حيثيات حكم القضاء الإدارى بإلزام الحكومة بعلاج الأطفال دون السن المدرسى المصابين بمرض السكر.. ممثل وزير الصحة: الوزيرغير مسئول عن التأمين الصحى.. والمحكمة ترد: الوزير هو الرئيس الأعلى للهيئة

التأمين الصحى: القضاء العادى هو المختص بقضايا العلاج المحكمة:إساءة لحق التقاضى وكان الأولى بهم إنقاذ حياة الطفلة وبحث حالتها المرضية لا بحث كيفية التحلل من الالتزام الدستورى بعلاج غير القادرين إذا كان الامتناع عن تقديم العلاج جريمة فإن الامتناع عن علاج الأطفال أبشع ألوان الجرائم وامتهان للدستور "مريم" لا تملك إلا حق الصراخ.. والإدارة أصمت أذانها عن سماع صرخاتها فطرقت الطفلة باب العدالة الذى لا يوصد فى وجه طارقه بعد حكمها الصادر منذ شهر بإلزام الحكومة بعلاج أطفال المدارس المصابين بمرض السكر مجانا، أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على إلزام الحكومة بعلاج الأطفال دون السن المدرسى منذ ميلادهم المصابين بمرض السكر مجانًا طبقًا للمرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 الذى يلزم التأمين الصحى بعلاج جميع الأطفال دون السن الدراسى.

وأكدت على أن الامتناع عن تقديم العلاج يؤدى إلى إصابتهم بمضاعفات فى أجسادهم الضعيفة وإحباطهم، وتقليل عزيمتهم للتأقلم والتعايش مع هذا المرض، كما أكدت على أنه إذا كان امتناع التأمين الصحى عن تقديم العلاج للمريض جريمة فإن الامتناع عن تقديم العلاج للأطفال هو أبشع ألوان الجرائم لمساسها بينبوع الحياة، بحسبان أن مرحلة الطفولة هى المرحلة التى تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل، وكل حاسة من حواسه ورفضت المحكمة دفع وزير الصحة بعدم مسئوليته عن التأمين الصحى، مؤكدة أنه الرئيس الأعلى لها كما رفضت دفع هيئة التأمين الصحى بعدم اختصاص القضاء الإدارى بقضايا العلاج، بحجة أنه من اختصاص القضاء العادى، وأكدت على اختصاصها بنظر دعاوى العلاج على رأس المنازعات الإدارية ووصفت دفع التأمين الصحى بأنه إساءة لحق التقاضى منها تجاه طفلة عمرها سنتان وأنه يتعين على تلك الهيئة علاج الطفلة وبحث حالتها المرضية بدلا من البحث عن كيفية التحلل من الالتزام الدستورى لعلاج غير القادرين .

وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى، بالامتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطفلة "مريم وجيه الديب" ذات العامين ربيعا من مرض السكر المزمن (سكر أطفال من النوع الأول) بصفة منتظمة وصرف عقار نوفورابيد NPH + مع الإفطار والغذاء والعشاء بالنسب الواردة بالتقرير الطبى وصرف الأقلام الخاصة بكل نوع وشرايط لقياس السكر بالدم بمعدل 10 وحدات يومياً، وشرايط لقياس الأسيتون فى البول مرتين يومياً وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الهيئة بصرف ذلك الدواء للطفلة وعرض حالتها على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية فى ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان.

وقالت المحكمة إن المشرع بموجب المرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 ألزم التأمين الصحى بتقديم العلاج لجميع المواليد والأطفال الرضع ومن هم دون سن الدراسى إذ ألزمها بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية والخدمات الطبية لهم والفحص بالأشعة والفحوص الطبية وإجراء العمليات الجراحية وصرف الأدوية اللازمة للعلاج فضلا عن الخدمات الصحية كالتحصين ضد الأمراض ويكون علاج الطفل ورعايته طبيا مدة انتفاعه إلى أن يشفى أو تستقر حالته وهذا الالتزام بالعلاج لا مناص من تحقيقه ولا سبيل للفكاك منه باعتباره حقا من الحقوق الأساسية التى يتمتع بها المواطن فى بلده وتقوم الدولة على توفيره له ولا وجه لحرمانه منه، فإذا نكلت الدولة عن أداء هذا الالتزام دون سند مشروع فإن مسلكها فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا غير مشروع .

وأضافت المحكمة أنه لا يجوز للهيئة العامة للتأمين الصحى الامتناع عن صرف ذلك الدواء، خاصة وأن والد الطفلة عامل باليومية ومن غير القادرين على تحمل النفقات الباهظة لهذا العلاج، ومن شأنه كذلك أن يمكن هذا المرض اللعين سارق الصحة من أن يفتك بالطفلة التى تتفتح على الدنيا بظلام الظلم والمرض، فإذا كان امتناع التأمين الصحى عن تقديم العلاج للمريض جريمة فإن الامتناع عن تقديم العلاج للأطفال هو أبشع ألوان الجرائم اقتُرفت على الإطلاق، لمساسها بينبوع الحياة بحسبان أن مرحلة الطفولة هى المرحلة التى تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه وعلى التأمين الصحى ووزير الصحة أن يسعيان إلى علاجها فى الحال دون تأجيلها للغد ودون تقسيط أو تقطير فى علاجها خمسة أيام فقط كل شهرين .

وذكرت المحكمة أنه لن يستطيع الأطفال أن يلبسوا ثوب العافية إلا إذا قامت الدولة نحوهم بواجبها الدستورى والقانونى والإنسانى، وإذ جاء الأب يحمل طفلته البالغة عامين والنّار فيه تحرق الكبدا، والأم جاثية ومقلتها حانية ينهل منها دمعا والطفلة تبكى وتصرخ ورجفت جوانحها، ووالديها يذوبان لألمها كمدا، ينتظران ممن ناط بها الدستور والقانون علاجها فلم يجدا أذانا لها تسمع، من راحت من الألم همدا ورقدا وإلى السماء رفعا نواظرهما فبسطت العدالة يديها لها سندا وعضدا وبهذه المثابة يشكل امتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن صرف الأدوية المشار إليها آنفاً للطفلة قرارا سلبياً مخالفاً لأحكام الدستور والقانون.

وأوضحت المحكمة فى حكمها الإنسانى أن التأخير فى منح الطفلة ذات العامين جرعات العلاج يعرض حياتها للخطر ويحرمها من حقها فى العلاج المجانى ويمس حقها فى الحياة وهما حقين دستوريين ويتوجب على الدولة ممثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الأطفال المرضى من الأم المرض العضال الذى ألم بهم خاصة وأن الطفلة ذات العامين ربيعا الذى لم يتفتح فيه إلا الشوك بسبب المرض لا تملك إلا حق الصراخ والقدرة عليه، إلا أن الجهة الإدارية تحجرت قلبها تجاه الطفلة وأصمت آذانها عن سماع صراخاتها بامتناعها عن علاجها فطرقت باب العدالة الذى لا يوصد فى وجه طارقهوإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه وإستوى على سوقه مما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبى بالامتناع عن علاجها، وبتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان.

واستطردت المحكمة أن ابنة المدعى الطفلة مريم وجيه الديب تبلغ من العمر سنتان، ومؤمن عليها لدى الهيئة العامة للتأمين الصحى، وأن والدها فقير عامل باليومية ويقيم بقرية الطود مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة وان الطفلة تعانى من مرض السكر المزمن ( سكر أطفال من النوع الأول ) وبعرضها على العيادة الشاملة بتاريخ 11/7/2015 قررت بإحتياجها إلى العلاج التالي :- صرف عقار نوفورابيد NPH + بنسب محددة مع الافطار والغذاء والعشاء النحو الوارد بالتقرير الطبى وصرف الأقلام الخاصة بكل نوع وشرايط لقياس السكر بالدم بمعدل 10 وحدات يومياً ، وشرايط لقياس الأسيتون فى البول مرتين يومياً , فان الطفلة تستظل باحكام المرسوم بقانون المذكور وتلتزم هيئة التأمين الصحى بتوفير الأودية اللازمة وبالجرعات المقررة لعلاجها وبما يتناسب مع تطور حالتها الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير حتى تمام شفائها.

ونوهت المحكمة أنه لا يغيب عن ذهن الجهة الإدارية المدعى عليها أن التعامل مع أطفال مرضى السكر الرضع ودون السن المدرسى أمر دقيق للغاية خاصة الفترة التى تلى اكتشاف الإصابة التى تعد من أكثر الأوقات حرجاً وصعوبة على كل أفراد الأسرة وأن كثيرا من الآباء والأمهات يعيشون فى رعب من أن يؤثر السكر على أطفالهم بشكل خطير على المدى الطويل وينهك أجسامهم ومن ثم فان امتناعهما عن العلاج هو ما قد يؤدى إلى مشاكل فى النمو وإلى مضاعفات خطيرة على باقى أجهزة أجسادهم الضعيفة، فضلا عن أنه ينال من حق الطفل فى وضعه الجديد بشأن تنظيم حياته اليومية على نحو يشعره بأنه يختلف عن سائر الأطفال ما يؤدى إلى إحباطه وتقليل عزيمته للتأقلم والتعايش مع هذا المرض وبحسبان أن السكرى مرض ينخر فى أجزاء الجسم وأجهزته المتنوعة، وبدون العلاج يتغلغل فيها كسريان الماء فى الرمال، وبمرور الوقت تسرق من الطفل صحته وعافيته, ذلك إنه إذا كان مرض السكر مرهقا للكبار فماذا يكون بالنسبة للأطفال ! وبالرغم من التقدم الذى يشهده علم الأدوية والعلاج إلا أن مرض السكر يبقى مرضاً يحتاج إلى السيطرة والمتابعة المستمرة ولن يكون ذلك ممكنا دون الالتزام ممن ناط به القانون تقديم العلاج للأطفال الرضع ودون السن المدرسى .

وعن الدفع المبدى من وزير الصحة بعدم قبول الدعوى بالنسبة له فى الدعاوى التى ترفع على الهيئة العامة للتأمين الصحى، بحجة أن لها شخصية اعتبارية مستقلة وطلبه إخراجه من الدعوى قالت المحكمة فإن ذلك مردود عليه أنه طبقا لقانون لك الهيئة فإن وزير الصحة هو الرئيس الأعلى للهيئة العامة للتأمين الصحى وما يصدر من أحكام على الهيئة تتولى الهيئة تنفيذها تحت إشرافه ، فاختصام وزير الصحة واجب حتى يكون الحكم الصادر على الهيئة فى مواجهته لإلزامها بتنفيذه، وكان أحرى بوزير الصحة أن يمد يده علاجا للطفلة ذات العامين ربيعا لا ان يتنصل من مسئوليته التى القاها على عاتقه القانون بحجة أن لهيئة التأمين الصحى استقلالها وهو الرئيس الأعلى لها بقوة القانون، ومن ثم يغدو طلبه بإخراجه من الدعوى قائم على غير سبب صحيح من القانون ما يتعين معه رفض هذا الدفع.

وعن الدفع المبدى من هيئة التأمين الصحى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى بحجة أن المختص هو قاضى الأمور المستعجلة تأسيسا على أن القرار محل المنازعة لا يعد قرارا إداريا، قالت المحكمة إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن المنازعة بين المرضى وهيئة التأمين الصحى هى منازعة إدارية حول تقديم العلاج والرعاية الطبية المنوط بتلك الهيئة تقديمها ومن ثم تدخل هذه المنازعة في مفهوم المنازعة الإدارية طبقا لقانون مجلس الدولة والتى لا يختص بها قاضى الأمور المستعجلة وأن اختصاص القضاء الإدارى بسائر المنازعات الإدارية بات مستقرا طبقا للدستور، ما يكون معه الامتناع عن تقديم العلاج للطفلة والادعاء بعدم اختصاص المحكمة إساءة لحق التقاضى ومن المستقر عليه فقهاً وقضاء أنه لا يجوز لصاحب الحق أن يتعسف فى استعمال حقه على نحو يلحق ضرراً بالغير، فدرء المفاسد أولى من جلب المنافع وأن حق الالتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق العامة التى تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله تنصلا من واجب دستورى أو كيدياً ابتغاء مضارة الغير ولا ريب أن الأضرار الناجمة عن امتناع علاج الطفلة يعرض حياتها للخطر بل ينال من حقها فى الحياة وقد كان يتعين على القائمين على مرفق هيئة التأمين الصحى بدلا من التحلل من ربقة الالتزام الدستورى بعلاج المرضى المشمولين قانونا برعايتهم صحيا وعلاجيا أن يقوموا بدورهم المنوط بهم قانونا لإنقاذ حياة طفلة ذات العامين ربيعا وهى الضعيفة المجردة من كل سلطان إزاء فقر والديها، وكان الأولى بهم النظر إليها بعين الرحمة وبحث حالتها المرضية لا بحث كيفية التحلل من الالتزامات التى أوجبها الدستور والقانون تجاه المواطنين من حقوق فى علاجهم، بموجب حكم المادة 18 من الدستور المعدل لعام 2014 التى ألزمت الدولة إقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض بل جعل الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عما فيه من امتهان لأحكام الدستور وعلى سلطات الدولة وهيئاتها الإذعان له باعتباره تعبيرا عن إرادة الأمة ما يتعين معه رفض هذا الدفع .




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;