لم يكن وداع منتخب مصر المبكر لبطولة كأس العالم المقامة حاليًا فى روسيا، هو الأزمة الكبرى، بل ظهرت أزمة أخطر على المجتمع المصرى بشكل عام، بعدما هاجمت بعض الجماهير اللاعبين عقب خسارتهم من السعودية بنتيجة 2/1 فى المباراة التى جمعتهما على ملعب "فولجوجراد" فى الجولة الختامية للمنتخبين بدور المجموعات بكأس العالم المقامة حاليا بروسيا.
منتخب مصر ودع بطولة كأس العالم المقامة حاليًا بروسيا مبكرًا، بعد الخسارة أمام أوروجواى بهدف دون رد، ثم من روسيا بنتيجة 3/1، لتُكتب نهاية الفراعنة فى المونديال من دور المجموعات، وأصبح يتبقى مباراة وحيدة أمام منتخب السعودية مجرد "تحصيل حاصل" قبل عودة المنتخبين إلى بلادهما.
وكانت الجماهير المصرية تأمل فى أن يحقق الفراعنة أول فوز لهم فى كأس العالم أمام المنتخب السعودى، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، وتعرض المنتخب الوطنى للهزيمة الثالثة أمام الأخضر السعودى، فى الوقت القاتل بعدما أحرز سالم الدوسرى هدف الفوز فى الدقيقة 91 من عمر المباراة.
"المكسب والخسارة" هى لغة كرة القدم، وأى منافسة شريفة أخرى سواء بين أفراد أو مؤسسات، إلا أن هزيمة المنتخب أمام السعودية كشفت أزمة أخلاق كبرى سنظل نعانى منها بسبب قلة الثقافة وعدم الدراية بأن "الرياضة أخلاق" قبل أى شيء أخر.
عقب الهزيمة من السعودية ظهرت بعض مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الإجتماعى لمجموعة من الجماهير تهاجم وتسب لاعبى المنتخب بأفظع الألفاظ لحظة خروجهم من ملعب المباراة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل انقلب الجميع على المنتخب عقب تلك الخسارة وأصبحت مواقع السوشيال ميديا أرض خصبة لكل من يرغب فى مهاجمة الجيل الحالى من اللاعبين، وانتقادهم بطريقة لاذعة ليس بها أى نوع من أنواع الوعي، لتعكس مدى الأزمة التى نعانى منها بعيدًا عن الملاعب.
أزمتنا الكبرى اصبحت أزمة أخلاق وقلة ثقافة وليس فوزًا أو خسارة، فتلك الجماهير التى هاجمت اللاعبين وسبتهم بأبشع الألفاظ عقب الخسارة من السعودية ووداع مونديال روسيا 2018، هى نفسا التى كانت تصفق وتهلل لهؤلاء اللاعبين عندما نجحوا فى الوصول لنهائى بطولة أمم أفريقيا، ثم النجاح فى التأهل لكأس العالم بعد غياب دام 28 عامًا.
لا تدرك الجماهير أن هذا الهجوم الشرس على اللاعبين قد يقضى على آمالهم وطموحاتهم، وقد يؤدى إلى فقدانهم الثقة بأنفسهم وعدم السعى لتحقيق أحلامهم فى المستقبل، فبدلًا من أن تؤازر تلك الجماهير منتخبها ولاعبيها عقب الهزيمة لمنحهم الثقة فى أنفسهم وحثهم على تحقيق مزيد من الانجازات فى الفترة المقبلة، قامت بقتل كل الآمال فيهم بسبب قلة الأخلاق والوعى لديهم.
منتخبات عديدة ودعت مونديال روسيا على رأسها المغرب والسعودية وتونس، ولم نرى جمهور تلك المنتخبات يهاجم اللاعبين أو الجهاز الفنى بتلك الشراسة التى تقضى على كل الآمال والطموحات، بل اقتصر الأمر على مجرد النقد البناء وتصحيح الأخطاء التى وقعوا فيها لمعالجتها، والشد على ايدى بعضهم البعض والعزم على تحقيق الحلم مرة أخرى بالوصول إلى مونديال 2022.