أصابت وثائق داعش المسربة، التى تكشف هوية 22 ألف مقاتل فى صفوف التنظيم الإرهابى، الأجهزة الأمنية على مستوى العالم بحالة من الارتباك، حيث عكفت تلك الأجهزة على دراسة وفحص الوثائق لإحصاء عدد الإرهابيين المنتمين لجنسياتهم.
وكشفت الصحف العالمية أن أجهزة الاستخبارات فى مختلف أنحاء العالم تفرز هذه الوثائق وتتحرى عن الإرهابيين فيها، إلا أن مهمتها ستكون غاية فى الصعوبة، بسبب أن معظم تلك الأسماء مستعارة وخاصة بالتنظيم فقط، وليس لهم بطاقات أو مستندات معترف بها بهذه المعلومات.
وتبنت صحيفة "دايلى ميل" وجهة نظر مخالفة عما جاء فى معظم الصحف البريطانية، فى أعقاب نشر تلك الأسماء، والتى وصفها البعض بـ"الكارثة" على التنظيم، ورأت أن التسريب تم عن طريق التنظيم الإرهابى نفسه للدفع بالمتطرفين الجدد للقتال إلى آخر نفس.
وأضاف موقع الصحيفة، أن "داعش" يريد تأمين نفسه ضد الانشقاقات الكثيرة التى وقعت فى صفوفه مؤخراً، لذا نشر بعض البيانات المخلوطة بين معلومات صحيحة وأخرى خاطئة لتشجيع الإرهابيين على عدم الخروج من التنظيم بعد كشف هوياتهم.
من جانبها قالت صحيفة "لو سوار" البلجيكية، اليوم الجمعة، إن الوثائق عددها 1763، وتوصلت أجهزة الأمن البلجيكية إلى هوية ثلاثة أشخاص بلجيكيين من بين المدرجين بالقائمة، وأظهرت الوثائق أن 70% من مقاتلى داعش من أصل عربى، بينما أغلبية الجهاديين الأوروبيين كانوا من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وأشارت مجلة "لو بوان" الفرنسية إلى أن موقع "زمان الوصل"، التابع للمعارضة السورية، عرض كثيراً من الأسماء الخاصة بمقاتلى داعش، الذين جاءت أسماؤهم فى القوائم المسربة مؤخراً، مؤكداً أن المقاتلين جاءوا من 40 دولة مختلفة، وأكثرهم من السعودية التى تتصدر القائمة بـ25%، ما يعادل 485 عنصراً، تليها تونس بـ375 مقاتلاً و140 من المغرب و101 من جمهورية مصر العربية، و57 من تركيا و54 من ليبيا.
وأضاف موقع المعارضة السورية "زمان الوصل" إلى أن القائمة تتضمن أيضاً 35 مقاتلاً من فرنسا و18 من ألمانيا و16 من بريطانيا و6 من كندا و4 من أمريكا، كما يوجد 32 من إندونيسيا، و25 من ألبانيا و22 من العراق و20 من الجزائر و20 من الأردن.
فى حين أعلنت بلجيكا أن هناك ثلاثة إرهابيين يحملون الجنسية البلجيكية، وفق أسمائهم فى التنظيم، هم "أبو حمزة البلجيكى من مواليد 1988 بمدينة فيرفيرس البلجيكية، وانضم للتنظيم عام 2014 عبر تركيا، وتم سجنه عدة مرات فى سجون بلجيكا، وأبو سيف البلجيكى من مواليد عام 1991 فى مدينة فيرفيرس، وكان يعمل خبازا، وانضم إلى داعش فى سوريا 11 يونيو 2014 وهو نفس يوم انضمام أبو حمزة، أمال الشخص الثالث فيدعى أبو نور الجحزائى، وهو بلجيكى الأصل، طالب كان يعيش فى مدينة لييج، وأخذ الطريق إلى سوريا من خلال هولند وفرنسا ورومانيا وانضم إلى التنظيم فى 6 فبراير 2014، وكانت أولى رغباته القتال حتى الموت لنيل الشهادة.
وأشارت صحيفة "لو سوار" إلى أن هناك مركز تجنيد لداعش يتم إدارته عن طريق قسم الموارد البشرية، إذ يسأل الجهادى المتقدم عن أسباب رغبته فى الانضمام للتنظيم، وما إذا كان يفضل تنفيذ عمليات انتحارية وغيرها من الأسئلة المقدمة فى 23 نقطة بشكل يشبه طلبات التقدم.
فيما أعلن برنار كازنوف، وزير الداخلية الفرنسى، أن التقارير الأمنية أكدت أن الفرنسيين الموجودين بين الأسماء المسربة وصل إلى 600 شخص، وهم من سافروا للتدريب على أيدى داعش فى سوريا والعراق.
وأكدت صحيفة الجارديان، أن أجهزة المخابرات الألمانية والبريطانية والأمريكية تبحث عن معلومات جديدة ضمن آلاف الوثائق، بينما تعترف أن الكثير من المعلومات الواردة بها قديمة.
وأوضحت الصحيفة أن كثيرا من البريطانيين الذين وردت أسماؤهم فى الوثائق، وحصلت عليها الجارديان من صحيفة ألمانية، تم تحديد شخصياتهم علناً من قبل على أنهم يحاربون مع داعش، ويبدو أن أغلبهم قد قتل.
بينما ألقى بعض المحللين بظلال من الشك على صحة الوثائق، وتحدثوا عن وجود أخطاء، وأن اللغة المستخدمة بها غير معهودة من قبل، على الرغم من أن وكالات الاستخبارات البريطانية والألمانية أشارت إلى أنه لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأنها مزورة.
وأكدت الجارديان أنها اختبرت أحد أرقام الهواتف المحمولة الواردة فى إحدى الوثائق، وكانت تخص قريبا لأحد المقاتلين البريطانيين ويدعى "أسد عثمان"، وردت عليه سيدة شابة أكدت تاريخ وفاته المذكور، وأنه كان من أسرتها، مما يضفى قدرا من المصداقية على أن الأوراق صحيحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الاستخبارات البريطانية لا تزال تعمل على الوثائق لتقييم قيمتها وأهميتها، وتركز بشكل أولى على الأسماء البريطانية لمعرفة ما إذا كانت هناك معلومات جديدة يمكن أن تقود إلى مقاتلين آخرين أو تقدم لمحة عن هيكل التنظيم.
فى حين شككت شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية فى الوثائق التى نشرتها شبكة سكاى نيوز البربيطانية، وقالت إن أحد مقاتلى داعش سربها عن التنظيم، موضحة أن تلك الوثائق، البالغ عددها 22 ألفا وحصلت عليها المخابرات الألمانية، لم يتسن لها التحقق من صحتها، مشيرة إلى سهولة تقليدها على العديد من أجهزة الكمبيوتر، وأوضحت الشبكة أن البعض رأى أن الوثائق المسربة عادية، فى حين أن آخرين أشاروا إلى أنها ليست جزءاً من أى استمارات أو قاعدة بيانات.
من ناحية أخرى، قالت شبكة "سى بى إس" الإخبارية الأمريكية عن خطط داعش لمهاجمة الولايات المتحدة، ربما يتم إحباطها بعد نشر الوثائق، فيما وصفته بالانقلاب الاستخباراتى الكبير، وأشارت الشبكة إلى أن الوثائق عبارة عن استمارات لكل مقاتل أجنبى يملؤها عند دخوله الأراضى الخاضعة لسيطرة داعش فى سوريا والعراق، وستشارك ألمانيا تلك المعلومات مع أجهزة الاستخبارات الأخرى منها الـ"سى أى إيه" والـ"إف بى أى".
ونقلت "سى بى إس" عن مايكل موريل، الذى عمل نائبا لمدير الـ"سى أى إيه" سابقا، قوله، إنه لا يوجد ما يدعو للشك فى صحة الوثائق، مشيرا إلى أنها ستقوض قدرة داعش على شن هجمات داخل الولايات المتحدة ودول أخرى.
وقالت قناة سير الإسبانية، إن السلطات أثبتت خروج أكثر من 150 إسبانياً للانضمام إلى قوائم تنظيم داعش فى سوريا والعراق، وأكدت المخابرات الإسبانية صحة الوثائق التى تم تسريبها، وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسبانية أكدت أنها تفحص الهويات خلال الساعات المقبلة.