أوصانى أبى بتلاوة القرآن بما يرضى الله.. وأسعى لأكون قارئاً ومبتهلاً فى آن واحد بالإذاعة
من سورة النبأ وتحديدًا بدءًا من الآية القرآنية «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا»، رتل الطفل الصغير الذى لم يتعد بعد 6 أعوام محاولًا تقليد والده القارئ الشهير بقرية كفر شلشلمون بمنيا القمح فى الشرقية، فإذا بالأب يثنى على طفله الصغير بنظرات حنان ممزوجة بأمل بأن يرث نجله مقعده فى دولة التلاوة، قائلًا له: «صوتك جميل يا بنى، وقد وهبتك للقرآن الكريم بإذن الله».
فى المسجد الحسينى بالقاهرة التقينا الشيخ عصام السيد مجاهد، 48 سنة، بعد انتهائه من أداء ابتهالات فجر أحد أيام رمضان، ضمن سلسلة «المداحون»، وكان هذا الحوار..
نشأت فى منزل ربه قارئ للقرآن الكريم.. كيف أثر ذلك على نشأتك؟
- والدى وجدى كانا قارئين للقرآن الكريم، وبفضل الله حفظت القرآن الكريم على يد والدى، حيث كان حريصًا على تحفيظى القرآن أنا وإخوتى، وأتممت الحفظ على يديه وأنا فى سن العاشرة ثم جودته أيضًا على يديه فى سن الخامسة عشرة.
ومتى أدركت موهبتك فى تلاوة القرآن الكريم والابتهالات؟
- والدى اكتشف موهبتى، فمنذ صغرى كنت أذهب معه للحفلات التى يقرأ فيها القرآن الكريم، وفى إحدى المرات كنت فى المنزل أحاول أقلده، وأتذكر أننى وأنا فى سن 6 سنوات كنت أقرأ من سورة النازعات من قوله تعالى «إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا»، وسمعنى والدى وقال صوتك كويس جدًا ولازم تحفظ القرآن الكريم، وأنا وهبتك للقرآن.
وكيف كانت موهبتك فى الابتهالات؟
- فى الحقيقة والدى إلى جانب أنه كان قارئًا للقرآن الكريم، كان عضوًا فى بطانة أحد المبتهلين فى قريتنا، وكان يصحبنى معه، فكنت أحفظ الابتهالات والتواشيح وأؤديها أيضًا، ومثلى الأعلى الشيخ سيد النقشبندى، وفى إحدى المرات قدمنى والدى لأحد المشايخ المشاهير فى بلدتنا وأديت الابتهالات وتلوت القرآن الكريم وأثنى علىّ كثيرًا.
ومتى كانت أول مرة تواجه الجمهور؟
- كنت أذهب مع والدى للحفلات وكنت أقرأ أمام جمهور قليل من الأقارب والأصدقاء، لكن أول مرة تلقيت دعوة للتلاوة كان سنى 21 عامًا، وكانت فى قرية نفيشة بالإسماعيلية، وحصلت على أجر 10 جنيهات، ثم بعد ذلك بدأت الدعوات تتوالى، وبفضل الله صوتى وإمكانياتى فى تلاوة القرآن الكريم وإجادتى لأحكامه فرضتنى على الساحة.
ومتى تم اعتمادك مبتهلًا فى الإذاعة؟
- تقدمت للإذاعة فى عام 2012، وأخذت مهلة 6 أشهر لعلم الانتقال النغمى، ثم تم اعتمادى، وتقدمت مؤخرًا بأوراق اختبارات كقارئ فى الإذاعة لأكون قارئًا ومبتهلًا فى الإذاعة، وأنا لا أخلط الابتهال بالقرآن، وأود أن أؤكد لك أنه ليس كل قارئ قرآن يستطيع أن يكون مبتهلًا، والعكس.
ما الذى تعلمته من والدك الشيخ السيد مجاهد؟
- تعلمت من والدى التواضع، وقراءة القرآن الكريم لأجل القرآن، وبما يرضى الله، وليس لأجل المال، وكان دائمًا ما يقول لى «لا تُرضِ العبد بسخط الرب» فى تلاوتك للقرآن، بمعنى أعطِ كل حرف حقه، ولا تلحن بالصوت، وهو كان يسير بهذا النهج، وكان ينال إعجاب المستمعين والجمهور، لأنه فى الماضى كان المستمعون يحفظون القرآن الكريم على عكس هذه الأيام.
ما أكثر موقف أعجبك من الجمهور خلال تلاوتك للقرآن أو أداء الابتهالات؟
- المواقف كثيرة، لكن أذكر قبل عامين كانت وفاة ابن عمتى، وتلوت القرآن الكريم فى مأتمه، وكنت أقرأ من سورة النازعات، وحينما وصلت لقوله تعالى «أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا»، كان الله «فاتح علىّ» كثيرًا فطلبها منى الحضور أرددها حوالى 10 مرات.
ما الذى يتمناه الشيخ عصام السيد مجاهد مستقبلًا؟
- أتمنى أن أكون قارئًا ومبتهلًا بالإذاعة، وأتمنى أن يرث ابنى «أحمد» المهنة، وهو الآن يحفظ 16 جزءًا من القرآن الكريم، ويقرأ القرآن الكريم ويؤدى ابتهالات فى المدرسة.
كيف ترى اليوم حال المبتهلين والابتهال فى مصر؟
- أرى أن الابتهال فى مصر الآن بحالة جيدة، خاصة فى ظل ظهور مبتهلين جدد من الشباب، لكننى أتمنى عودة فن التواشيح الدينية، وأنا بدأت بالفعل بنفسى، حيث إننى أجهز لعمل بطانة وتقديم تواشيح دينية، لإعادة هذا الفن الراقى، ومثلى الأعلى فيه هو الشيخ طه الفشنى، والشيخ سيد النقشبندى.
وكيف تختار كلمات الابتهالات.. وهل تقول كلمات التراث؟
- لا أحب أن أستعين بكلمات التراث، لأن كل المبتهلين الآن يقولونها، لذلك أستعين ببعض الشعراء الحاليين لأقدم كلمات جديدة تناسب جميع المناسبات الدينية، ومن أبرز الشعراء الذين أستعين بهم الآن هو أبوطالب محمود، وأكثر قصيدة جديدة أحب ترديدها هى «الشوق حركنى بغير ترددِ.. والشعر أبحر فى غرام محمد».
وما الأثر الذى تتركه الابتهالات الدينية فى نفوس المستمعين؟
- للابتهالات الدينية تأثير كبير جدًا على المجتمع، فمن الناحية الدينية تشرح تعاليم الدين الإسلامى السمحة، مما يسهم فى مواجهة الأفكار المتطرفة والمغلوطة عن الإسلام، كما أنها من ناحية أخرى هى فن راقٍ يسمو بالمستمعين.