سقط العديد من رجال الشرطة شهداء وهم يلاحقون الخارجين عن القانون وأباطرة المخدرات بمحافظة القليوبية، فيما ظهرت فيديوهات لكبار تجار الصنف يحملون السلاح والذخيرة، معلنين تحديهم لأجهزة الأمن، بعدما وجد هؤلاء التجار من مناطق القليوبية "المثلث الذهبى" والخانكة، وأماكن أخرى، بيئة خصبة لانتعاش تجارتهم غير المشروعة على طريقة إمبراطور المخدرات فى الصعيد "عزت حنفى".
وتؤكد المعلومات أن المنطقة ستشهد مداهمات أمنية على نطاق واسع تستهدف كبار تجار الصنف، وتأثر لأرواح الشهداء، فى حملات أمنية هى الأضخم من نوعها بالمنطقة، يشارك فيها كافة قطاعات وزارة الداخلية وعلى رأسهم العمليات الخاصة والتشكيلات الأمنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، بالتنسيق مع مديرية أمن القليوبية وقطاعى مصلحة الأمن العام والأمن المركزى وإدارة تدريب كلاب الأمن والحراسة.
وتستهدف الحملات الأمنية المنطقة بأكملها لتطهيرها من أباطرة الكيف وكبار تجار الصنف، والخارجين عن القانون، والمطلوب التنفيذ عليهم فى أحكام قضائية متنوعة، وحائزى السلاح والذخيرة وكافة الممنوعات.
يشرف على هذه الحملات الأمنية عدداً كبيرًا من قيادات وزارة الداخلية ومديرية أمن القليوبية، ويتم استخدام خطط أمنية جديدة غير معروفة، فضلاً عن استخدام التقنيات الحديثة لمحاصرة المتهمين والقبض عليهم، وإعادة الهدوء لمنطقة من جديد.
كانت أجهزة الأمن نجحت فى القضاء على إمبراطور المخدرات عزت حنفى الذى حول "جزيرة النخيلة" إلى مكان لزراعات المخدرات وتحدى الداخلية مستغلاً طبيعة المكان الجغرافى بمحافظة أسيوط، حيث تقع النخلية على بعد 402 كيلو جنوب القاهرة بالصعيد، وتمتد على مساحة 6 آلاف فدان، يقطنها قرابة 50 ألف نسمة، وترتفع القرية عن سطح نهر النيل بحوالى 4 أمتار، والنخيلة ليست جزيرة، ولكنها شبه جزيرة متصلة بوادى النيل من ناحية قرية النخيلة، وتنقسم إلى جزأين، الجزء الغربى به مساحات واسعة من الزراعات، والشرقى يضم معاقل الخارجين على القانون.
وكانت العصابات تزرع المخدرات على نطاق واسع، بالإضافة إلى الاتجار فى السلاح، وبمجرد أن تطأ قدماك "الجزيرة" تلمح عيناك الحصون التى تتخذ عدة أشكال: منها الأبراج، التى ترتفع أحياناً إلى خمسة طوابق، ومنها الدشم الحصينة التى بنيت من الطوب اللبن، الذى لا تستطيع طلقات الرصاص اختراقه، كما قاموا بحفر عدة خنادق تحت الأرض تمكنهم من إطلاق الرصاص على أى قوات مهاجمة، وإضافة إلى ذلك فإن عائلات "حنفى" كانت تمتلك كمية هائلة من الأسلحة والذخائر من المسدسات والبنادق العادية والآلية، والمدافع من طراز جرينوف، ومن ثم جعلت طبيعة هذا المكان وتضاريسه "عزت حنفى" يصرخ بأعلى صوته فى الجزيرة "من النهاردة ما فيش حكومة.. أنا الحكومة".
وبمجرد أن تلمس قدمك محطة النخيلة تسترجع ذكريات قطار الصعيد الذى تم استيقافه عنوة تحت تهديد السلاح على يد "عزت حنفي" وأعوانه، حيث أكد الأهالى أنه فى نهاية 2004 بدأت الخلافات تدب بين الداخلية وعزت حنفى، بالإضافة إلى الخصومات الثأرية بينه وعائلة "سباق" التى تسكن فى مواجهته بالجزيرة، ودخلت العائلتين فى قضايا ثأر لمدة 8 سنوات، ومن ثم بدأت الداخلية تزحف لأول مرة نحو الجزيرة وتطوقها، وهو الأمر الذى أثار حفيظة "عزت" وجعله يتحصن بالحصون عن طريق نصب أسطوانات غاز البوتاجاز على الأسوار وعلى جذوع النخيل لتفجيرها فى حالة اقتحام قوات الأمن لمواقعهم، أما بالنسبة لناحية نهر النيل فقد ملأه بالأسلاك الشائكة والعوائق الصناعية حتى لا تتمكن الزوارق النهرية من الالتفاف حوله، واحتجز مئات الرهائن، وهدد باستخدامهم كدروع بشرية فى حالة الهجوم عليه، إلا أن 50 مدرعة و60 زورقا نهريا، وما يزيد على 3 آلاف من الجنود وضباط القوات الخاصة طوقوا الجزيرة.
وفى مشهد دراماتيكى سقط عزت حنفى فى يد الشرطة بعدما أصابته طلقة من مدفع "جرينوف" فى كتفيه الأيسر حاول بعدها التخلص من حياته بتناول السم، إلا انه تم نقله إلى مستشفى أسيوط الجامعى، وأحالته النيابة إلى القضاء، حيث قضت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بإعدامه شنقا بعدما تزعم تنظيماً عصابياً مسلحاً لخطف وإرهاب المواطنين، وزراعة أراضى الدولة بالمخدرات، وقطع الطريق الدولى أسيوط - أسوان، بالإضافة إلى إطلاق الأعيرة النارية على القطارات، واحتجز مجموعة من الرهائن وحيازته أسلحة ومتفجرات، حيث تم إعدامه ونقل جثمانه إلى أسيوط ودفنه فجراً فى إحدى مقابر العائلة على أطراف الجزيرة تحت حراسة أكثر من 20 سيارة أمن مركزى.