تولى القضاء بمنطفة واسط وتقع فى العراق أثناء خلافة هارون الرشيد، تبدل أخلاق الناس، وسيادة النفوذ محل العدل ،سببان رئيسيان تسببا فى عزله من القضاء، بعد خلافات بينه وبين السلطان هارون الرشيد، فانتقل إلى بغداد، وأقام بها حتى مماته، إنه القاضى سلمة بن صالح، المكنى بـ"أبو إسحاق الجعفي الأحمر الكوفي".
"بن صالح" كان له مواقف قضائية عدة تدل على حكمه بالعدل، حيث أنه أثناء فصله فى قضية ما بين اثنين متخاصمين أحدهما هشيما بن بشير، والذى كان أحد كبار رجال العشائر فى العراق فى ذلك الوقت ، حيث دخل "هشيما" مع الخصم فى نقاش فقام "هشيم" بلطم الخصم على وجهه أمام القاضى ، لكن القاضى "بن صالح" لم يصمت على الموقف وأمر بضرب "هشيما"، فضرب بالسوط عشرا، وقال له: تتعدى على خصمك بحضرتي؟.
ما أمر القاضى به "بن صالح" أغضب عشيرة هشيم بالكامل، حيث أنهم كانوا يقيمون بمشيخة واسط فى العراق ، وذهبوا جميعا إلى السلطان هارون الرشيد فقابلوه بمكة أثناء طوافه بها، فحدثوه فيما حدث لإبن عشيرتهم "هشيم"، قائلين: لسنا نطعن عليه ولكن رجل موضع رجل، فأمر "الرشيد" بعزل القاضى وتعيين قاضى آخر مكانه.
ما فعله السلطان مع القاضى، لم يغضبه كثيرا لأنه كان يعلم أنه يريد إرضاء ذوى النفوذ طوال الوقت، وكسب ودهم، كى يضمن الاستمرار فى الحكم، والبقاء على كرسى السلطة، وكذلك السلطان هارون الرشيد أطاح بالقاضى، فهو لا يمثل شيئا بالنسبة له مقارنة بأصحاب السلطة لديه بالدولة.
ومن جانبه يقولالدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر السابق ،عضو المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، فى تفنيده للطريقة التى يتعامل بها القاضىأبو إسحاق الكوفى إن قضاؤه بجلد هشيما بن بشير بعد لطمه خصمه لا حرج عليه فيه لان مجلس القضاء له سلطة خاصة، والقانون السلطة أعطى الحق للقاضى حبس أى شخص يثير هرجا خلال سير الجلسات.
وأضاف أن القاضى أمر بضربه بالسوط نظرا لوقوع الجريمة أمامه، حيث أن هذا له سند كبير، وهو تعدى الخصم على الآخر أمامه، مؤكدا أن هذا يدل على فهم القاضى لقواعد القضاء بين الناس.
قزاملأكد أيضا أن القضاة الأوائل كان لديهم مرونة كبيرة جدا مقارنة بالعصور الحديثة، حيث أنهم كانوا من الممكن أن ينظروا المشكلة ويقضوا فيها فى يوم واحد، ويفذ الحكم أيضا.