رعب ما وراء البحار.. عرش إبليس يهيمن على أمواجه.. طقوس الصيد وتقديم القرابين لكسب رضائه.. المد والجزر ظواهر تفسر بغض سكانه.. مثلثات الرعب تسردد قصص وحكايات كل من ذهب ولم يعد

بين مثلثات ومحيطات الموت والاختفاء الرهيب وبين عالم الجان الذى يسكنه، وعرش إبليس الذى يستقر به، والتنين والكائنات الأسطورية التى تستحوذ على أعماقه، وأساطيل وجنود الشياطين والعفاريت التى تسيطر عليه، كان "البحر" وما زال أسطورة مسكوتا عنها لا يتحدث عنها سوى السحرة والمشعوذين الذين يعتقدون أن تدخلات العلم لتفسير ظواهر المد والجزر وهياج الأمواج وارتفاع منسوب البحر مجرد محاولات صبيانية ليس لها فائدة مع عالم يعاكس كل قواعد المنطق وقوانينه.

فكم من طائرة أو سفينة لم يسعفها حظها بالهروب وسقطت بمناطق مثل بحر الشيطان ومثلثى برمودا والتنين وذهبت ولم تعد، واختفت كليا فى ظروف غامضة دون تحليل علمى واضح وصريح، وكم من حكايات وقصص لأشخاص أجبرتهم الأقدار على السباحة ليلا أو حتى المرور أمام الشواطئ فى ساعات متأخرة وندموا على ما فعلوا، فتحولت أسطورة سكنه بكائنات غير آدمية إلى يقين لدى البعض جعلهم يلجأون له فى مصائبهم، ويطلبون تدخل هذه الكائنات الخارقة لتحل مشاكلهم المستعصية، من هنا أصبح للبحر وظيفة أخرى غير الصيد والنقل وتحول إلى مكان لطقوس السحرة وتعزيمات المنجمين، لإشعال السحر أو إبطال أعماله. "بوسيدون" و"نون" إلها البحر عند الإغريق والفراعنة الإله الأكبر "زيوس" عندما كان يغضب من الكائنات الأسطورية الخارقة أو يخونه أحدها ولا ينفذ رغبته يحكم عليه بالنفى فى أعماق البحار بعيدا عن الأسماك والصدف والشعاب المرجانية وغيرها من الكائنات التى اعتدنا على رؤيتها داخل مياه البحار وعلى شواطئها، فهناك سكان آخرون غير مرئيين، لا يمكن للبشر أن يروهم ويتتبعوهم إلا بعد إيمانهم بها، فمثلما تقول الأساطير الإغريقية والفرعونية وغيرها من الحضارات القديمة هناك سكان آخرون يستقرون فى أعماق البحار ومنتشرون فى بقاعه المختلفة، الأساطير الإغريقية تشير إلى أن البحر فى حد ذاته إله يدعى "بوسيدون" وهو حاكم عالم البحار بكل ما تحتوى عليه، فهو ابن الجبارين "كرونوس" و"غايا"، وشقيق كل من "زيوس وهيرا وديميتر" آلهة الأرض والخصب كذلك "هاديس" سيد العالم السفلى، كما أنه يعتبر من الآلهة الأولمبية العظيمة لأنه وزيوس وهيرا من أقدم الآلهة. وتذكر الأساطير أيضاً أن مملكة البحر كانت قديما ملجأ للكائنات الأسطورية الخارقة فى العصر الرومانى والأغريقى، فعندما كان يغضب الإله الأكبر "زيوس" من هذه الكائنات أو يخونه أحدها ولا ينفذ رغبته أو يبث الرعب والخوف فى نفوس عباده من البشر كان يحكم عليه بالنفى فى أعماق البحار، وكان يستجيب له أخوه إله البحر "بوسيدون"، ومن هذه الكائنات المغضوب عليها منذ عصور بائدة الحيوانات الشرسة كالأسود والنمور والديناصورات العملاقة والطيور الضخمة.

لم تتوقف ألوهية البحر عند الإغريق وحسب إنما أشارت أيضا الحكايات والقصص الفرعونية القديمة إلى أن للبحر إلها له سلطان خاص وقوى وجبروت يستطيع أن يرزق ويجود على من يحب، ويهيج ويثور على من يغضب عليه، وكان يدعى "نـون" أو إله المحيط "الماء"، وكان له خدم وحاشية يعملون على راحته، يوفرون له كل سبل المتعة والسعادة، ويقدمون له الأضاحى المبعوثة له من عالم البشر فى مواعيد محددة من العام حتى ينالوا الرضى، وفى حال تأخرهم ولو بضع دقائق يبدأ الإله فى الغضب والثورة التى قد تنتهى بالفيضان والأعاصير التى تجتاح بقاع الأرض وتقضى على شعبها وتشتت شملهم وتفرق جمعهم، ويكونون هم الذين حكموا على أنفسهم بذلك العقاب لأنهم لم يقدروا قدرات "نون".

عرش إبليس هائم على أمواجه بعد طرده طاف "إبليس" فى كل بقاع الكرة الأرضية ولم يجد لنفسه مكانا يضم عشيرته وأهله أنسب من البحار والمحيطات فاختارها مكانا لعرشه.

فى صحف الإسرائيليات مقولة شهيرة أن لإبليس عرشا هائما على وجه البحر، وهو يستقر به ويحكم سلطانه وملكه من هذا المكان، فتقول الأسطورة إن بعد غضب الله، عز وجل، على إبليس بعد رفضه السجود لأدم وطرده من الجنة ونزوله إلى الأرض، طاف "إبليس" فى كل بقاع الكرة الأرضية، ولم يجد لنفسه مكانا يضم عشيرته وأهله ونسله، فيما بعد، أنسب من البحار والمحيطات، ولذلك اختارها مكانا لعرشه، المقولة باتت تسكن و"تعشش" فى عقول بنى البشر الذين آمنوا بهذه التفاسير.

وبناء على هذه القصص، جاءت مجموعة من الأقاويل والنصوص المسحورة والمشعوذة التى تعود إلى الديانات البوذية وغيرها، والتى تفيد بأن عالم البحار دون غيره يسكنه أهل وعشيرة إبليس، ويستقر به الشياطين والجان، منهم الأشرار الذين يعادون بنى البشر ومنهم من يسخر لخدمة الإنسان وتلبية طلباته خاصة إذا اتبع مسلك الشيطان.

كما جاءت بعض التفاسير الأخرى التى لا تتناقض مع هذه المعتقدات لكنها تختلف قليلا، وتنص على وجود 4 أنواع من الجان النارى والهوائى والترابى والمائى، وهذا النوع من الجن يسكن كل البحار والمحيطات والبحيرات والأنهار والمجرات المائية ويمتاز بالسرعة والخفة والرشاقة فى التنقل والتنكر فى أشكال كثيرة مثل أشكال الإنسان والحيوان، وهو ممن يدخلون على بنى الإنس بالرعب على سبيل الدعابة، ونساء هذا النوع من الجن يميلون دوما إلى المعاشرة الجنسية من رجال الإنس، بل ويقعون فى حبهم وتبدأ قصص الولع والغرام، ومن هنا تتولد أسطورة "جنية البحر" نصف إنسانة ونصف سمكة التى جاءت نتيجة لعلاقة بين إنس وجن من جان البحر.

أما رجالهم فهم يأخذون بنى الإنس بالهزو والاستهتار دوما، وتقول الأسطورة إن عدد النساء أكبر بكثير من الرجال، وإن كل عشر إناث يوجد مقابلهم ذكر واحد لذلك فهم النوع الوحيد من بنى الجن الذى تكثر إناثه عن ذكوره، ويتسامون بين بنى الجن "بالمومسات".

الذبح والقرابين طقوس الصيد لدى الوثنيين يجب تقديم أضحية من بنى البشر، ويفضل أن تكون فتاة جميلة أو طفلا حديث الولادة لاسترضاء ملك البحر وتجنب غضبه وعقابه طوال العام، نقلت بعض الثقافات الحديثة عادات وطقوس يتبعها الصيادون أثناء رحلة صيدهم دون أن يعلموا المصدر الحقيقى وراء هذه الطقوس، فبين تقديم القرابين لأجل زيادة الرزق ورضا الشياطين والجان وإله البحر الأعظم، تشكلت عادات الصيد لدى الوثنية ونقلتها بعض الدول العربية، فمع بداية موسم الصيد يحرص بعض الصيادين على اللجوء لبعض التعاويذ والسلوكيات حتى يغمرهم البحر بخيره وتمتلئ شباكهم بالسمك وبالرزق الوفير.

ومن هنا تتولد عادة ذبح الكباش ودفن أمعائها فى أرض خصبة مع مجموعة من البذور، وفى نفس الوقت تقطع لحوم الكباش إلى قطع ومكعبات صغيرة، ويلقونها فى أماكن مختلفة من البحار أو المحيطات المطلين عليها والتى تتركز عمليات الصيد بها طوال الموسم، حتى تنبت السنابل وتشق الأشجار الأرض التى دفن تحتها أمعاء الكبش وتترعرع سيقانها طوال العام بالتزامن مع جلب الخير والرزق فى كل طلعة صيد بأحد الأماكن المتناثر بها لحم هذا الخروف.

ولم تكن هذه الممارسات الخرافية وليدة للحظة، إنما كانت هناك شعوب أخرى خارج التاريخ تقوم بإلقاء أضحية من بنى بشر ويفضل أن تكون فتاة جميلة أو طفلا حديث الولادة حتى تسترضى ملك البحر وتتجنب غضبه وعقابه وتضمن جوده طوال العام، وكانت تقطع الأضحية قربانا وهى حية حتى تسقى مياه البحر بدمائها ويرتوى الإله الأعظم بها، ومع الوقت تطور هذا الطقس وقلت دمويته بعض الشىء وتحول القربان إلى كبش ذكر ضخم يذبح بطريقة عادية ثم يقوم الصيادون بهذه الممارسات السابقة.

وفى عصرنا الحديث يفسر العلم اختفاء هذه اللحوم بعد وقت قليل من إلقائها نتيجة للجاذبية تحت الأرض التى تجذب الأجسام الثقيلة إلى أسفل، كما أن هناك تفسيرا آخر يشير إلى الأسماك الضخمة والشرسة تلتقط هذه اللحوم وتعود إلى القاع سريعا، وعلى الرغم من هذه التفسيرات فإنه ما زال البعض يعتقد أن هناك ضرورة قسوة للقيام بهذه الطقوس التى تحولت مع الوقت على عادة تنفذ دون دراية واضحة بسببها. بحر الشيطان ومثلث التنين.. حكاية من ذهبوا ولم يعودوا اعترفت بعض سلطات الدول الآسيوية المحيطة بها أنها منطقة خطيرة وحذرت من المرور بها.

ينظر البعض إلى عالم البحار والمحيطات على أنه خاص ومستقل جدا، وغامض إلى أبعد الحدود وما يؤكد على ذلك أن هناك بعض الأماكن الشهيرة التى كانت وما زالت محل لغز لا نجد له تفسيرا علميا يرضينا، ويعتبر "مثلث برمودا" هو أشهر هذه الأماكن التى شهدت عمليات اختفاء كثيرة سواء لسفن أو لطائرات أو لأشخاص عادية، لكن لم يكن "برمودا" هو المكان الأول أو الأخير الذى يسجل حالات اختفاء أو انجذاب وغرق وهلاك المارين به، فبحر الشيطان ومثلث التنين أيضا من الأماكن التى يخرج من يذهب إليها وهو يعلم أنه لن يعود.

فيسمى مثلث التنين بمثلث "فورموزا" بالصينية تقليدية، هو امتداد مائى كبير فى اليابان يقع فى المحيط الهادى حول جزيرة مياكى اليابانية وعلى بعد 100 كيلومتر جنوب طوكيو، وهى منطقة تقع بين "هونج كونج"، والفلبين، وتايوان، واليابان ويقال، إن الآلاف من السفن والطائرات اختفت فيه، وكان أول هذه الحوادث هى حادثة الاختفاء المفاجئ لحاملتى الطائرات اليابانيتين "تايهو" و"شكوكو" وهما يحملان على متنهما عدد كبير من الطائرات الحربية إبان الحرب مع الفلبين، وكان الاختفاء مريبا بالفعل، حيث لم يتم العثور على أى أثر لهما.

أما فى عام 1987 فانطلقت السفينة "كارلوتا" فى رحلة عبر "مثلث التنين" وفجأة اشتعلت فيها النيران دون سبب وهى لا تحمل أية مواد قابلة للاشتعال، وحاول البحارة إطفاء الحريق من الطرف الأمامى لكنهم تفاجأوا بالنيران تشتعل فجأة فى مؤخرة السفينة وعجز البحارة عن إطفاء الحريق ولكن النيران انطفأت فجأة بعد أن أصيبت الباخرة بتلف كبير، وعادت السفينة إلى الفلبين وما زالت موجودة بالميناء بعد أن شوهتها النيران، وهذا ما أكد أن المنطقة تحت سيطرة قوى خفية.

وهناك 12 منطقة أخرى تتسم بهذا الغموض وتشتهر بهذه الحوادث مثل مثلث «الدار البيضاء» وهى المنطقة الواقعة بين مدينة الدار البيضاء وجزر الكنارى وإسبانيا ومضيق جبل طارق، وتم رصد عدد الحوادث فى هذا المثلث الافتراضى فوجدوا أن الحوادث كذلك مرتفعة كمثلث برموده.

أيضا منطقة "بحر الشيطان" التى تقع فى جزر "بونين" وبالتحديد بين "ايوجيما" و"جزر ماركوس"، اعترفت بعض سلطات الدول الآسيوية المحيطة بها أنها منطقة خطيرة وحذرت من المرور بها.

المد والجزر وهياج البحر ظواهر تفسر بغض سكانه هناك ظواهر بحرية علمية تناول تفسيرها العلم فى أكثر من قاعدة ونظرية مثل المد والجزر والجاذبية والطوفان والفيضانات وهياج الأمواج وغيرها من الأحداث المفاجئة التى تحدث فى عالم البحار وقد تتسبب فى هلاك أمم بأكملها، وكان لكل منها تفسير وتحليل علمى خاص تملأه الأرقام والحسابات الفيزيائية، لكن ما زالت الخرافات وقوى ما وراء الطبيعة تسيطر على أذهان الناس وتطرح أمامهم تفسيرات أخرى لمثل هذه الظواهر.

المد والجزر: تفسر هذه الظاهرة على أنها مجرد عوامل القبول أو الرفض لجنية البحر، فأحيانا ما ترغب فى سحب أحد الغاطسين أو السباحين الموجودين بدائرتها البحرية فتجذبه من خلال هذه الدائرة التى تعرف بالدوامة.

الجاذبية: تفسر أيضا هذه الظاهرة على أنها لهو من صغار سكان أعماق البحار من الجن والشياطين حيث يتنافسون على اسقاط إحداهن على العمق وإغراقه.

الفيضان: أما هذه الظاهرة الطبيعية فقد تبدو خرافية للبعض فوفقا لعلوم الأسطورة تفسر على أنها غضب من إله البحر للتأخر عليه فى تقديم القرابين والأضاحى، ومن ثم يثور وتتحول ثورته إلى غرق مدن بأكملها.

هياج الأمواج: ولهذه الظاهرة تفسير آخر، حيث يرى البعض أنها غضب عارم يجتاح منطقة معينة من البحر بسبب قيام أحد المارين بالسفن ببعض الأفعال التى تغضب إبليس وأهله وعشيرته، مثل إلقاء المخلفات والمواد العضوية التى يعتبرونها إهانة، مما يجعلهم يأمرون أمواج البحر بأن تثور لتعاقب المتعدين عليهم.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;