قضت محكمة جزائرية، أمس الثلاثاء، بالسجن 6 أشهر بحق الداعية السلفى عبد الفتاح حمداش الذى طالب بإعدام الصحفى والكاتب كمال داود بتهمة "الكفر"، كما حكمت عليه محكمة الجنح بدفع غرامة قدرها 50 ألف دينار (450 يورو)، كما ذكر موقع فرانس 24.
وكان الداعية السلفى الذى يقود حركة "الصحوة الحرة الإسلامية السلفية" غير المعترف بها رسميا، دعا على صفحته على فيس بوك السلطات الجزائرية إلى الحكم بالإعدام على كمال داود وتنفيذ الحكم فيه علنا، وجاءت دعوته هذه بعدما انتقد كمال داود فى برنامج تلفزيونى فرنسى علاقة المسلمين بديانتهم.
ففى البرنامج الفرنسى "لم ننم بعد" والذى يذاع على القناة الفرنسية الثانية، ويقدمه الإعلامى لوران روكييه، تحدث كمال داود عن العربية وعن علاقته بالدين الإسلامى، موضحا أن العربية ليست جنسية وإنما هى ثقافة وتراث، وأنه كان فى بداية شبابه إسلامى التوجه، لأنه لم يكن هناك شىء آخر فى المقابل، والآن أصبح متدينا فقط. وأضاف أنا لم أشعر بنفسى يوما عربيا"، وكشف أن "هذا الحديث عادة ما يسبب له تهجمات ضد شخصه"، ليؤكد أنه "جزائرى وليس عربيا"، واعتبر أن "العروبة احتلال وسيطرة"، وأضاف أن "الشاب الجزائرى يجد نفسه مجبولا على الإسلاموية منذ صغره باعتباره فكرا شموليا"، وقال إن "علاقة العرب بربهم هى من جعلتهم متخلفين".
كل ذلك فتح أبواب الهجوم على كمال داود على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى والصحف، خاصة من الكتاب المعروفين بتوجه قومى إسلامى، والذين هاجموا داود بشدة، ونددوا بما اعتبروه هجوما على الدين وعلى الهوية العربية، متهمين داود بكل التهم، فيما ذهب البعض الآخر إلى انتقادات موضوعية، لما قاله داود، مع رفض خطاب التخوين الذى ردده البعض تجاه الكاتب كمال داود.
لكن الذى فجر ضجة كبيرة هو ما نشر على صفحة عبد الفتاح حمداش، أحد رموز السلفية فى الجزائر واتهم فيه الكاتب بالزندقة والكفر والإلحاد، وبإهانة الذات الإلهية، والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يفترض إقامة الحد عليه وقتله فى الساحات العامة، حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر.
وبرر السلفى عبد الفتاح حمداش هذه الفتوى بـ"تطاوله على القرآن ومحاربة الإسلام واللغة العربية ومعاداة أهل الإسلام وتمجيد أعدائه"، ودعا "النظام الجزائرى إلى الحكم عليه عن طريق القضاء بالإعدام علنا".
وكان "داوود" قد فاز بجائزة "جونكور للرواية الأولى" التى تعتبر أشهر جائزة أدبية فى فرنسا، فى دورتها الأخيرة عن روايته "مورسو تحقيق معاكس"، بحسب ما أعلن الناشر الجزائرى سفيان حجاج الموجود فى باريس للإعلان عن الفائز، ويتناول الكتاب جريمة القتل التى ارتكبتها الشخصية المثيرة للجدل فى كتاب "الغريب" للكاتب الفرنسى ألبير كامو والصادرة فى العام 1942، إلا أن داود تطرق فيها إلى الوقائع من وجهة نظر جزائرية.
وتدور أحداثها حول بطل الرواية مورسو الذى يقتل شخصاً عربياً يدعى "موسى"، ويبقى مجهولاً طوال الرواية، من دون أن يذكر كامو اسمه، إلا أن الروائى الجزائرى يعيد فى روايته حكاية قصة موسى، ذلك العربى الذى قتله مورسو فى كتاب ألبير كامو، ويكشف عن هويته من خلال كتابه. ويعتبر داود ثالث عربى يفوز بهذه الجائزة بعد المغربى طاهر بن جلون فى العام 1987، واللبنانى أمين معلوف فى العام 1993، وهو يُعرف بأسلوبه الناقد اللاذع وبحرية فكره، كما أنه يكتب مقالًا يوميًا فى صحيفة "لوكوتيديان دوران" الجزائرية (الصادرة بالفرنسية)، وفاز من قبل بجائزة القارات الخمس للفرنكفونية عن الرواية نفسها، وهى جائزة استحدثتها "المنظمة الدولية للفرنكفونية" فى العام 2001. بالإضافة إلى نيله أيضاً جائزة "فرنسوا مورياك" من "الأكاديمية الفرنسية" و جائزة "المرسى الأدبي" الذى يمنحه كتَّاب و صحافيون جزائريون و فرنسيون. كما حاز الكاتب على جائزة "قائمة غونكور - اختيار المشرق" خلال الصالون الـ21 للكتاب الفرانكوفونى فى بيروت .