عمرو عزت سلامة: شغف الالتحاق بالكليات لدى الأباء والأمهات والطلاب أكثر وعيا باحتياجات السوق عن الأجيال السابقة
أستاذ علم الاجتماع: لم نسمع عن هذا التصنيف فى الدول المتقدمة، والناس لديها هوس بصورتها فى المجتمع
أيام قليلة ويتم الإعلان عن نتائج الثانوية العامة وتدخل البيوت فى حالة سجال شديد ومراحل طويلة من الشد والجذب فى البحث عن كلية تليق بأبنائهم وتتناسب إلى حد كبير مع صورتهم الاجتماعية أو تضفى عليها مزيدا من الوقار.
هوس الالتحاق بكليات القمة، شىء يطارد الطلاب وآبائهم ، فطوال العام ينفق أولياء الأمور كل ما لديهم من نفقات لتوفير كافة السبل التى تضمن لذويهم دخول كليات مثل الطب والهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام وغيرهم ، دون التركيز معهم على هواياتهم أو رياضتهم المفضلة، والتى قد تكون سببا فى تحقيقهم الشهرة والنجاح الذى تمنوه طيلة حياتهم ، وبناء عليه قد يكون طبيعيا أن يصاب أهل البيت بالإحباط، وخيبة الأمل بل وحالات انتحار كثيرة ليس فقط خلال فترة الامتحانات، ولكن مع ظهور النتائج أيضا، ويأتى هذا أمام كم الأموال المنفقة والمساعى المهدرة إذا ظهرت نتيجة التنسيق، ولم يحالف الحظ أولادهم فى الالتحاق بأى من الكليات المذكورة.
وتحطيما لتلك الأسطورة التى توارثتها الأجيال، ومعيار النجاح والفشل الذى وضعه الآباء نقلا عن الأجداد، يستلزم الأمر نظرة سريعة لكن بنظرة سريعة على السيرة الذاتية ومجال دراسة العديد من المشاهير فى مختلف المجالات نجد أن عددا لا بأس به منهم لم يكن يوما طالب فى كلية قمة وعلى الرغم من اختلاف تخصصاتهم إلا إنهم اجتمعوا على شىء واحد وهو تنمية موهبتهم ومحل شغفهم.
فمثلا اللاعب العالمى محمد صلاح نجم نادى ليفربول الإنجليزى تخرج فى معهد لاسلكى وكذلك الشيخ محمد متولى الشعراوى، واحد من أشهر مفسرى القرآن الكريم وشغل منصب وزير الأوقاف سابقا ولُقب بإمام الدعاة هو خريج لغة عربية عام 1937 ، وأيضا العالم أحمد زويل خريج كلية العلوم والأديب طه حسين خريج كلية الآداب وكذلك الأديب والصحفى والشاعر عباس العقاد الحاصل على الشهادة الابتدائية وعلى المستوى العالمى نجد رجل الأعمال بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت، والذى درس مجال الحقوق، وأيضا مارك زوكربيرج مؤسس "فيس بوك" موقع التواصل الشهير والذى انقطع عن الدراسة فى المرحلة الثانوية ليتفرغ لمشروعه وغيرهم كثيرين.
هوس كليات القمة مرتبطة بالصورة الاجتماعية
ولكن على الرغم النجاحات التى حققتها الشخصيات السابقة ما الذى يدفع بعض الأسر أن تقاتل من أجل اللحاق أولادهم بكليات القمة؟ الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية يقول إن النتائج المترتبة على مرحلة الاختبارات هى صدور مجموعة من الأرقام تحدد مستقبل ومصير الطالب وفى حقيقة الأمر مصطلح كليات القمة هو مصطلح فريد ابتدعته الدول العربية فى حين أن الدول المتقدمة لا يوجد بها هذا التصنيف كل طالب يدرس ما يحلو له وما ينمى مواهبه ويحقق حلمه ، وبناء على هذا المفهوم فى الشرق تمارس الأسر الضغوط على أولادها من أجل فقط أن يحققوا هدفهم فى دخول هذه الكليات للارتقاء بصورتهم الاجتماعية خاصة فى ظل وجود مقارنات عائلية.
ويضيف: أمام السعى الدائم تحاول بعض الأسر ميسورة الحال والتى فشل أولادها فى الالتحاق بكليات القمة الحكومية أن تبحث عن نظيرتها الخاصة ولا تعبأ بحجم المصروفات الدراسية، والسبب فى هذا الهوس هو الصورة المجتمعية التى نمنحها لخريجين تلك الكليات على سبيل المثال نربى بناتنا على أن دخولهم لكليات القمة سيوفر لهم الزوج والوظيفة والمال أما دخول أى كلية أخرى ستكون نتيجته العمل فى وظائف هامشية ومن ثم مزيد من الفقر والانضمام لطوابير العنوسة وهذا كله تفكير خاطئ.
البحث عن "القمة" شغف لدى أولياء الأمور فقط
من جانبه يقول الدكتور عمرو عزت سلامة ، وزير التعليم العالى الأسبق، أن هوس الالتحاق بكليات القمة يكون لدى أولياء الامور أكثر من الطلاب انفسهم مضيفا "من واقع احتكاكى بعدد كبير من الطلاب فى مراحل عمرية مختلفة أصبحوا أكثر إدراكا لمتطلبات الحياة العلمية والتطوير التكنولوجى الذى بات العالم يشهده الآن وهذا كله ساهم فى تكوين رؤية بالنسبة لهم تجاه التخصصات المختلفة وأعتقد أنهم أصبحوا أكثر تركيزا الآن على المجالات الجديدة والحديثة والتى تتيح فرص عمل متميزة ليس على مستوى مصر فقط ولكن فى العالم كله".
وتابع: والدليل على ما سبق أيضا إقبال الأولاد والبنات على دراسة التكنولوجيا تحديدا فى مجالى "البيزنس والإدارة" وبالتالى أعتقد أنه أصبح لدينا جيل آخر مختلف فى نظرته عما كانت تنظر إليه الأجيال القديمة.