بأى منطق اقتصادى قررت حكومة المهندس شريف إسماعيل تخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب من 7 دولار إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، هل بمنطق مجاملة رجال الأعمال على حساب المواطنين، هل قررت الحكومة فجأة دعم مصانع أحمد عز وغيره من المستحوذين على سوق الحديد فى مصر.. أم بمنطق اللامنطق الذى تعودنا عليه من هذه الحكومة فى الأزمات الاقتصادية التى تعرضت لها مصر مؤخراً بداية من ارتفاع سعر صرف الدولار فى السوق السوداء ووصولاً إلى أزمات أخرى لم تبذل الحكومة الجهد المطلوب لاحتوائها.
المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، قال فى تبريره للقرار "غير المنطقى" إن تخفيض سعر الغاز يخفض إيرادات الحكومة إلى 1.2 مليار جنيه، لكنه يوفر 1.4 مليار دولار فى سعر الخام، محاولاً استعطاف مستقبلى القرار بلهجة يغلب عليها الطابع التراجيدى حينما قال إن صناعة الحديد والصلب عانت من توقف الغاز خلال العام المالى، وارتفاع سعر الغاز إلى 7 دولارات، ما دفع المصانع إلى أن تعمل بـ20% من طاقتها الإنتاجية فقط، وتناسى الوزير أن الأمر لم يكن مرتبطاً بسعر الغاز وإنما بعدم توفر الغاز الطبيعى، وأنه حينما قررت الحكومة استيراد كميات الغاز التى تحتاجها عادت عجلة الدوران فى هذه المصانع التى لم يرحم أصحابها المستهلكين وتنافسوا فيما بينهم لرفع أسعار الحديد، وأغلب الظن أن الارتفاع سيتوالى حتى بعد تطبيق قرار تخفيض سعر الغاز الطبيعى، لأن المستفيدين من هذا القرار لا يهمه المستهلكين بقدر اهتمامهم أن يحققوا الأرباح الخيالية التى يسعون إليها، وتساعدهم الحكومة فى ذلك للأسف الشديد.
للأسف هذا القرار فى غاية الغرابة من جانب الحكومة التى حاول رئيسها تهيئة الرأى العام المصرى طيلة الأيام الماضية بأن هناك قرارات صادمة ستصدر، ومنها تخفيض فاتورة الدعم على بعض القطاعات، حتى تستعيد موازنة الدولة عافيتها، ومنها بالطبع دعم الطاقة الذى وصلت فاتورة دعمه فى الموازنة إلى 90 مليار جنيه، وتحاول الحكومة الوصول بها إلى 61 مليار جنيه سنوياً، لكن فجأة وجدنا الحكومة تأخذ منحى جديد، فهى ترفع الدعم تدريجياً عن المواطن البسيط لتدعم به الأغنياء.
قرار الحكومة الأخير يطرح مجموعة من الأسئلة تحتاج لإجابات واضحة من الحكومة، أولها ما هى التكلفة التى ستتحملها موازنة الدولة جراء هذا القرار، وما هو السعر الذى تستورد به الحكومة الغاز الطبيعى من الخارج، وهل هذا السعر أقل أم أكبر من السعر الجديد الذى حددته لمصانع الحديد؟.
ولماذا اقتصر القرار على مصانع الحديد فقط، وهل سيتبع بقرار أخر يفرض أسعار استرشادية لبيع الحديد للمستهلكين، فطالما أن الحكومة قررت دعم مصادر الطاقة لمصانع الحديد فلماذا لا تطلب من هذه المصانع المستفيدة من القرار الأخير خفض سعر الحديد؟.
هل هذا القرار يمكن اعتباره ردة لتوجهات الحكومة بإلغاء أو تخفيض فاتورة الدعم على الطاقة، لأنه لا يعقل أن تدعم الحكومة مصنع أحمد عز ثم تأتى لتعاقب المواطنين البسطاء وتلغى الدعم عنهم؟.