نساء على رقعة الشطرنج.. كليوباترا.. ثلاثية السلطة والإغواء والدم.. قصة حبها لمارك أنتونى خدعة تاريخية.. وانتحرت هربا من الأسر والقتل على يد أوكتافيوس.. قتلت وأغوت وخانت وتحالفت ولم تترك فى قلبها موضعا

للسلطة شهوتها التى لا تعادلها شهوة، وللجميلات طموحهن الذى لا يتوقف خاصة إن كان الحكم حقا لهن، وللبقاء على العرش ضريبة تدفعها الملكات من جمالهن ودمائهن أحيانا ما دمن يمتلكن المقومات التى تدفعهن لذلك، فهنا وأنا أكتب هذه الكلمات وبعد البحث فى سيرة النساء عبر التاريخ خاصة الملكات منهن أدركت أن للسلطة فى العالم القديم قانون والاحتفاظ بها يتطلب تضحيات كثيرة، فتتحول أرق النساء وأجملهن لوحش كاسر، وتنقلب أحن النساء وأطيبهن إلى غول يلتهم كل من يقف فى طريقهن، هذا ما حدث، ولكم فى قصة الملكة كليوباترا السابعة ملكة مصر أكبر دليل، فلو تعمقت قليلا فى تفاصيلها ستجد أن هذه السيدة فعلت كل ما يمكن فعله للاحتفاظ بالسلطة، فقتلت وأغوت وخانت وهربت مقابل البقاء وحيدة على عرش مصر، وهذا لا ينفى أنها كانت ملكة قوية كما لا يدينها بشكل كبير، فما تفعله النساء يفعله الرجال أيضا فى سبيل الاحتفاظ بالحكم. أول ما يصدمك فى تفاصيل حياة كليوباترا هى قصة الحب الخرافية التى جمعتها بمارك أنتونى والتى تكتشف مع البحث أنها لم تكن كذلك على الإطلاق بل كانت مجرد قصة استغلال كل منهما للآخر حفاظا على السلطة، وأن انتحار كليوباترا فى النهاية لم يكن حزنا على مقتل أنتونى وإنما كان خوفا من مصيرها المظلم الذى ستواجهه من أوكتافيوس أو «أغسطس» غريم أنتونتى الذى كان ينافسه على حكم روما، فهى فى الغالب لم تعرف الحب، ولم تترك فى قلبها مكانا لرجل، فقد حجزت السلطة كامل قلبها وعقلها وفعلت كل ما فعلت فى حياتها للحفاظ عليها. ‎عاشت الملكة الصغيرة مع والدها بطليموس الثانى عشر حاكم البطالمة فى الإسكندرية وورثت عنه الحكم مناصفة مع أخيها بطليموس الثالث عشر بعد وفاة والدها وكان عمرها حوالى ١٨ عاما بينما كان يصغرها أخوها بثمان سنوات، ووفقا للقانون الملكى فقد تزوجت كليوباترا من أخيها رغم صغر سنه حفاظا على نقاء الدم، واستطاعت أن تسيطر على الحكم وهو ما دفع بطليموس للتخطيط للتخلص منها وفعل بعد أربعة سنوات من حكمهما معا، فتخلص منها وطردها خارج الإسكندرية لشرق مصر وعلى حدود سوريا، وبالطبع لم تستسلم الملكة الجميلة الذكية، قررت العودة بخطة محكمة تسيطر بها على الحكم، ولم تجد سبيلا لذلك إلا بالتحالف مع يوليوس قيصر، حاكم الرومان القوى، الذى جمعتها معه علاقة مصلحة، قيصر يحتاج لبسط سيطرته على مصر والاستفادة من خيراتها لملء خزانته، وهى تحتاج إلى دعمه وجيشه للانتصار على أخيها والسيطرة على الحكم، وبالفعل حدث التحالف ووصل قيصر إلى الإسكندرية وطالب بسماع كل منهما للتقريب بينهما وبعد الاستماع لهما أعلن قيصر دعمه لحكم كليوباترا، وانفردت بالحكم، ‎فتمرد بطليموس الثالث عشر الذى مات غرقا فى نهاية إحدى المعارك وبهذا أصبحت الملكة أرملة إلا أنها وقبل ذلك دفعت ثمن دعم قيصر لها كما ذكر بعض المؤرخين برحلة نيلية على متن سفينة فخمة جمعتها بقيصر ثلاثة أشهر، عادت بعدها إلى الإسكندرية وكانت «حامل» من قيصر وعلى الرغم من ذلك تزوجت من أخيها بطليموس الرابع عشر، وأنجبت ابن قيصر بعد زواجها أطلقت عليه بطليموس قيصر، وأطلق عليه المصريون «قيصرون» وذلك سخريه منها ومن علاقتها بقيصر، لكن الأمر لم يهم الملكة محددة الأهداف، فهى تريد السلطة والنفوذ، ويبدو أن علاقتها بقيصر الذى عاد لروما كانت بمثابة البوابة التى تعبر منها لذلك، فقد قررت السفر لروما مع ابنها قيصرون على اعتبار أنها ملكة عليها، وعاشت مع يوليوس قيصر عامين هناك، وقد تركت فى الإسكندرية بطليموس الرابع عشر أخاها وزوجها يمارس الحكم تحت وصايتها خاصة أنها استطاعت أن تحقق رخاء اقتصاديا واجتماعيا للإسكندرية وشهدت الحياة السياسية وقتها انتعاشة كبيرة، وظلت الأمور هكذا حتى قتل قيصر فى مجلس السيناتور، وقتها صدمت الملكة وحزنت وعادت إلى الإسكندرية وقررت قتل أخيها بطليموس الرابع عشر لتنفرد بالحكم مع ابن قيصر بطليموس الخامس عشر، وفعلت، لكن يبدو أن الأمور لم تسر على النحو المخطط من قبل الملكة الحسناء، فقد اندلعت حربا بين أنصار قيصر بقيادة مارك أنتونى وأوكتافيوس وبين أعدائه ممن دبروا لقتله، واستطاع حلفاء قيصر هزيمة أعداءه وقسمت مملكة قيصر بين أنتونى وأوكتافيوس وكان لأنتونى المقاطعات الشرقية للحكم الرومانى بما فيها مصر. هنا تعددت الروايات فبعص المؤرخين يقولون إن أنتونى قد وقع فى وقت سابق فى حب كليوباترا وهنا وجد فرصته فى التقرب منها فأرسل فى طلبها وذهبت إليه بخطة محكمة للوقوع به، كما فعلت مع قيصر لضمان دعمه لها، والبعض يقول إنها هى من ذهبت إليه خوفا من ثورات المصريين ضدها خاصة بعدما تخلصت من أختها التى أرادت مشاركتها فى الحكم بعد أن قتلت أخاها وزوجها بطليموس الثالث، بينما تقول بعض الروايات إن أنتونى استدعاها للمثول أمامه وكان أول لقاء بينهما فوقع وقتها فى غرامها بخطة محكمة منها، حيث جعلت الجوارى يلفون جسدها العارى بسجادة وأدخلوها على أنتونى كهدية منها، وعندما فردوا السجادة خرجت منها الملكة عارية كعروس البحر فوقع فى شراكها إلا أن الملكة شديدة الدهاء خانها الذكاء هذه المرة، فأنتونى ليس بخبرة ولا قوة قيصر، ويبدو أنها للمرة الأولى اختارت اختيارا خاطئا، فقد ذهبت لأنتونى ويقال إنها حرضته على أوكتافيوس الذى كان أخا لزوجة أنتونى فى روما، وأوقعت بينهما بعدما سيطرت على أنتونى تماما، وأصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم بسببها، ونشبت الحرب بينهما وانتهت بانتصار أوكتافيوس على أنتونى فى معركة أكتيوم البحرية والتى كانت فاصلة فى الحرب الناشبة بينهما، فلقى أنتونى وكليوباترا هزيمة بشعة من أوكتافيوس وطالبت كليوباترا أنتونى بالتنازل عن الحكم لأبنائه منها حيث أنجبت منه ثلاثة، لكنه رفض التنازل تماما، فهربت الملكة إلى ضريح كان يستخدم كخزانة لها، وانتشرت شائعات بين الناس أنها ماتت ويرجح البعض أنها هى من روجت لهذه الشائعات خوفا من القتل، وعندما سمع أنتونى خبر وفاتها كان على متن سفينة فقفز منها ومات حزنا عليها، وعندما سمعت الخبر قررت الانتحار خاصة بعد معرفة أن خبر وفاتها كان مجرد شائعة ومعرفة أوكتافيوس طريقها وإرسال التهديدات لها بأنه سيحرقها وسيقتلها بعد أسرها، فقررت الملكة الانتحار بدلا من الأسر وخوفا من موتها المحتوم على يد عدوها أوكتافيوس، فطلبت من الجوارى إحضار أفعى كوبرا مصرية إليها وتركت الكوبرا تقرصها قرصتها السامة فماتت، بينما أنكر بعض المؤرخين هذه الطريقة وقالوا إنها شربت مزيجا ساما من الأدوية. ماتت كليوباترا بعد حياة حافلة بالانتصارات وحكم استمر عشرات السنوات استطاعت خلاله أن تبسط نفوذها بمكر ودهاء وخطط وباستخدام كل السبل الممكنة للاحتفاظ بالسلطة فقتلت أخويها وأغوت ملوك روما وتحالفت معهم وخانت أزواجها، كما أطلقت على نفسها «إيزيس الجديدة» وادعت أنها تمثل حياة الإلهة إيزيس على الأرض لإضفاء القدسية على حكمها وعلى الرغم من نفى بعض المؤرخين لفكرة أنها كانت صارخة الجمال فإنهم جميعا أكدوا على ذكائها الحاد ودهائها بالإضافة لجاذبيتها الكبيرة التى لا تقاوم، حيث استطاعت أن تنصب الفخاخ لاثنين من أعظم ملوك روما وتغويهم وتحصل منهم على ما تريد من دعم للبقاء فى السلطة، ويرجح البعض أنها لو كانت اختارت أوكتافيوس بدلا من أنتونى بعد مقتل قيصر لتغيرت أحداث القصة، لكن يبدو أن القدر أراد لها هذه النهاية المأساوية بعد حياة حافلة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;