طالما عُرف هاتف "آيفون" بالجهاز الأكثر أمانا إذ لا يمكن لأى شخص غير مالكه فتحه، وأدى ذلك إلى معارك مع مسئولى إنفاذ القانون، الذين يرغبون فى الحصول على معلومات، وكان الهاتف الخاص بمرتكب هجوم سان بيرناردينو فى كاليفورنيا عام 2015 مسار خلاف كبير بين الشركة ومكتب التحقيقات الفيدرالى الـFBI.
وبعد الهجوم الذى شنه مهاجر يدعى سيد فاروق وزوجته تشفين مالك، على مركز خدمات لذوى الإعاقة فى سان بيرناردينو، مما أدى إلى مقتل 14 شخصا وإصابة 24 آخرين، فى 2 ديسمبر 2015، رفضت شركة آبل مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالى فى فتح هاتف iPhone الخاص بمرتكب الهجوم. مما اضطر الـFBI للاستعانة بطرف ثالث للولوج إلى الهاتف.
غير أنه فى خطوة أثارت غضب واسع بين مجتمع أجهزة الأمن الأمريكية، أعلنت شركة "آبل" اليوم الخميس، أنها تتجه لغلق الثغرة التكنولوجية التى سمحت لهذه الأجهزة باختراق هواتفها، حيث ستوقف خاصية تلجأ إليها أجهزة الشرطة ووكالات المخابرات للوصول إلى محتوى هواتف "آيفون".
وأوضحت أنها تراهن على حماية خصوصية المستخدمين، لاسيما فى الدول التى تقع فيه الأجهزة بأيدى الشرطة، والمجرمين على نحو متكرر.
وأضافت أنها ستجرى تغييرا فى إعدادات آيفون، يوقف إمكانية الحصول على معلومات الهاتف عبر منفذ الشحن، فى حال مرت ساعة كاملة دون فك قفل الجهاز. وأشارت الشركة إلى أنها تحترم هيئات إنفاذ القانون، ولا تنوى عرقلة عملها من خلال تعزيز خصوصية المستخدمين.
ويرجح خبراء أن تتراجع قدرة الأجهزة الأمنية على النفاذ إلى معلومات الجهاز، بنسبة 90%، بعد حدوث هذا التغيير فى آيفون، وسبق للشركة أن رفضت السماح للسلطات الأمريكية بالولوج إلى بيانات مستخدمين على صلة بجرائم. وتجدد الجدل عما إذا كانت الحكومة لديها الحق فى اختراق الأجهزة الشخصية للمواطنين.
وخطوة آبل من شأنها أن تعرقل مسئولى إنفاذ القانون، الذين عادة ما يفتحون أجهزة iPhones المقفلة عن طريق توصيل جهاز آخر يشغل برنامجا خاصا. وتشير نيويورك تايمز إلى أن أخبار تحديث برامج أبل الجديدة بدأت تنتشر عبر المدونات الأمنية ودوائر إنفاذ القانون - والعديد من وكالات التحقيق وسط غضب كبير.
وقال تشوك كوهين، مدير قوة عمل تتعلق بحرائم الإنترنت ضد الأطفال فى شرطة إنديانا، إن العودة إلى الوضع القديم حيث لا يمكنهم الوصول إلى المعلومات يعنى أنهم لن يتمكنوا من توفير بيئة آمنة للأطفال. وقالت شرطة ولاية إنديانا إنها فتحت 96 جهاز آيفون لقضايا مختلفة هذا العام، بموجب أمر قضائى، وذلك باستخدام جهاز سعره 15000 دولار اشترته فى مارس من شركة تدعى جرايشيفت.
لكن المدافعين عن الخصوصية، قالوا إن آبل على حق فى إصلاح عيب أمنى أصبح من الأسهل والأرخص استغلاله. ويقول ماثيو جرين، أستاذ التشفير فى جامعة جونز هوبكنز: "هذه نقطة ضعف كبيرة فى هواتف أبل." وأضاف: "يمكن لجهاز جرايشفت على مكتب فى مركز للشرطة أن يتسلل بسهولة إلى العالم".
وفى رسالة بريد إلكترونى، قال متحدث باسم شركة أبل، فريد ساينز، للصحيفة "إن الشركة تعمل باستمرار على تعزيز الحماية الأمنية وإصلاح أى ثغرة تجدها فى هواتفها، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المجرمين يمكنهم أيضا استغلال نفس العيوب التى تستخدمها وكالات إنفاذ القانون. وأضاف: "إننا نكنّ أعظم الاحترام لإنفاذ القانون، فنحن لا نطور تقنيتنا الأمنية لإحباط جهودهم فى القيام بوظائفهم".