رغب وزير الزراعة الإسرائيلى «شارون» وزوجته «ليلى» فى تمديد إقامتهما فى «وادى الملوك» بالأقصر للاستمتاع بآثار مصر الفرعونية، لكن الحكومة الإسرائيلية بقيادة مناحم بيجين استدعته فورا، كان شارون يزور مصر بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل فى مارس 1980، أما سبب الاستدعاء كما يقول فى مذكراته ترجمة «أنطوان عبيد»: «قررت الحكومة شن غارة نهار الأحد على المفاعل النووى الذى كان لا يزال فى طور الإنشاء فى محيط بغداد»، يضيف شارون: «كان الوقت يمر بسرعة قبل شن الهجوم على المفاعل العراقى، بينما كانت الاستعدادات للقاء القمة بين بيجين والسادات فى العريش تجرى ببطء، قبل ثلاثة أيام من التاريخ المحدد للعملية».
اتخذت إسرائيل قرارها بتدمير المفاعل الذى كان الرئيس صدام حسين يمضى فى تشييده، لكن وحسب شارون: «قررت الحكومة بعد مناقشات مطولة تدمير المفاعل قبل احتدام نشاطه، وكنت أعتبر بعض أعمال جيراننا غير المقبولة لدى إسرائيل خطوطا حمراء، وحيازة الدول العربية للأسلحة النووية خط من هذه الخطوط»، ويضيف: «فى قاعة مجلس الوزراء بمبنى الكنيست قلت لهم: علينا تدمير المفاعل النووى بكل ما أوتينا من قوة نار، إنها مسألة حياة بالنسبة لإسرائيل»، وحسب «انفراد»، موقع الكترونى -8 أغسطس 2015، نقلا عن صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية: «أطلقت إسرائيل على العملية اسم «أوبرا»، وقبل تنفيذها حدث لقاء دراماتيكى تم الحفاظ على سريته التامة بين شيمون بيريز زعيم المعارضة الإسرائيلية وقتئذ، ومناحم بيجين رئيس الوزارء».
وتؤكد «يديعوت»: «انطلقت المقاتلات الإسرائيلية فى الرابعة عصرا من قاعدة «عنصبون» العسكرية فى طابا بسيناء التى كانت تحت الاحتلال الإسرائيلى، وعبرت الحدود السعودية فى الخفاء وهى تحلق على ارتفاع منخفض، ووصلت إلى العراق فى الخامسة و30 دقيقة، ونفذت أهدافها يوم 7 يونيو «مثل هذا اليوم عام 1981».
انقطع البث الإذاعى فى عموم بغداد واستمر لمدة 15 دقيقة، كانت عملية القصف تتم خلالها بثمانى طائرات مقاتلة «قاذفة إف 16»، ويتذكر شارون: «أقلعت الطائرات من قواعدها، وبعد مضى قرابة نصف ساعة وفيما أصبحت الحدود العراقية على مرأى منها، عقدت الحكومة اجتماعا فى مسكن بيجين، وبينما كانت أمارات التوتر ترتسم على الوجوه، لاسيما وجه بيجين زف إلينا بالهاتف «رفول إيتن» نبأ النجاح الباهر الذى أحرزته العملية».
نزل الخبر كالصاعقة على العرب، وبعد نصف ساعة تقريبا كان صدام حسين موجودا فى الموقع وبصحبته أعضاء مجلس قيادة الثورة العراقية، ووفقا لمعلومات جرى تداولها بعد هذه الجريمة، أمر صدام بإعدام 14 ضابطا وجنديا عراقيا لتقاعسهم فى واجباتهم نحو حماية المفاعل، وفى أجواء تصاعد الغضب العربى نحو ما حدث طال الأمر الرئيس السادات، وهو ما يشير إليه الدكتور رفعت الأنصارى، الدبلوماسى المصرى بالسفارة المصرية فى «تل أبيب» وقت وقوع الغارة، قائلا: فى كتابه «حكايتى فى تل أبيب»: «طلب رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين لقاء الرئيس أنور السادات، ووافق الأخير على أن يعقد اللقاء فى 4 يونيو 1981، واصطحب بيجين الرئيس السادات فى جولة فى سيناء بطائرة مروحية، فى حين عقد الوفد الذى كان يصاحب السادات، اجتماعا مغلقا مع الوفد المصاحب لبيجين فى فندق «مارينا»، برئاسة كمال حسن على وزير خارجية مصر، وإسحاق شامير وزير خارجية إسرائيل، ويؤكد سعد مرتضى، أول سفير مصرى فى إسرائيل فى مذكراته «مهمتى فى تل أبيب» عن «دار الشروق - القاهرة»: «الرئيس السادات لم يكن سعيدا بنتيجة المحادثات مع بيجين، وكان وجهه متجهما على مائدة الغذاء وأثناء إلقاء كلمته ردا على بيجين».
ولأن جريمة إسرائيل كانت بعد ثلاثة أيام من هذا اللقاء أثير سؤال: هل أطلع بيجين السادات على نية ضرب المفاعل؟، ويؤكد الأنصارى على أن ما حدث أساء إلى مركز السادات بدون مبرر، وتسبب له فى حرج بالغ فى مصر والعالم العربى برغم أن الأجهزة المعنية أكدت أنه لم يكن يعرف شيئا، وهو ما يؤكده أيضا السفير مرتضى قائلا: «علمت من أحد المقربين من الرئيس السادات أنه استشاط غضبا عندما علم بتدمير إسرائيل للمفاعل بعد لقاء شرم الشيخ، لأن ذلك أساء إلى مركزه دون مبرر، وسبب له حرجا كبيرا فى مصر والعالم العربى».