مع انطلاق مسابقة كأس العالم والتى تقام فى روسيا، بمشاركة المنتخب المصرى، بعد غياب لمدة 28 عامًا، وذلك منذ المشاركة بمونديال إيطاليا عام 1990، نستعرض اليوم عبر كتاب "مصر وكرة القدم"، للكاتب الصحفى ياسر أيوب، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية، قصة مؤسس المنتخب الوطنى وتفاصيل عن وأول مباراة خاضها.
فى عام 1895م، اكتشف شاب اسمه محمد أفندى ناشد أن كرة القدم، يمكن أن تتحول من لعبة إلى وسيلة فى أيدى المصريين، يواجهون بها الإنجليز، ويقدمون من خلالها أنفسهم ويثبتون وجودهم، وما يقدرون عليه فى وجه غزاة الشمال، الذين جاءوا من بلداتهم البعيده يريدون مصر وخيرها - هكذا يروى -
ويقول الكاتب الصحفى ياسر أيوب، إن الشاب محمد أفندى ناشد، الذى كان يعمل موظفًا إداريًا بورش معسكرات الجيش الإنجليزى فى العباسية، لم يمنح ما يستحقه من تقدير، باعتباره أول أستاذ فى مدرسة الكرة المصرية، فهو شاب قوى مفتول العضلات، متوسط القامة، محبوب النفس لكل من يقابله وكان من ضمن الذين وقعوا فى غرام كرة القدم، يجيد التصويب بقوة، مسجلاً لأهداف من مسافة 30 ياردة، بالإضافة إلى أنه لاعب سريع.
وجاء فى كتاب "مصر وكرة القدم"، لم يدخل محمد أفندى ناشد تاريخ الكرة المصرية بموهبته أو تسديداته أو قدرته على استخلاص الكرة من الخصوم، وإنما باعتباره أول من أسس منتخبًا كرويًا مصريًا، فلم ينضم لأى من الفرق التى تلعب فى الشوارع والأحياء، بل أسس فريقًا جديدًا لم يطلق عليه أيًا من أسماء الفرق، وإنما أطلق محمد أفندى على فريقه الجديد اسم التيم المصرى أى فريق مصر، أو باختصار منتخب مصر.
وأشار الكتاب إلى أن محمد أفندى ناشد ضم إلى الفريق عددا من المواهب منهم أحمد رفعت ومحمد خيرى وإخوان جبريل، وأصبح هو رئيس الفريق والمدرب، وكان يريد بهذا الفريق مواجهة الإنجليز وليس إعلان الحرب عليهم، فهو لم يكن من الثائرين على الإنجليز، ولا كان يريد أو يسعى لحمل السلاح لمواجهتهم، وإنما كان يريد أن يستعين بكرة القدم، ليثبت لهم أن المصريين ليسوا أقل منهم، وانه باستطاعتهم الفوز عليهم تحديدًا فى اللعبة، التى اخترعوها، وتعلمها منهم المصريون فى المعسكرات والشوارع والحوارى، فهو أردا أن يعلن الحرب الكروية عليهم.
وأوضح الكتاب أنه عندما اكتمل فريق منتخب مصر، قام محمد ناشد بإرسال دعوة إلى لفريق الأورانس الإنجليزى فى العباسية. والذى كان يعد أقوى فريق كروى إنجليزى وقتها فى مصر، وكانت هذه أول مباراة بين الفريق المصرى والإنجليزى عام 1895 م، وقام الإنجليز بتهيئة الأرض الواسعة القريبة من القلعة، وهو الملعب الذى عرفه الجمهور باسم "قرة ميدان".
وعن اللحظة الحاسمة للمباراة يقول الكاتب الصحفى ياسر أيوب، بدأت المباراة بإحساس الرهبة والتحدى والخوف لدى التيم المصرى ولاعبيه، ثم سرعان ما زالت الرهبة وتلاشى الخوف ليبقى التحدى والرغبة فى إثبات الذات، وبالفعل نجح محمد أفندى ناشد فى إحراز الهدف الول للتيم المصرى، ثم أضاف أحمد أفندى رفعت الهدف الثانى، وفاز الفريق المصرى على الإنجليزى بهدفين مقابل لا شئ، وانقلبت الدنيا كان المصريين اكتشفوا فجأة أن هزيمة الإنجليز ممكنه، وأن هناك وسيلة للانتصار عليهم ومقاومتهم دون رصاص أو مشاجرات أو عنف ودماء.
ويقول شون لوبيز، أستاذ التاريخ بجامعة واشنطن، فكان أحد أكثر أساتذة التاريخ توقفًا وتمهلا أمام كرة القدم، وبعد طول بحث ودراسة، ادرك شون لوبيز أن كرة القدم، فى سنوات الاحتلال باتت رمز المقاومة المصرية ووسيلة المصريين الحقيقية لرفض الاحتلال والتمسك بالهوية الوطنية.
ويؤكد ياسر أيوب، أن اللاعب محمد أفندى ناشد لعب مباراة مصر والإنجليز ولم يظهر بعد ذلك، وتردد انباء عن مغادرته للقاهرة عام 1910م، ليقيم فى السودان، ومن وقتها لم يسمع أحد عنه.