فى 30 يونيو 2012 تولى الرئيس السابق محمد مرسى رئاسة الجمهورية وفى 30 يونيو 2013 ثار الشعب عليه وأسقط نظامه وعزله فى مشهد يحمل إثبات تام على تراجع شعبية جماعه الإخوان المسلمين، وما بين التاريخين عام كامل، كل يوم فيه كان دليلا على حجم الإخفاق الذى اقترن بتلك الجماعة على كافة المستويات الداخلية والخارجية حتى تأجج الشارع وثار أمام أخطاء لا تغتفر.
مخالفات عدة ارتكبها الرئيس السابق ومن خلفه جماعته، عجلت بنهايتهم، كان أبرزها،التحيز للجماعة على حساب الوطن وتجلى ذلك فى لغة الخطابات الشعبية التى قدمت نوعا من الاستقطاب السياسى خلق من خلالها حالة من عدم الثقة خاصة بعدما أزاح المعارضة المجتمعية ولم يع دورها جيدا فى بناء الحياة الديمقراطية لذا كان طبيعى أن تهاجمه الأولى باستمرار وتنسب إليه فشله فى احتواء القوى الليبرالية والمدنية على حساب سعيه لأخونة مؤسسات الدولة بعد رفضه تشكيل حكومة توافق وطنى وتعيينه محافظين ووزراء معروفين بولائهم للجماعة، أضف إلى ذلك اتساع الفجوة بين الرئيس السابق ومعارضيه مما أضاع فرصة تحقيق التوافق المجتمعى وجعل البلاد على حافة الحرب الأهلية لولا تدخل الجيش.
هذا بالنسبة للمنهجية التى اعتنقها الرئيس السابق واتبع خطاها، ولكن هذا لا ينع وجود اخطاء اخرى صارخة واكثر وضوحا على ارض الواقع من بينها :
الإعلان الدستورى
فى 22 نوفمبر 2012 أصدر الرئيس السابق محمد مرسى، إعلانا دستوريا عزز من صلاحياته ووسع من سلطاته، حيث نص الإعلان على مادة تحصن قرارات الرئيس التى جاء على رأسها تعيين النائب العام وتحظر الطعن عليها مما أثار موجه غضب عارمة فى الشارع المصرى ودفع الكثيرين للتظاهر ضده فى ميدان التحرير بينما ذهبت القوى الإسلامية إلى قصر الاتحادية للاحتفاء بهذا الإعلان الذى لاقى قبولا واسعا من جانبهم لتوافقه معهم.
الانتصار للجماعة على حساب الوطن
استهان الرئيس السابق محمد مرسى بقوة خصومه وتشير الشواهد إلى أن طريقه تعامله معهم كانت تحمل نوعا من التعالى، مما أدى إلى إهدار فرص كثيرة لتحقيق التوافق بين مختلف الأطراف السياسية خاصة بعدما استبعد النشطاء السياسيين والقوى الليبرالية والمدنية من أى حوار وبالتالى زادت حالة الاحتقان تجاه الجماعة وأعضاءها وطريقة تحكمهم فى مقاليد الأمور لدرجة أن البعض كان يرى أن الحاكم الفعلى هو مكتب الإرشاد وليس مرسى.
تمكين الجماعة من مؤسسات الدولة
جزء أصيل فى سياسة مرسى وكانت متوقعة من قبل حتى توليه الرئاسة هو تمكين الجماعة من مصالح ومؤسسات الدولة كخطوة يضمن بها الولاء والانتماء إليه، ولكنها فى حقيقة الأمر خطوه لا تنم عن نيته فى إجراء أى إصلاحات حقيقية خاصة مع الإرث الثقيل الذى تركه له نظام مبارك وهذا تجلى فى عدد من الوزراء والمحافظين الذين حرص مرسى أن يكونوا اما أفرادا فى الجماعة أو معروفين بولائهم لها. فى تناسى واضح لبقية القوى السياسية الموجودة فى المجتمع والتى لها الحق فى أن يكون لها دورا واضحًا فى المشهد السياسى على الرغم من أن تلك القوى هى التى كانت قد دعمت مرسى أمام المرشح السابق أحمد شفيق عندما وعدهم بالمشاركة ولكن هذا لم يتحقق على أرض الواقع مما جعل الكثيرين يرون فى هذا الموقف نوعا من الخداع قام به مرسى مقابل الفوز بالانتخابات.
إعاقة إنشاء النقابات وتسييس القضاء ومهاجمة الإعلاميين
على مدار عام كامل، هى فترة سيطرة الرئيس السابق محمد مرسى على مقاليد الأمور لم يشجع على إنشاء نقابات عمل مستقلة أو منظمات غير حكومية بالإضافة إلى عجزه عن توفير مناخ حقيقى لحرية الرأى والتعبير، هذا إلى جانب محاولاته تسييسه للقضاء بعدما قام بتعيين نائب عام عُرف عنه موالته للجماعة وتمت احالته بعد ذلك مما خلق حالة من السخط المجتمعى، فخرج الجميع للتعبير عن غضبهم ورحيله مثلما حدث مع نظيره السابق حسنى مبارك.
ليس هذا فحسب ولكن خلق مرسى أيضا خلال فترة حكمه حالة من العداء بينه وبين الإعلاميين عندما هاجمهم فى أكثر من خطاب ووصفهم بـ"منتهكى القانون والمتهربين عن الضرائب".
الحكم بلسان الدين
غلب على خطابات مرسى الموجهة للشعب المصرى، الطابع الدينى فى رسالة منه مفادها أنه يحكم وفقا للشريعة وما أمر الله به وأن أى خروج عليه سيعتبر مخالفة صريحة للدين، حتى وصل به الأمر إلى حد تكفير البعض، وكانت الخطابات الدينية هى السلاح الذى لجأ اليه مرسى لمواجهة خصومه ووضعهم فى مأزق مهاجمة قراراته التى كانت مستندة لأحكام الشريعة. وبناء على تلك الخطابات الدينية الموجهة استغلت الجماعات المتطرفة الفرصة وأخذت تحلل وتحرم ما يحلو لها، فمثلا شهد هذا العام حوادث عدة لهدم التماثيل ومهاجمة الفنون بحجة أنها حرام، والمشاهد السابقة لم تكن قاصرة على الفن فحسب ولكن أيضا السياحة خاصة وأن تلك الأفعال المتطرفة أثارت الذعر فى نفوس السائحين وجعلتهم يمتنعون عن زيارة هذا البلد.
الفشل فى السياسة الخارجية
لم تختلف طريقة مرسى فى إدارة الأمور الداخلية كثيرا عن أساليب إدارته للملفات الخارجية، حيث ارتكب الأول الكثير من الأخطاء التى وضعت مصر فى أزمات دولية واضحة فعلى سبيل المثال، إذا تحدثنا عن ملف سد النهضة نجد انه تعامل معه باستهانة وقلل من أهميته ومدى تأثر مصر من تشييده إلى جانب طريقة تعامله مع الملف الفلسطينيى، حيث دعم مرسى حركة حماس حتى لو كان هذا على حساب الأمن القومى المصرى. وفى عام 2012 وخلال الهجوم الإسرائيلى على غزة قدم مرسى بعض التنازلات المصرية من أجل وقف العدوان على حساب مصر حيث
سمح لإسرائيل بتركيب كاميرات وحساسات لمراقبة الحدود على الرغم من أن هذه الخطوة سبق وأن رفضها الرئيس الأسبق حسنى مبارك لما تمثله من انتقاصا للمنطقة الحدودية المصرية.