قرار محكمة الأحداث، المنعقدة بمجمع محاكم الأميرية، بالسجن 15 عاما لشخصين أحداث على خلفية اتهامهما بقتل طالب هندسة بنها، فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"التسويق الإلكترونى"، حيث الطفلين عوقبا وفقا لقانون الطفل، فتح الملف الساخن من جديد، حول المطالب بالنزول بسن الحدث، إلى 16 بدلاً من 18 سنة.
هذه الواقعة ليست هى الأولى من نوعها، فقد سبقها العديد من الجرائم بطلها أشخاص لم يصل عمرهم 18 سنة، كان أشهرها واقعة مقتل الطفلة البورسعيدية "زينة" والتى صدر الحكم فيها على المتهمين 15 سنة، ومقتل الطفل "عبد الرحمن" فى مدينة المحلة بعد التعدى عليه، وصدور حكم على المتهم 15 سنة، نظراً لكونهم أحداث.
اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمنى والقانونى
بدوره، قال اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمنى والقانونى، أنه بات من الضرورى النزول بسن الأحداث لـ 16 سنة، خاصة أنه يتم استخراج بطاقة رقم قومى للشخص فى هذا السن، وما ثم أصبح مسئولاً ويعامل معاملة الكبار.
وأضاف الخبير الأمنى والقانونى، القانونى الحالى الذى يعتبر الأشخاص أقل من 18 سنة ولو بـ"ساعة" أحداث، ينقذ المجرمين من حبل المشنقة، حيث أن أقصى عقوبة للأطفال السجن 15 سنة، وهى العقوبة التى نالها المتهمين فى واقعة الطفلة البورسعيدية "زينة".
وأوضح الخبير القانونى والأمنى، أنه بات من الضرورى أن يتحرك البرلمان لسن تشريعات جديدة، للنزول بسن الأحداث، لحماية المجتمع من مثل هذه الجرائم، التى بدأت تتكرر بصورة ملحوظة، فى ظل وجود عقوبات مخففة.
ونوه الخبير القانونى والأمنى، إلى أن الأشخاص الذين يتخطى عمرهم 16 سنة، أصبحوا فى كامل قواهم العقلية ومسئولين عما يقوموا به، لذا يجب أن يخضعوا لمحاكمة عادية مثل الجميع ولا يتم استثنائهم.
ومن ناحيتها، قالت "شيماء غزال" والدة الطفلة البورسعيدية "زينة"، أن من يخطط ويدبر لقتل شخص، فهو ليس طفل، إنما هو شخص مسئول، يجب أن يحصل على عقوبة رادعة.
وأضافت والدة "زينة"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن القانونى الحالى ـ للأسف فكر فى القاتل وتجاهل الضحية، فخفف العقوبة عن الجانى، وترك القتيل وأسرته دون أن تهدأ قلوبهم.
ولفتت والدة "زينة"، أن حادث ابنتها سيتكرر كثيراً، طالما أن المتهم يعلم تمام العلم بأنه لن يحصل على عقوبة أكثر من 15 سنة سجن، وربما يتم تخفيف العقوبة لاحقاً لتصل لسنوات قليلة.
وأوضحت والدة "زينة" قاتل ابنتى شاب فى وجهه "شارب" يملأ ملامح الوجه، والقانون اعتبره طفلاً، وسيقضى عقوبته ويخرج مرة أخر يخرب ويقتل، بينما أعيش برفقة أسرتى على ذكرى ابنتى التى لم ولن تعود للحياة مرة أخرى.
ولفتت والدة "زينة" إلى أنه تطالب كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن يرحم قلوب الأمهات، ويتم تعديل هذا القانون، حتى تنتهى هذه الجرائم، عندما يعلم الجانى أن حبل المشنقة ينتظره، ساعتها فقط سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم على جريمته.
وقال أحمد عبد العزيز، والد طالب هندسة بنها ضحية التسويق الإلكترونى، إن قرار محكمة الأحداث بحبس قتلة نجله 15 عاما لن يشفى غليله، مؤكدا أن قانون الطفل وقف عائقا أمام القاضى لإصدار حكما بالإعدام على قتلة نجله، حيث إن أقصى عقوبة به السجن 15 عاما، مطالبا بتعديل قانون الطفل والنزول بسن الحدث إلى 15 عاما بدلا من 18 عاما.
إلا أن محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، قال أنه المادة 80 من الدستور المصرى حددت سن الطفولة بـ18 عاما، كما أنه قبل العمل بالدستور المعدل فى عام 2014 وقعت مصر على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والعالم أجمع عمل لأكثر من 70 عاما للاتفاق على وثيقة خاصة بحقوق الطفل، وكان من أهم بنود تلك الوثيقة أن يحدد سن الطفولة بـ 18 عاما وهو بإجماع من علماء الدين والنفس والاجتماع، حيث أنه عند الانتقال من سن الطفولة للشباب هو 18 عاما.
محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث
وأوضح "البدوى"، أن تغيير سن الطفولة يتعارض مع التزامات مصر الدولية، مؤكدا أن مصر تلتزم اتفاقياتها الدولية، كما أن قانون الطفل 12 لعام 1996 المعدل بقانون 126 لسنة 2008 نص على أن عمر الطفل حتى 18 عاما.
وأشار، إلى أنه من الممكن أن يتم التعامل مع الأمر بخصوص الأطفال الذين يرتكبون جريمة وهم فى سن أكبر من 15 عاما وأقل من 18 عاما، حيث من الممكن مراقبتهم بعد الخروج من السجن، مؤكدا فى الوقت ذاته على ضرورة وجود تعديل تشريعى فيما يخص الجرائم التى يرتكبها الأطفال فى سن من 15 إلى 18 عاما.
وشدد، أنه من المستحيل أن تصل العقوبة إلى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، لأن المشرع يقول أن هذا طفل وفى كل الأحوال ينظر له على أساس أنه مجنى عليه وليس جانى لأنه ينظر بنظرة أبعد وهو أن لديه فكر ضيق وخبرات متواضعة وظروف محيطة، بالإضافة إلى تقصير أهليته فى حقه.
وتابع "البدوى"، أن الباب الثامن من قانون الطفل ينص على العقوبات الخاصة بالأطفال وأقصى عقوبة به السجن 15 عاما، موضحا أنه يمكن وضع عقوبات تكميلية يتم فرضها على الطفل بعد إنهاء الـ15 عاما سجنا.
من جانبه قال محمد أحمد، مدير الوحدة القانونية للائتلاف المصرى لحقوق الطفل، أن تحديد سن الطفل بأن يكون 18 سنة فكرة وضعت بناءا على اجتماع خبراء العالم، حيث اتفقوا على أن النمو الفكرى للفرد لا يكون إلا بعد سن الـ18 عاما، وتبنت تلك الفكرة تبنتها الأمم المتحدة ووضعت حولها اتفاقية أسمتها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ووقعت عليها 196 دولة منها مصر فى عام 91 وأصبحت دستور ينفذ الموقع عليها بنودها، وأصبحت فوق الدستور ولا يجوز للدستور تعديل ما ورد ببنود الاتفاقية. ووصف "أحمد"، فكرة تقليل سن الطفل إلى 15 عاما فقط بـ" البدعة والخيال"، مؤكدا أنها فكرة مستحيلة التطبيق.
وقال "أحمد"، إن الطفل الذى يرتكب جريمة ولم يبلغ 18 عاما فى الأصل مجنى عليه، لأنه لو ولد فى ظروف أفضل من التى ولد فيها لم يكن يرتكب تلك الجرائم، مشددا على أن الظروف فى الغالب هى التى تدفع الاطفال لارتكاب الجرائم، لأن هناك أطفال كثيرين يكونوا محرومين الأهلية، وبالتالى يلجئون لارتكاب الجرائم.
وأشار "أحمد"، إلى أن المشرع حينما قال أنه لن يتم معاملة الاطفال كبالغين، حدد أقصى عقوبة الطفل لا تزيد عن الحبس 15 عاما، موضحا أن هذا الحكم ليس للاقتصاص منه بل لتأهيله وإعادته مرة أخرى للمجتمع، مشيرا إلى أن الأطفال أقل من 15 عاما لا يقضى بشأنهم عقوبة سالبة للحرية، بل يأخذ بشأنه تدابير بأن يوضع فى مؤسسة للأحداث أو غير ذلك.
من جانبه قال اللواء تادرس قلدس، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن النزول بسن الحدث من 18 إلى 15 عاما فقط سيجعل مصر تصطدم بالميثاق الدولى، حيث أنها ملتزمة بقوانين دولية تحدد سن الحدث.
اللواء تادرس قلدس عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب
وأكد "قلدس"، أنه يمكن دراسة فكرة تشديد العقوبة بطريقة ما أو تطبيقها بحيث تمنع الحدث من ارتكاب الجريمة مرة أخرى، مؤكدا أنه متعاطف مع أسرة طالب كلية الهندسة جامعة بنها الذى لاقى حتفه، متعاطف معهم فى مطلبهم بتغليظ العقوبة أو تقليل سن الحدث لأن نجلهم كان شابا ناجحا متفوقا"؛ كما أكد، أن قانون الجرائم الإلكترونية سيمنع وقوع مثل تلك الجرائم، بغلق المواقع التى تؤدى لوقوع جرائم نظرا لأنها ليست مراقبة أو معلوم من يتعاملون بها.