الجيش السورى يواصل انتصاراته فى معركة تحرير "درعا".. القوات تضيق الخناق على المسلحين.. واشنطن تتخلى عن دعم مقاتلى الجنوب.. الأردن تتوسط للوصول لحل سلمى لتأمين حدودها.. وتحذير أممى من احتجاز "داعش" لره

يشهد الجنوب السورى فى محافظة درعا، عمليات عسكرية مكثفة تقودها القوات السورية فى محاولة لتطهير المحافظة من الجماعات المسلحة وإعادة سيطرة الدولة عليها مرة أخرى، وذلك فى إطار الحرب التى يخوضها الجيش السورى مدعومًا من روسيا وإيران فى مواجهة الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن وتركيا، إضافة إلى التنظيمات الإرهابية مثل جبهة النصرة وتنظيم داعش. ويحرز الجيش السورى انتصارات متتالية وتقدم كبير فى عملياته ضد الجماعات المسلحة التى تنتهك حقوق السوريين وتنهب ثروات بلادهم، فخلال الهجمات المستمرة على مقاتلى الجماعات المسلحة، على مدار اليوم الجمعة، سيطر الجيش السورى على تل يطل على الطريق الواصل بين شرق وغرب محافظة درعا، وذلك حسب تلفزيون المنار التابع لجماعة حزب الله اللبنانية. الجيش السورى يسيطر على تل الزميطية غرب مدينة درعا وجاء فى نبأ أذاعه التلفزيون، أن "الجيش السورى يسيطر على تل الزميطية غرب مدينة درعا والمشرف على الطريق الحربى الواصل بين ريف درعا الشرقى والشمالى الشرقى وريف درعا الغربى والشمالى الغربى"، وهو ما سبقه سيطرة القوات السورية على مدينة الحراك فى درعا، ويعنى الاستيلاء على تل الزميطية، أن مقاتلى المعارضة ربما لن يعود بمقدورهم استخدام هذا الطريق بأمان، ويمتد هذا الطريق إلى جنوبى مدينة درعا فى منطقة تضيق فيها الأراضى التى تسيطر عليها المعارضة إلى مجرد شريط رفيع على الحدود مع الأردن. وفى هذه المرحلة، وبعد نحو أسبوعين من التصعيد العسكرى فى محافظة درعا، حيث بدأ الجيش السورى عملياته فى 19 يونيو الجارى، وجدت الفصائل المسلحة نفسها أمام خيارات "أحلاها مر"، بعد التخلى الظاهر عنها من جانب أبرز داعميها وعلى رأسهم واشنطن، وإحراز القوات السورية تقدمًا ميدانيًا بدعم جوى روسى، الأمر الذى نتج عنه فصل الريف الشرقى إلى جزأين. وفى ظل تفوق القوات السورية، أبلغت واشنطن الفصائل المسلحة، أنها لا تنوى التدخل عسكريًا لمساعدتها، بحسب ما أكد قيادى معارض لوكالة "فرانس برس"، أما الأردن المجاور للجنوب السورى، فيجرى اتصالات مع الأمريكيين والروس لدعم حل سياسى فى الجنوب، وفق ما قاله وزير الخارجية أيمن الصفدى، فى نيويورك، الخميس، وذلك حسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس". ومع تصاعد العمليات العسكرية على الحدود بين الأردن وسوريا، قرر الأردن إبقاء حدوده مغلقة تجنبًا لتدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى أراضيه، خاصة وأن الأنباء المتداولة بخصوص هذا الشأن تؤكد نزوح أكثر من 120 ألف شخص من مدينة درعا جنوب سوريا منذ بدء العمليات العسكرية، لذا يجمع خبراء على أن عمان لا تمانع عودة النظام السورى للسيطرة على المنطقة الحدودية لعودة الاستقرار وإعادة فتح الحدود التى يترك إغلاقها تأثيرًا سلبيًا على وضعه الاقتصادى. واشنطن تتخلى عن دعم مقاتلى الجنوب فى درعا السورية ومن جهته، يقول الباحث المتحدر من محافظة درعا، أحمد أبازيد، لوكالة "فرانس برس"، "مع التخلى الأمريكى عن الفصائل وإغلاق الحدود الأردنية، ما يبدو بمثابة ضوء أخضر دولى للحملة الروسية فى الجنوب، يتبين أن الخيارات ضيقة أمام الفصائل"، فيما يقول الباحث فى مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر، لـ"فرانس برس"، "تواجه الفصائل خيارات أحلاها مر، بين التفاوض مع الطرف الروسى بواسطة الطرف الأردنى، أم استمرار المقاومة العسكرية التى ستنتهى بالتفاوض تحت المزيد من الضغط العسكرى". ورغم أن الفصائل المسلحة، رفضت، الأحد، عرضًا روسيًا تلقته عبر الأردن، تضمن - وفق "أبازيد" - "استسلامها وتسليم سلاحها الثقيل وتحول من يريد من مقاتليها إلى شرطة محلية فى المنطقة"، إلا أنها اضطرت، أمس الخميس، لقبول هدنة فى درعا لمدة 12 ساعة بين روسيا والفصائل المسلحة، انتهت صباح اليوم الجمعة. ومع الحصار الذى بدأت القوات السورية فرضه على الفصائل المسلحة، بدأت تدرك تلك القوات أنها عاجلًا أم أجلًا، ستكون مضطرة للقبول بعرض الاستسلام، ورغم ذلك فإنها تعلن استمرارها فى القتال وتحاول تحسين شروطها غير أن تراجعها السريع ميدانيًا فى ريف درعا الشرقى يظهر أن هامش المناورة لديها تقلص. الأمم المتحدة تحذر من لجوء "داعش" لاحتجاز مدنيين كرهائن وفى إطار هذا الوضع السيئ لوضع الفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية خلال مواجهاتها أمام الجيش السورى، لجأ تنظيم "داعش" الإرهابى إلى احتجاز المدنيين كرهائن لاستخدامهم كدروع للاحتماء بهم من التقدم الذى تحرزه القوات السورية بدعم روسى، ويؤكد تلك الأنباء ما قاله مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، اليوم الجمعة، بشأن أن المدنيين فى محافظة درعا بجنوب غرب سوريا ربما يتعرضون للحصار والقصف على غرار ما حدث فى معركة الغوطة الشرقية، محذرًا من "كارثة". وذكر الأمير زيد، فى بيان، أن مكتبه لديه تقارير عن أن مقاتلى تنظيم "داعش"، الذين يحاولون السيطرة على منطقة حوض اليرموك فى محافظة درعا، "لا يسمحون للمدنيين بمغادرة المناطق الخاضعة لسيطرتهم"، وناشد كافة الأطراف لتوفير ممر آمن لمن يرغبون فى النزوح. بدوره، يقول هيلر، "أى حل تفاوضى لن يرضى الفصائل، لكن فى الوقت ذاته لا يمكن للأهالى أن يتحملوا أكثر من طاقتهم من قتل وتدمير"، ويتوقع الباحث نوار أوليفر، من مركز عمران للدراسات، ومقره اسطنبول، أن "يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفًا عن بقية المناطق بحكم الموقع الجغرافى للمنطقة وأهميتها الإستراتيجية على الحدود مع إسرائيل والأردن". محللون يتوقعون عدم ترحيل مقاتلى الجنوب عن درعا ويوضح أن غرفة الموك - وهى تسمية تطلق على غرفة عمليات أردنية أمريكية، مقرها عمان، تولت خلال السنوات الماضية تدريب فصائل الجنوب - "بذلت جهدًا كبيرًا لتحييد الفصائل عن جولات قتال كثيرة مع دمشق لإبقاء الجبهة قرب حدود الحليفين هادئة نسبيًا، وانطلاقًا من أن الفصائل لم تخض أى معارك كبرى ضد قوات الجيش السورى فى المنطقة، كما حدث فى حلب أو الغوطة الشرقية، فإن إجلاء مقاتليها غير مطروح، والمصالحة تكاد تكون الخيار الوحيد – وذلك وفق محللين. ويقول أوليفر، "موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق، والمرجح أن يتحول المقاتلون إلى شرطة مدنية فى الريف الغربى لدرعا، حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل على أن يكون لها دور فى قتال "داعش" الموجود فى جيب فى جنوب غرب درعا"، وعما إذا كان النظام السورى سيقبل بذلك، قال إن "روسيا ستدفعه للمساومة والقبول"، وقد سبق وتحدث الرئيس السورى بشار الأسد، الشهر الحالى، عن تواصل تتولاه روسيا مع الأمريكيين والإسرائيليين حول الجنوب. وفى المقابل، يوضح هيلر، أن "شكل الاتفاق الذى يمكن التوصل إليه لم يتبلور بعد"، وبموجب اتفاقات اجلاء تم معظمها برعاية روسية خلال العامين الأخيرين، تم اجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين على دفعات من مدينة حلب ومدن فى ريف دمشق والغوطة الشرقية إلى محافظة إدلب (شمال غرب البلاد). وبحسب تقرير لـ"فرانس برس"، تعتمد قوات النظام بدعم روسى الاستراتيجية العسكرية ذاتها التى اتبعتها فى الغوطة الشرقية وقبلها فى مدينة حلب، حيث تمهد لهجومها بقصف كثيف ثم تعمل على فصل مناطق سيطرة الفصائل إلى أقسام عدة تمهيدًا لقضمها تدريجيًا وإجبار مقاتلى المعارضة على الرضوخ، وبالفعل أجبرت كثافة القصف، الفصائل على الانسحاب من القسم الأكبر من ريف درعا الشرقى، ويرى أوليفر، أن "عدم قدرة الفصائل على الصمود ليس مرتبطًا بتخلى واشنطن عنها فقط، بل أيضاً جراء تدخل الطيران، المفصلى فى أى معركة على الأرض". بداية ظهور تحالف "الجبهة الجنوبية" فى درعا السورية وتجدر الإشارة هنا إلى تاريخ تطور صعود وهبوط الجماعات المسلحة فى جنوب سوريا، حيث يشير تقرير لـ"فرانس برس"، أنه فى العام 2014، توحدت الفصائل المعارضة فى درعا تحت ما عُرف بتحالف "الجبهة الجنوبية"، وانضمت 55 كتيبة إلى الجبهة ليصبح عددها أكثر من 30 ألف مقاتل حققوا انتصارات متتالية وسيطروا على قواعد عسكرية ومناطق استراتيجية فى محافظتى درعا والقنيطرة. وتعمل غالبية فصائل الجنوب تحت مظلة النفوذ الأمريكى الأردنى، وقد تلقت تدريبات فى الأردن، وتُعد بمعظمها من الفصائل "المعتدلة"، وقد فاوضت الأمم المتحدة والأردن فى العام 2017 من أجل التوصل إلى وقف اطلاق نار فى الجنوب بدأ سريانه إثر اتفاق مع روسيا فى يوليو، لتشهد تلك المنطقة منذ ذلك الحين وقفًا للأعمال القتالية، قبل أن تبدأ المواجهات الجارية فى 19 يونيو 2018. وذكر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، أن إسرائيل أيضًا تدعم الفصائل المعارضة جنوبًا، وجاء فى التقرير، أن "إسرائيل أيضًا قدمت دعمًا للفصائل المعارضة فى الجنوب منذ 2013 أو 2014 فيما بدا محاولة لتكريس شركاء محليين وضمان أمن منطقة عازلة على حدودها"، وخلال السنوات الماضية، تلقى المئات من جرحى الفصائل العلاج فى مستشفيات فى إسرائيل. تشتت الفصائل المسلحة فى جنوب سوريا ويوضح التقرير أنه على مر السنوات، ضعف تحالف "الجبهة الجنوبية" وباتت الفصائل تعمل بشكل منفصل عن بعضها، وبعكس الغوطة الشرقية، معقل الفصائل الأبرز سابقًا قرب دمشق، حيث كانت 3 فصائل كبيرة تسيطر على المشهد، فإن عشرات الفصائل الصغيرة تعمل حاليًا فى الجنوب السورى، لكل منها منطقة تخضع لنفوذها. وبحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية، "ليس لدى فصائل الجنوب قيادة واحدة، وإن كانت تنسق فيما بينها إلى حد ما"، كما يقول مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان رامى عبد الرحمن، "لم تعد هناك جبهة جنوبية"، مشيرًا إلى أن عشرات الفصائل تشكل فيما بينها غرف عمليات مشتركة متنوعة فى مناطق عدة من الجنوب، فيما يعد فصيلا "جيش الثوار" و"شباب السنة" الأبرز والأكثر نفوذًا بين الجماعات المسلحة فى الجنوب من حيث العدد والمعدات العسكرية، وينتمى إلى الفصيلين حوالى نصف المقاتلين المعارضين فى الجنوب، بحسب المرصد، كما تتواجد حركة أحرار الشام، أيضًا، فى محافظة درعا، لكن بشكل محدود، ويقتصر تواجد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) على مئات المقاتلين فى الجنوب السورى.


























الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;