يستغل عدد من الأشخاص روحانيات شهر رمضان الكريم، لاستعطاف المواطنين واستجدائهم للاستيلاء على أموالهم بطرق غير مشروعة، من خلال التسول، بالاحتيال وادعاء الإصابة والحاجة إلى المال بعدة طرق.
"انفراد" رصد تفسير انتشار مافيا "التسول" فى شوارع القاهرة والمحافظات، تلك الظاهرة التى تسيء إلى الفرد والمجتمع على حد سواء، وتفسير خبراء الأمن وعلم الاجتماع وشيوخ الدين لأسباب تفاقمها وكيفية القضاء عليها.
الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، قال إن التسول يعتبر ظاهرة عالمية وليست محلية، وفيها ينتهز النصابين فرص قدوم شهر رمضان المبارك، لاستعطاف المسلمين فى إخراجهم الزكاة، والمتصدقين، للاستيلاء على أموالهم بطرق غير شرعية.
وأكد كريمة أن العبء يقع على عدة جهات منها المؤسسات الدعوية، والتى عليها أن تقوم بتكثيف الدعوة والتوعية عن أخطار ومضار التسول على المتسول والمجتمع، والعمل بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها:"ا" ومن يفتح باب مسألة إلا فتح الله عليه باب الفقر" وأيضا:"اليد العليا خير من اليد السفلى".
وأضاف كريمة أن التسول ظاهرة مؤسفة، فيها المتسول يشكو ربه ويكذب على المجتمع ويدلس على المتصدقين ويستولى على الأموال بطرق غير مشروعة ويعتبر كسبه "سحت" وماله "خبيث" ومصيره إلى جهنم، قائلا:"الإسلام أمر بالعفة ونهى عن سؤال الناس"، مصداقا لقوله تعالى:" يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا".
واستكمل الأستاذ بجامعة الأزهر:" لابد من وجود مشاركة مجتمعية للقضاء على ظاهرة التسول ولها أربع جوانب منها جانب دينى وآخر اجتماعى وجانب أمنى وإعلامى"، مشددا على ضرورة التوعية الاعلامية للمستحقين وليس المدعين، ومطالبا الأمن بتكثيف الحملات للقبض على المتسولين من الشوارع وكذلك من يدعون إصاباتهم بعاهة، قائلا:"لا بد من تحرير محاضر تدليس وغش ومعاقبتهم بجريمة السطو على أموال الناس بطرق غير مشروعة "
ويرى اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن المتسولين يستغلون الحالة الدينية للمسلمين فى شهر رمضان، للنصب عليهم والاستيلاء على أموالهم، مؤكدا أنهم كذابين ومخربين ويقومون بالتدليس للتسول وجمع الأموال من خلال انتشار مافيا كبيرة من السيدات والأطفال، مضيفا:"هناك آخرون يقومون بتوزيعهم وتشغليهم مقابل نسبة يوميا وبعضهم أغنياء ويدعى المرض والإصابة "
وطالب المقرحى بضرورة القضاء على تلك الظاهرة من خلال ضبط هؤلاء المتسولين، وتشديد العقوبات فى مواد القانون، قائلا:" عقوبة المتسول من شهر إلى 3 شهور.. لابد من تشديدها وتغليظها وتجريم كل من يدعى الإصابة أو المرض أو يستغل البسطاء للنصب عليهم بتشديد العقوبة لحبسه سنوات بدلا من شهور.. وكل من ينتحل الصفة أيضا."
وأضاف الخبير الأمنى،:" هناك مواطنون يمتهنون التسول ويحترفونه ويقفون فى إشارات المرور والشوارع ممسكا بـ"مكنسة" للتسول بهذه الحيلة أو حيل أخرى.. وأعرف شخص جمع 350 جنيها فى أقل من 4 ساعات وهو فى الأساس موظف."
فيما قال الدكتور فتحى قناوى أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن "المتسولين" يقومون باستغلال الظرف والمكان، وباستخدام حيل لجمع الأموال، بأى طريقة، مؤكدا أن البطالة وزيادة عدد السكان والغلاء وتردى الأوضاع الاقتصادية هى الأسباب التى تؤدى إلى التسول لجمع المال فى رمضان.
وأضاف قناوى أنه لا بد من وجود مشاركة مجتمعية من جميع فئات المجتمع ومؤسساته لجمع المتسولين من الشوارع وأماكن تجمعهم، لدمجهم فى المجتمع، من خلال وضعهم فى دور إيواء أو رعاية، وتشغيل من يستطيع العمل منهم فى أى مشاريع إنتاجية تابعة للدولة، بالإضافة إلى ضرورة دراسة الحالات لمعرفة الأسباب الحقيقة وضبط النصابين منهم وتسليمهم إلى الشرطة."