خالد صلاح يكتب: الحدود الليبية والحدود المكسيكية

أدعو السلطات فى مصر لأن تدرس الآليات التى تعتمد عليها قوات الأمن الأمريكية فى حماية الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، فهذه تجربة حدودية مهمة تستحق الدراسة، وتجربة فى الحماية بالطيران وبأجهزة المراقبة الإلكترونية، وعبر الدوريات المتنقلة، وعبر عناصر المعلومات خلف خط الحدود، يمكن أن تمثل مثالا جيدا فى إدارتنا للحدود المصرية الليبية التى تمتد لما يقرب من 1115 كيلومترا فى جغرافيا صحراوية متنوعة. مصر قطعت شوطا كبيرا فى حماية الحدود مع ليبيا، وقامت قوات الأمن بتدمير المئات من سيارات الدفع الرباعى المحملة بالأسلحة المهربة، وصل الرقم لأكثر من 1400 سيارة تقريبا خلال الأشهر الماضية، الأمر الذى يعنى أن المحاولات لا تنقطع من الإرهابيين على الجانب الآخر، والقدرات المصرية لا تلين فى المواجهة، لكن الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، وينبغى التفكير فى آليات مستمرة نحمى بها هذه الحدود الطويلة دون إنهاك لقدراتنا الأمنية أو استنزاف مستمر فى الإنفاق على هذه العمليات التى تجرى عبر خط حدودى بهذا الاتساع. التجربة الأمريكية مع المكسيك تجربة مهمة وتستحق الدراسة، يفكر الرئيس الأمريكى ترامب فى بناء سور عظيم يحمى أرض الولايات المتحدة الأمريكية من المهاجرين القادمين من الجنوب عبر المكسكيك، ترامب يرى أن النعمة التى منحها الله للأمريكيين لا ينبغى أن يتقاسمها معهم أحد من الهاربين من جحيم الفقر فى الجنوب، ويرى أن الجريمة والسلاح وتهريب المخدرات سببه هؤلاء المهاجرون الجنوبيون الذين يتسللون عبر الحدود بلا رادع، ومن ثم فإن السور هو الحل، وبصرف النظر عما إذا وافق الكونجرس على ميزانية بناء السور، أو لم يوافق، فإن ترامب رفع مستوى الحيطة الأمنية على الحدود إلى أعلى المستويات، وإدارته تفكر طوال الوقت فى بدائل تحمى الأرض الأمريكية من الخروقات الأمنية المتكررة، ومن الهجرات المستمرة التى لا تنقطع. لا أقول هنا إن السور مع الأشقاء هو الحل. ولا أقول إن نظرتنا لأشقائنا تساوى نظرة ترامب لجيرانه فى الجنوب. ولكننى أقول إن التجربتين متشابهتان من زاوية طول الحدود بين البلدين، وصعوبة الجغرافيا فى بعض المناطق الحدودية، كما تتشابه التجربتان أيضا فى الإلحاح الأمنى والسياسى، إذ إن الولايات المتحدة تريد أن تحمى نفسها «فورا» من استنزاف أمنى واقتصادى مستمر، وتريد مصر أيضا حماية نفسها «فورا» من تسلل مستمر للإرهابيين الممولين من الخارج. لماذا لا ندرس التجربة؟ ولماذا لا نتبادل الخبرات فى هذا المقام بالتحديد؟ مجرد اقتراح. مصر من وراء القصد