أثار حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى جلسة 5 مايو الجارى والذى قضى بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الإيجار وبيع الأماكن، والمتضمنة عدم جواز قيام المالك بطلب إخلاء الأمكان المؤجرة لغير غرض السكن للشخصيات الاعتبارية، حتى ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد، جدلا واسعا حول الآثار المترتبة على الحكم وموعد سريانها.
وعلى الرغم ما آثاره الحكم مؤخرا، من لغط وجدل واسع إلا أن هذا الحكم لم يأت بجديد فقد أصدر الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق بتاريخ 2 أبريل 1997 قرارًا بإلزام الأجهزة الحكومية والهيئات التابعة لها بإخلاء الوحدات المستأجرة لهذه الجهات وإعادتها لمؤجريها فى مدة لا تتجاوز خمس سنوات، كما صدر قرارا من مجلس الوزراء فى عام 2006 بإخلاء الأماكن المستأجرة للأشخاص الاعتبارية العامة خلال مدة 3 سنوات.
ورغم كل هذه القرارات وما اتباعها من أحكام صادرة من محكمة القضاء الإدارى والإدارية العليا بهذا الشأن إلا أن حكم المحكمة الدستورية وضع حدًا، لسيطرة الشخصيات الاعتبارية على الأماكن المؤجرة لها من مواطنين عاديين إلى ما لا نهاية، ووفقا للحكم فقد أصبح لزامًا على الحكومة أن تخلى العقارات والمقار التى تستأجرها من مواطنين عاديين.
يقول المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، إن حكم المحكمة الدستورية العليا يرسخ لمبدأ مهم جدا وهو تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر من الشخصيات الاعتبارية، فالمقصود به هو منح المالك الحق فى إخلاء الوحدات التى يمتلكها والمؤجرة للجهات والشركات الحكومية الاعتبارية مثل المدارس والمستشفيات ومقار الهيئات القضائية والوزارات والسفارات والبنوك والشركات العامة.
وأوضح "مروان" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن الحكم لم يتطرق من قريب أو بعيد للاماكن المؤجرة لغرض سكنى أو المحال التجارى المملوكة لأفراد، وركز فقط على الأماكن المؤجرة للحكومة والشخصيات الاعتبارية وفقا لقانون الإيجارات القديم.
وأضاف وزير شئون مجلس النواب، أن الحكومة تدرس حاليا الحكم وكيفية تنفيذه وآثاره المترتبة وموعد سريانه حيث من المقرر أن يتم تطبيق الحكم مع نهاية دور الانعقاد الحالى لمجلس النواب والمتوقع أن ينتهى فى 30 يونيو المقبل، مشيرا إلى أن المستفيدين من هذا الحكم هم المالكين للعقارات المؤجرة لأشخاص اعتباريين وانتهت مدة العقد، فمن حقهم بعد تطبيق القانون إما إخلاء المكان أو اعادة تأجيره للشخصيات الاعتبارية المؤجرة ولكن بعقد وقيمة مالية جديدة بعدما كانت خاضعة لقانون الإجراءات القديمة.
وكشف عمر مروان، عن أن جميع الوزارات والهيئات العامة والحكومية لديها حصر بعدد الأماكن المؤجرة من أفراد والتى يتم دفع لها القيمة الإيجارية القديمة، مضيفا أنه اقترح خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان ضرورة أخذ الحكم فى الاعتبار حتى لا تصدم الموازنة الجديدة بالحكم بعد إقرارها، مشيرًا إلى أن الحكومة لديها ثلاثة حلول لتطبيق الحكم وهى أما توفير أموال لتأجير أماكن جديدة أو توفير أموال لبناء مقار جديدة أو استغلال عقارات الدولة غير المستغلة.
من جانبه كشف مصدر حكومى، عن أن هناك أكثر من 190 ألف عقار مؤجر لشخصيات اعتبارية من أفراد فى جميع محافظات مصر بينها 100 ألف عقار مؤجرة للحكومة والوزارات والشركات العامة و90 ألف عقار مؤجرة لشخصيات اعتبارية عامة اخرى كهيئات قضائية والبنوك والنقابات.
وأوضح المصدر، أن رئيس الوزراء كلف جميع الوزارات والقطاعات الحكومية بحصر الاماكن المؤجرة لها تمهيدا لإخلائها والحصول على بدائل يتم اقتراحها من تلك الوزارات والقطاعات.
وفى السياق ذاته، قال النائب أحمد حلمى الشريف وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان، إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشكل عام يعتبر بمثابة دعوة من المحكمة للبرلمان والحكومة لتعديل قانون الإيجارات قديم فالحكم يرفع الظلم عن المالك فى للعقارات المؤجرة للشخصيات الاعتبارية حيث كان لا يستطيع إخلاء العقار المملوك له حتى بعد انتهاء عقد الإيجار وهو مخالفة دستورية واضحة.
وأوضح "الشريف"، فى تصريح خاص للـ"انفراد"، أن هذا الحكم لا يمتد اثاره على العلاقة الإيجارية بالوحدات السكنية والتجارية لكنه يختص بالعقارات المؤجرة للأشخاص الاعتبارية مثل مدارس والبنوك والمستشفيات، مشيرًا إلى أن الحكومة مستأجرة لأكثر من 99% من العقارات التى تتواجد بها وهذا خطأ كبير يجب تصحيحه فالحكم يعد فرصة للحكومة أن تدبر امرها.
الجدير بالذكر أن المحكمة الدستورية العليا قالت فى حيثيات حكمها أن النص المطعـون فيه والذى ينص على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد" أجاز للشخص الاعتبارى المستأجر لعين لاستعمالها فى غير غرض السكنى، البقاء فيها بعد انتهاء المدة المتفق عليها فى العقد، فإنه على هذا النحو – وباعتباره واقعًا فى إطار القيود الاستثنائية التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية – يكون قد أسقط حق المؤجر – فى استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، ومن ثم، فإن ما تضمنه ذلك النص من امتداد قانونى لمدة عقد إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية، لاستعمالها فى غير غرض السكنى، يكون متضمنًا عدوانًا على الحدود المنطقية التى تعمل الإرادة الحرة فى نطاقها، والتى لا تستقيم الحريــــة الشخصية – فى صحيح بنيانها – بفواتها، فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها، وذلك بالمخالفة للمادة (54) من الدستور.