• هل تتحمل ميزانية الدولة مزيد من العجز؟ ومن المستفيد من القرار؟
• هل ينعكس القرار على أسعار الحديد فى السوق؟
يطرح قرار الحكومة المفاجئ الذى أعلنه المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة بتخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب من 7 دولار إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، تساؤلات عديدة حول توقيت القرار الذى يتزامن مع أزمة اقتصادية طاحنة وعجز ضخم فى موازنة الدولة التى لم تعد تتحمل مزيد من العجز فى ظل بلوغ الدين العام نحو 1.4 تريليون جنيه. وحول تداعيات هذا القرار الذى قد يؤدى الى خسائر مالية واعباء مضافة تتحملها ميزانية الدولة بقيمة 300 مليون دولار سنويا أى أكثر من 2.7 مليار جنيه.
فمن يتحمل هذه الخسارة وكيف سيتم تعويضها. هل لدى الحكومة خطة بديلة أم ننتظر قرارات مؤلمة تؤدى لرفع ما تبقى من مخصصات الدعم للطبقات محدودة الدخل..؟ وهل الشركات المستقيدة من القرار ستخفض اسعار الحديد التى شهدت ارتفاعا الشهر الجارى بقيمة 350 جنيه وبلغ سعر الطن المعلن 5 ألاف و135 جنيها..؟
كلام وزير الصناعة حول تعويض خفض ايرادات الحكومة من خلال التوفير من سعر الخام هو كلام غير واضح وغير مفهوم وغير مقبول، فاذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يتم خفض سعر الغاز للمصانع منذ وقت طويل عندما طالبت بعض الشركات بالتخفيض منذ حكومة المهندس ابراهيم محلب، وعندما كان منير فخرى عبد النور وزيرا للصناعة والتجارة، وفى ظل قرارات وتوجهات الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة برفع الدعم عن الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك. بل ان رئيس الوزراء شريف إسماعيل كان رافضا بقرار خفض أسعار الغاز للمصانع عندما كان وزيرا للبترول
فهل تراجعت الحكومة عن قراراتها وهل ياتى قرار الخفض التفاف على قرار الرئيس برفع الدعم؟
ثم السؤال الأهم من المستفيد الحقيقى من هذا القرار ..؟ هل هى كل شركات ومصانع الحديد أم شركات بعينها معروفة فى السوق ولا تتجاوز اصابع اليد الواحدة..؟
وحتى نعرف حقيقة القرار ومن المستفيد، نعود الى البداية فى عهد حكومة المهندس ابراهيم محلب عندما قدم اتحاد الصناعات ممثلا فى غرفة الصناعات المعدنية مذكرة إلى وزير الصناعة والتجارة منير فخرى عبدالنور، يطالبه فيها بتعديل أسعار الحديد الإسفنجى فقط وليس جميع أنواع الحديد لتنخفض إلى 4.5 دولار بدلا من 7 دولارات أسوة بالغاز.
غرفة الصناعات المعدنية بالتعاون مع الشركة القابضة وشركات الحديد قامت قبل المذكرة بإعداد دراسة توضح فيها أن استخدام الغاز فى عملية الاختزال التى تحدث عند صناعة الحديد الإسفنجى تدخل ضمن عمليات الإنتاج وليس لتوليد الطاقة. وهى التصريحات التى اعتبرها مستثمرون وطنيون فى مجال صناعة الحديد بمثابة «الخديعة» للحكومة، ولا تخدم سوى مصالح أصحاب مصانع الحديد الكبرى وتحديدا ثلاثة مصانع فقط أنضم لها شركات أخرى، والتى تستهلك نحو %85 من حجم الغاز المستهلك فى صناعة الحديد فى مصر وتضر بمصالح الشركات الصغيرة فى السوق المحلى بما يهدد الصناعة الوطنية لصالح شركات بعينها.
وكانت الحجة بضرورة تخفيض أسعار الغاز لأن استخدامه يدخل ضمن مكون صناعة الحديد الإسفنجى، وبالتالى ضمن عمليات الإنتاج هى «كذبة كبرى» وخداع للحكومة و«ضحك على الذقون» والتفاف على قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة برفع الدعم عن الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك، فالصناعة واحدة لا فرق فيها بين الاختزال والغاز الخام، ولن تخسر هذه الشركات شيئا.
الموقف الآن وحسب تقديرات خبراء فى الطاقة، أن القرار سوف يؤدى ذلك إلى إهدار أكثر من مليارى جنيه على الدولة من الشركات التى تستحوذ على %85 من الغاز المستخدم فى الصناعة، وليس كل الشركات، وهذا يعنى انهيارا لباقى الشركات الصغيرة وإثارة الشكوك حول نوايا الدولة فى انحيازها «للكبار» على حساب صغار المستثمرين فى صناعة الحديد ودعمها للصناعات كثيفة الطاقة، وليست كثيفة العمالة، فهل تخلت الحكومة عن توجهات الرئيس برفع الدعم عن المصانع كثيفة الاستهلاك؟
فليس صحيحا أن الأسعار الحالية -7 دولارات قبل تخفيضها- يحقق الخسارة، ويحمل الصناعة أعباء كثيرة، والدليل الأرباح الطائلة لهذه الشركات التى لا تعلن عنها خلال السنوات السابقة ثم هل ستدفع الشركات قيمة الغاز بالدولار أم بالجنية المصرى وهو ما يكلف الحكومة خسائر إضافية.
ثم السؤال الأهم هو لماذا لم تدفع الشركات المستفيدة من القرار مبالغ رخص الحديد للدولة والتى تقدر بحوالى مليارى جنيه، واقنعت الحكومة ووزير الصناعة بتخفيض أسعار الغاز..؟
القرار المفاجئ يعكس ارتباك فى التوجهات والرؤية الحكومية تجاه خطة الاصلاح الاقتصادى وتوفير موارد مالية للدولة لسد العجز . فمن سيتحمل فاتورة القرار..؟ ثم ماذا عن باقى الاسواق الصناعية الاخرى مثل الاسمنت والزجاج والسيراميك وغيرها من الصناعات كثيفة الاستهلاك..؟ هل ستصمت أم ستطالب هى الأخرى بحصتها فى التخفيض.؟ وبالتالى مزيدا من الخسائر .