"تطوير التعليم الفنى وربط مناهجه بسوق العمل".. كم مرة سمعت هذه العبارة ؟ وكم مرة قرأت هذا التصريح فى الصحف على مدار أكثر من 20 عام مضت ؟ الإجابة على هذه الأسئلة سهلة جدا، ويجيب عنها العامة قبل المتخصصون، فوضع التعليم الفنى فى مصر ضعيف جدا، وطلابه بالكاد يقرأون ويكتبون، ومدارسه مازالت تفتقر إلى تحديث وتطوير وتحتاج أموال طائلة لمواكبة التطور الصناعى وسوق العمل فى مختلف المجالات.
تطوير التعليم الفنى يبدأ بتغيير المناهج
الحديث عن تطوير التعليم الفنى على لسان الدكتور أحمد الجيوشى، نائب وزير التربية والتعليم يبدأ بتطبيق نظام جديد اعتبارا من العام الدراسى المقبل، فى شهر سبتمبر 2018، من خلال تحديث وتطوير مناهج جديدة تتواكب مع سوق العمل، إلا أن الدكتور الجيوشى فى كل تصريحاته لم يكشف عن طبيعة هذه المناهج وعددها وواضعوها، و هل تمت استشارة الخبراء بشأنها والاستعانة بأساتذة الجامعات أم لا ؟! و هل سيتم عمل حوار مجتمعى حول هذه المناهج بما يخدم فعليا إمكانية تطويرها وفق النظم الحديثة المعمول بها فى دول العالم المتقدم، والتى يمكن من خلالها سد الفجوة الحقيقية بين المناهج وسوق العمل أم أن الموضوع يتم داخل وزارة التعليم بشكل "سرى".
تطوير مناهج التعليم الفنى يبدأ من تقليص أعداد المقررات الدراسية الحالية، التى يصل عددها وفقا لبيانات وزارة التربية والتعليم 1745 مقرر دراسى !! نعم الرقم مرة أخرى 1745 مقرر دراسى فى مختلف أنظمة التعليم الفنى على مستوى الجمهورية سواء فى نظام الخمس سنوات أو الثلاث سنوات، كيف يمكن ربط الطالب بسوق العمل فى ظل وجود هذا الكم غير المعقول من المقررات الدراسية، التى غالبا ما يتسلم الطالب الكتب الخاصة بها، لينتهى بها الحال فى نهاية العام عند باعة الفول والطعمية فى القرى والريف، وهل المهن الموجودة فى سوق العمل المصرى أو الدول الشقيقة والصديقة، التى تتوجه العمالة المصرية إليها.
التعليم الفنى ينتظر تحرك الحكومة
التعليم الفنى به أكثر من 2 مليون طالب، فى 2000 مدرسة على مستوى الجمهورية، و 100 ألف معلم، وهذه أرقام كبيرة، تحتاج إلى اهتمام ورعاية من مختلف جهات الدولة، فالمشكلة لا تنتهى أبعادها عند وزارة التربية والتعليم فقط، ولكن تتجاوز ذلك إلى قطاعات عديدة، مثل وزارة الصناعة والتجارة، باعتبار المنتج النهائى للتعليم الفنى تعتمد عليه الصناعة بصورة رئيسية، ورجال الأعمال واتحاد الصناعات والغرف التجارية، واتحادات المستثمرين والمصدرين، ووزارات القوى العاملة، والتخطيط والهجرة، والإنتاج الحربى، والهيئة العربية للتصنيع.. إلخ.
لا أحد يشكك فى حجم الجهد الذى تبذله وزارة التربية والتعليم فى الوقت الراهن لتطوير المنظومة التعليمية فى مختلف مراحلها، والشوط الكبير الذى قطعه الدكتور طارق شوقى لإعلان هذه المنظومة، رغم ما تعرض له من هجوم وانتقاد، إلا أنه أصر على خطة تطوير التعليم، التى ستكون بمثابة ثورة حقيقية لبناء الطالب المصرى، إلا أن التعليم الفنى يحتاج خطة طموحة تعمل على عدة محاور، أهمها الطالب، وطرق التحصيل الدراسى والأنشطة والتدريبات المهنية الحقيقية، حتى نتمكن من خلق فرص عمل حقيقية لمئات الآلاف من الشباب سنويا ينضمون لطوابير البطالة.
التعليم الفنى وفرص العمل للشباب
الدكتور أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم، والمسئول عن منظومة التعليم الفنى، يبذل جهودا كبيرة لتطوير هذه المنظومة، ولكن يجب أن يكون هذا التطوير نابع من خطة قومية تتبناها الحكومة أولا لرفع قدرة وجودة التعليم الفنى خلال السنوات المقبلة، لأن القضية أكبر من مجرد أشخاص، بل تحتاج إلى رؤية شاملة تتبناها الدولة، خاصة فى ظل المشروعات التنموية الضخمة، التى تم إطلاقها خلال الفترة الماضية، وتوفر ملايين فرص العمل للشباب، خاصة المؤهل للتعامل مع متطلبات الصناعة والتكنولوجيا الحديثة.