- الفن ليس حراماً ولكنه نوعان مفيد وهابط.. والكل سيحاسب على التفريط فى القدس
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من يهاجمون الشيخ الشعراوى حسابهم عند الله عسير وشديد، مؤكدًا أن الذين يقدحون فى التراث جهلة. وأشار هاشم فى حوار لـ«انفراد» إلى أن الجميع سيحاسب على التفريط فى القدس، كل حسب طاقته، وأسأل الله أن يجعل الرئيس السيسى خليفة لصلاح الدين الأيوبى، وتتحرر القدس تحت رايته، موضحًا أن الفن ليس حرامًا، وأنه نوعان، مفيد وهابط، وأن كتاب البخارى أصح كتاب بعد كتاب الله.
فى البداية.. قام البعض بتوجيه النقد لإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى فما ردكم؟
- إن الذين يهاجمون الشيخ محمد متولى الشعراوى حسابهم على الله، لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم «اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم فإنهم أفضوا إلى ما قدموه»، فلا يصح أن نذكر الأموات بالسوء، لأنهم أفضوا لما قدموا، وهم بين يدى الله، وهذا بصفة عامة فى الناس جميعًا، فما بالك حين يكون القدح والتجريح فى شخص من علماء الإسلام، وإمام من أئمة الدين، وقمة من قمم الخير.
لا شك أن حسابهم عند الله عسير وشديد، لأن الإمام الشعراوى رحمه الله كان من الصفوة الذين اختارهم الله ليبلغوا القرآن ومعانيه، ووهبهم الله العلم والموهبة، لأن المفسرين اشترطوا فيمن يتصدى للتفسير أن يكون عالمًا حافظًا للقرآن وعالمًا بالحديث واللغة والصرف والاشتقاق، وإلى جانب ذلك علم لا يتعلمه العلماء، ولكن أفاضه الله على من يصطفيهم منهم، وهو علم الموهبة، يهبه الله لمن يشاء من عباده المتقين، والشيخ الشعراوى كان من هذا النوع، واستطاع إسقاط الكثير من المعانى على أمور الحياة لمعالجتها.
وكنت قد نظمت قصيدة فى الشيخ الشعراوى تقول «سلام شيخنا الغالى سلاما وأنعم بالجنان لكم مقاما.. شرحت كتاب ربك فى يقين وحاربت العداوة والخصام.. وجاءتك المعانى مشرقات وعالجت الجهالى والسقام.. وجاء الشرح لم تسبق إليه ولم تلحق فكنت لنا إماما».
وقال صلى الله عليه وسلم «الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»، أنا لا أريد أن أقدح فيمن يقدحون فى هذا الإمام أو غيره، بل أدعو الله أن يهديهم.
هناك سؤال يحير الكثيرين.. هل الجميع سيحاسب عن تقصيرنا بشأن القدس؟
- نحن كمواطنين ومسؤولين، وكذلك كعلماء وكتاب ومفكرين وحكام ومحكومين ورؤساء وملوك وأمراء، الجميع سيُسأل ويحاسب، كل على قدر طاقته، ولا بد من وحدة الصف وعدم الاختلاف، والمسؤولية تكبر عندما يكون الإنسان مسؤولًا عن دولة أو فيما يسمونه الآن بالدول العظمى أو منظمات حقوق الإنسان، حيث يتم الآن إطلاق منظمات حقوق الإنسان.. يعنى إيه؟.. من المفترض أن مجلس الأمن والأمم المتحدة يبحثون الحقوق لترد لأصحابها، فكيف لا يردون القدس لأصحابها، وكيف تتم استباحة حرمة أحد المقدسات وبيوت الله، الذى أسرى إليه رسول الله عليه وسلم، وصلى بالنبيين فيه، وخرج منه إلى السماوات العُلى، وذكره القرآن الكريم.
العالم مسؤول مسؤولية كبرى عما يحدث فى القدس، ولا بد أن يكونوا على قلب رجل واحد لإعادة الحق لأهله، حتى وإن كانوا غير مسلمين أو كانوا من دول الغرب، لأن إهدار دور الدين والمساجد فى مكان ما سيغرى بإهدارها فى مكان آخر، فتصبح الحياة فوضى، ولا يمكن بجرة قلم أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل، وتنزع الهوية، ويعيش الشعب الفلسطينى مشردًا.. هؤلاء حسابهم عسير، والجميع بلا استثناء مسؤول، والكبار أصحاب القرارات ومنظمات حقوق الإنسان والأمراء والملوك حسابهم أشد، لكن الكراهية والفرقة والتشرذم من أسباب ضياع القدس.
صلاح الدين الأيوبى فتح القدس بعد أن أصبح المسلمون وحدة واحدة، ونحن نحتاج لصلاح الدين الأيوبى اليوم، وندعو الله أن يجعل الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يكون خليفة صلاح الدين ليتم على يديه ويد إخوانه من الرؤساء تحرير القدس.
هل نحن مطالبون بنشر الإسلام فى المجتمعات غير المسلمة؟
- منذ أكثر من عشرة أعوام كنت رئيسًا لجامعة الأزهر، ووجهت لى دعوة من جامعة أمريكية تقوم بنظام التعليم المفتوح، وقالوا لى فى خطابهم نستغيث بك كرئيس للأزهر أن تأتى لزيارتنا فى أمريكا، لأن لدينا أبناء لا يعرفون شيئًا عن الإسلام، ونخشى نحن كمسلمين ألا يعرفوا شيئًا عن دينهم، وقاموا بتكوين اتحاد وطلبوا من الإدارة الأمريكية إقامة جامعة إسلامية مفتوحة ليعلموا أبناءهم الإسلام، وقاموا بدعوتى وقالوا للإدارة الأمريكية إن الأزهر يدعو إلى الوسطية والاعتدال واحترام جميع الأديان، والإدارة الأمريكية قالت مرحبًا برئيس جامعة الأزهر، ومكثت فى أمريكا وتنقلت بين الولايات والمراكز الإسلامية، وتمت ترجمة المحاضرات التى ألقيتها عن محاسن الإسلام، خاصة فى نيويورك، وفوجئت بعدد من الأمريكان يعلنون الإسلام، وكنت ألقنهم الشهادة ودموعى منهمرة، ولذلك أؤيد أن تكون الدعوة للإسلام شاملة للجميع، لأن الإسلام دين عالمى، ورسوله رحمة للعالمين.
بين الحين والآخر يخرج علينا من يسمون أنفسهم بالعلمانيين ويقدحون فى التراث.. كيف تنظر لهم؟
- هؤلاء ربما يكونون يتحدثون عن جهل أو عناد، ودورنا أن نعلمهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
إذًا، ما قولك فيمن يهاجمون الإمام البخارى؟
- إن من يهاجمون الإمام البخارى يجهلون العلم والمعرفة، وبضاعتهم مزجاة، وبعضهم لا يريد الاهتداء بهدى الله، إن كتاب صحيح الإمام البخارى أصح كتاب بعد كتاب الله، وتلقته الأمة بالقبول حتى قال بعضهم «ما وجد فى بيت وأحرق ولا فى مركب وأغرق»، فهو كتاب مبارك يفسر القرآن، والإمام البخارى اشترط شروطًا دقيقة وعميقة فى التفسير.
مؤخرًا نظم الأزهر مهرجانًا للفن والإبداع للمرة الأولى.. هل الفن يتعارض مع الدين؟
- الفن نوعان، أحدهما هادف ومفيد، والآخر هابط وغير مفيد، فالشعر فن، والتمثيل الحقيقى لحقائق وقيم ومبادئ الأخلاق لا شىء فيه، لكن الفن الهابط شىء محرم، ولا يمكن أن يقال عنه إنه فن بالمرة.
ما الرسالة التى توجهها للرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- أدعو الله أن يوفقه، وأقول له إن الله اختارك لإخراج مصر من أزمة كانت خطيرة، ونجّى الله مصر على يديك، وأدعو الله أن يجعلك خليفة لصلاح الدين الأيوبى لتحرر القدس، وتتحرر على يديك وعلى يد إخوانك من الرؤساء والأمراء والحكام العرب.
ما الرسالة التى توجهها للقوات المسلحة؟
- لقد بذلتم أقصى ما فى الوسع الإنسانى، وبارك الله فيكم وقائدكم الأعلى والقائد العام وكل قيادات الجيش وضباطه وجنوده من أقل رتبة لأعلى رتبة، لأنكم لم تقصروا وقدمتم شهداء هم فى جنة الخلد إن شاء الله.
ما الرسالة التى توجهها لأهل شمال سيناء؟
- كونوا على حق، وكونوا مع الحق، واستمروا واعلموا أن الله معكم.