والتحقق من المعلومات والمصادر، بالإضافة إلى التطبيقات التى تساعد الصحفيين فى إعداد التقارير وكتابة القصص الإخبارية.
أما الثانية والخاصة بـ«مهارات من جوجل»، التى تم إطلاقها رسميا الأسبوع الماضى فى دبى، فتهدف إلى مساعدة النساء والشباب الناطقين باللغة العربية على امتلاك المهارات الرقمية اللازمة للاستفادة من فرص العمل المستقبلية وتحسين حياتهم المهنية وتنمية أعمالهم، وتبدى الشركة اهتماما خاصا بهذه المبادرة التى كان لنا حديث مطول بشأنها مع طارق عبدالله مدير تسويق جوجل فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذى قال إنه وفقاً للأرقام فإن %38 فقط من الشباب فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتقدون أن مسيرتهم التعليمية تمنحهم المهارات التى يحتاجونها لدخول سوق العمل، وبحلول عام 2020، من المتوقّع أن تتطلّب وظيفة واحدة من أصل كل 5 وظائف فى العالم العربى إلى مهارات رقمية غير متاحة اليوم على نطاق واسع، كما أن منطقة الشرق الأوسط سجلت أدنى مشاركة اقتصادية للمرأة على مستوى العالم رغم مساهمة العديد من النساء فى الإنجازات التى يحقّقها العالم العربى اليوم، ولسد الفجوة المتزايدة بين مقوّمات القوى العاملة والمهارات المطلوبة فى سوق المنطقة، ومن أجل ضمان تزويد الجميع بالفرص التى توفّرها التكنولوجيا، تم أطلاق برنامج «مهارات من Google»، الذى سيوفّر أدوات وجلسات تدريب مباشرة مجانية لتنمية المهارات الرقمية لدى الطلاب والمعّلمين والشركات والباحثين عن وظائف، كما توفّر المنصة المتاحة على الإنترنت أكثر من 100 درس وفيديو توضيحى يغطى مجموعة من مهارات التسويق الرقمى التى تتضمّن التسويق على محرّك البحث ووسائل التواصل الاجتماعى وعبر الفيديو، بالإضافة إلى التجارة الإلكترونية وغيرها من المواضيع.
ووقعت GOOGLE اتفاقا مع المؤسسات غير الربحية التى تزوّد الشباب العربى بالمهارات التى يحتاجها لتحقيق النجاح فى اقتصاد رقمى متنامٍ، منها مؤسسة «إنجاز العرب»، وهى مؤسسة غير ربحية تهدف إلى توفير فرص التدريب والعمل للشباب العربى، وبموجب الاتفاق حصلت المؤسسة على منحة بقيمة مليون دولار أمريكى لمساعدة 100 ألف طالب ثانوى وجامعى، خاصة من النساء والطلاب فى المناطق الريفية والمناطق المحتاجة، على تطوير مهاراتهم الرقمية من خلال توفير فرص التدريب العملى فى جميع أنحاء المنطقة، كما وقعت GOOGLE مع مؤسسة مسك الخيرية لتوفير فرص التدريب الرقمى المباشر لأكثر من 100 ألف طالب فى المملكة العربية السعودية، مع ضمان مشاركة الإناث بنسبة %50.
طارق عبدالله، يؤكد أنه ما جعلنا نفكر فى مبادرة «مهارات من جوجل» فى الشرق الأوسط، هى الفجوة ما بين إمكانيات طالب العمل واحتياجات السوق، الأرقام تقول إن حوالى %50 من الشباب العرب خاصة مصر قلقين من مسألة وجود وظيفة، و%60 غير مقتنعين أن ما يتلقونه من تعليم فى الجامعة سيكون مفيداً لهم لإيجاد عمل، مشيراً إلى أن النقطة الأخرى تتعلق بدور المرأة فى سوق العمل فى الشرق الأوسط خاصة فى مصر، فنسبة المرأة من إجمالى سوق العمل أقل من المعدلات العالمية، وهذا بسبب القدرات المطلوبة للنجاح فى تأمين وظيفة، خاصة فى موضوع التكنولوجيا الرقمية.
وأشار طارق عبدالله إلى أن هذه المبادرة تنتهى إلى منح المتدرب شهادة من جوجل جارٍ حالياً تسويقها لأصحاب العمل، وأن المحتوى الذى تم من خلاله منح الشهادة مناسب لأى وظيفة سواء فى المجال الرقمى أو خارجه، وبعد الانتهاء من الـ26 مادة، هناك خمس مواضيع مختلفة، غير مطلوبة للشهادة، من بينها مثل الذكاء الاصطناعى، وكيف تؤمن نفسك على الإنترنت وتؤمن موقعك، بالإضافة لذلك نقوم بعمل شراكات مع مؤسسات مختلفة تسمح لنا بتوسيع المبادرة لتوصيله لأكبر عدد من المستفيدين، منها منحة قدمناها، لإنجاز العرب التى تعمل فى 14 دولة، وأكبرها مصر، وهى تعمل بالتعاون مع وزارات التعليم، والتعليم العالى، أن يوصلوا محتوى يساعد كل فئات المجتمع.
بالتأكيد هناك من يقول إن جوجل تريد تحسين وضعها فى ظل ما يثار حالياً بشأن عدد من الشركات الكبرى مثل فيس بوك وغيرها، لذلك تلجأ جوجل لهذه المبادرات، لكن طارق عبدالله يقول إن «هدفنا من أول يوم كان أن نطور أو نساهم فى تطوير جيل جديد من العرب بخبرات تقنية، فنحن نهدف إلى إيجاد بيئة متكاملة من شركات ورواد أعمال وشخصيات لديها المؤهلات المطلوبة للنجاح فى سوق العمل، وما نطرحه الآن هو جزء من الصورة الكاملة وليس الصورة الكاملة، مثلا المليون مبرمج، نراها مبادرة جيدة لتطوير جيل من المبرمجين العرب، ونحن نفكر من زاوية أخرى، وهى كيف نطور كفاءات أساسية لكل الناس، هذا هو هدفنا، حجم المشكلة من ناحية المرأة، يوجد حوالى 30 مليون أمراة عربية لديها اتصال بالإنترنت وخارج سوق العمل.
ويعيد طارق عبدالله التأكيد على أن هذه المبادرات لا علاقة لها بما يثار حول سياسات الخصوصية، وقال: «لا يوجد ارتباط بين الأمرين، سياسات الخصوصية بالنسبة لنا من أهم الأمور التى ركزنا عليها، أما المبادرة فهى قديمة ومطروحة فى أوروبا وأفريقيا من سنوات من قبل أن يتحدث أحد عن موضوع الخصوصية، الموضوع ببساطة أن الاقتصاد الرقمى غير أمورا كثيرة فى سوق العمل، وإعاد أهمية إمكانيات معينة وخلق وظائف جديدة، وخلق فرص جيدة لم يخلق لها وظائف حتى الآن، والمبادرة تحاول علاج هذه النقاط، بأن تستفيد من التحول الرقمى، وأن نؤهل أكبر قدر من الناس لسوق العمل».
ويشير طارق إلى وجود «فجوة فى المعرفة عن سياسات الخصوصيات، وأعتقد أننا قمنا بأمور كثيرة لمعالجة هذه الفجوة، من ضمنها مركز الأمان بجوجل يسمح لأى مستخدم أن يعرف كيف تستخدم معلوماته، ويستطيع المستخدم أن يغير الطريقة التى تستخدم بها المعلومات، ويقول إنه لا يريد أن يرى إعلانات معينة، ونحن نقدم حلولا كثيرة تساعد المستخدم على أن يعرف أن هناك انتهاك أو خطر على معلوماته الشخصية، على سبيل المثال فى gmail منذ فترة كبير ولاتزال مستمرة نبيه عندما تحدث محاولة اختراق، ونحن أعلى حماية للمحتوى الشخصى للمستخدمين، قمنا بخطوات كبيرة لرفع مستوى الوعى بسياسات الخصوصية».
وتحدث مدير تسويق جوجل فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن الدور الذى تقوم به الشركة لمواجهة الأخبار الكاذبة، وقال: «هناك مناقشة عامة دولية تحدث حول التعاون مع جهات معينة لتصحيح المعلومات، وللأن نجرب، لأن ما يحدث قد يكون صحيحا من وجهة نظر شخص قد يكون غير صحيح من وجهة نظر شخص آخر، ومن أهم أولوياتنا أن نجد طريقة بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية الكبرى لمحاربة هذا الموضوع»، مشيراً إلى أن جوجل قدمت مبادرة لتدريب الإعلاميين للتأكد من المعلومات التى يجدونها على أماكن مختلفة.