على الرغم من إعلان وزراء الخارجية فى مصر والسودان وإثيوبيا، توصلهم إلى حلول للنقاط الخلافية فيما بينهم بشأن قضية سد النهضة الإثيوبى المثارة للجدل على الساحة منذ 4 أعوام، وتوقيع وثيقة إعلان المبادئ من قبل الرؤساء، واستكمالها أمس بالتوقيع على "مخرجات" لاجتماعات الوزراء على مدار 3 أيام، إلا أن الخبراء يرون أن ما تم التوصل إليه غير كافٍ، مطالبين بضرورة تغيير الرؤية المصرية فى التعامل مع الأزمة.
وكيل وزارة الرى السودانية السابق: التفاوض من أجل التفاوض دون جدوى استراتيجية إثيوبيا
وأكد المهندس حيدر يوسف، وكيل وزارة الرى السودانية السابق، أن تكرار عملية التفاوض من أجل التفاوض دون جدوى على أرض الواقع هو استراتيجية إثيوبيا فى التعامل مع أزمة سد النهضة، متسائلا: كيف يتم إسناد الدراسات لشركتين فرنسيتين فى وقت واحد وهى 70% لمكتب "بى.أر.ال"، و30% لمكتب "أرتيليا"، أى أن فرنسا ستتحكم فى الدرسات بالإضافة الى توريد التوربينات؟!
وأضاف حيدر، أن إثيوبيا تلعب على عامل الوقت حتى يتم ملء الخزان، ويجب أن تكون لمصر رؤية مختلفة فى التعامل مع أديس أبابا حتى لا "يفاجئ" المصريون بواقع مفروض عليهم، وتساءل حيدر لماذا يتم من الآن البدء فى تنفيذ الدراسات من قبل المكاتب الاستشارية على الرغم من اختيارها والتوافق حولها لكسب الوقت بدلا من إهداره؟ مطالبًا مصر بتوظيف كل أوراق الضغط قبل فوات الأوان، وضرورة تدخل البرلمان المصرى ومجلس الشعب السودانى، بالسعى لرفض اتفاق إعلان المبادئ.
وأكد حيدر أن أضرار سد النهضة عديدة على مصر والسودان وتخزينه لـ74 مليار متر مكعب وهى كمية أعلى من الإيراد الطبيعى للنيل الأزرق، موضحًا أن ملء الخزان سيتسبب فى خفض الإيراد الوارد لدولتى المصب مصر والسودان. وشدد حيدر على ضرورة انتهاء الدراسات فى أقرب وقت لتحديد فترات الملء فى الخزان والتى يجب ألا تقل عن 10 سنوات وهو الذى ترفضه إثيوبيا.
خبير سودانى: سد النهضة يمثل خطرًا شديدًا على مصر
من جانبه، قال الدكتور حسن مكى، الخبير الدولى السودانى فى العلاقات الإفريقية ورئيس جامعة إفريقيا العالمية السابق، إن سد النهضة يمثل خطرًا شديدًا على مصر، والخطورة ليست فى حجم التخزين فقط، ولكن الأخطر مدة التخزين، التى تحرم مصر من حصتها المائية لمدة 5 سنوات متواصلة، وإذا تم الاتفاق على جدولة التخزين يمكن حلها لأن التخزين فى منطقة السد، لا يتسبب فى تعرض مياه البحيرة الأمامية للسد إلى التبخر لأنها منطقة رطبة وليست منطقة جافة، ولكن المفاوض المصرى ليس لديه أية معلومات عن حركة النهر أو حركة السدود الصغيرة التى تنشئ على النهيرات ولا عن التغيرات التى يمكن أن تحدث فى ديناميكية المياه مع بناء السدود.
وأضاف أنه فى فى حالة استمرار بناء السد بسعته التخزينية الحالية البالغة 74 مليار متر مكعب، والتى تحرم مصر من حصتها كاملة لمدة 5 سنوات متواصلة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق ثلاثى يضمن آليات تشغيل المشروع، أو المشاركة فى تمويل المشروع، معللا التوجه الإثيوبى نحو إقامة السدود بضعف الدور المصرى فى أفريقيا، ورغبتها فى تحويل نهر النيل إلى "حنفية" تضمن السيطرة الكاملة لها على الموارد المائية للنهر.
محمد نصر علام وزير الرى الأسبق: إثيوبيا تماطل وتناور
أما وزير الموارد المائية والرى الأسبق محمد نصر الدين علام، فأكد أن إثيوبيا تماطل وتناور لتأخير هذه الدراسات لأطول فترة ممكنة، وذلك على أمل ألّا تنتهى الدراسات قبل استكمال منشآت السد، فإثيوبيا على يقين من أنّ نتائج الدراسات سوف تدينها أمام المجتمع الدولى، وسوف تثبت أنّ للسد أضرارا مائية وبيئية واقتصادية واجتماعية جسيمة على مصر.
وأكد أن إثيوبيا تماطل وتناور لتأخير هذه الدراسات لأطول فترة ممكنة، وذلك على أمل ألّا تنتهى الدراسات قبل استكمال منشآت السد، فإثيوبيا على يقين من أنّ نتائج الدراسات سوف تدينها أمام المجتمع الدولى، وسوف تثبت أنّ للسد أضرارا مائية وبيئية واقتصادية واجتماعية جسيمة على مصر.
ويرى نصر علام أن هدف مصر من مفاوضات سد النهضة هو محاولة الاتفاق مع إثيوبيا على آلية تضمن عدم البدء فى ملء السد حتى الانتهاء من الدراسات والتوافق حول نتائجها بين الدول الثلاثة، مشيرا إلى أن إعلان مبادئ سد النهضة الذى وقعه الرؤساء فى الخرطوم بمارس الماضى، ينص فى بنده الخامس على إجراء دراسات السد والاتفاق على نتائجها بين الدول الثلاثة فى فترة لا تتجاوز 15 شهرا، وينص أيضا على التزام إثيوبيا بقواعد التخزين التى سيتم الاتفاق عليها.
ومن جانبه، قال السفير معتز موسى، وزير الرى السودانى، إن ما حدث فى الاجتماع السداسى الأخير حول سد النهضة تقدم حقيقى وبلا شك سيكون المستقبل بعده أهدأ، وأن النقاش صادق ومسئول وبناء مضيفا: "أمامنا عمل جاد، وأتوقع أن تكون مسيرة العمل أوضح وأيسر وهناك تقدم حقيقى لا ضبابية فيه تدعو للتشكك".
وأضاف فى تصريحات صحفية، أن أبرز اتفاق هو أن يظل الوزراء فى حالة انعقاد مستمر لرعاية الدراسة ووضع الحلول لأى عقبات قد تبرز فى الأشهر المقبلة، مؤكدًا أننا أمام استشاريين أكفاء ومجلس وزارى مصغر يسندهم أكبر مستشارين من الدول الثلاث.
وزير الرى السودانى: مصر والسودان تستفيدان من سد النهضة والحصص المائية ستزيد
قال السفير معتز موسى وزير الرى السودانى، إن كل الكمية المخزونة أسفل سد النهضة معروفة فى كل سد، وهناك قدر من التخزين قليل وما دون ذلك يتم حبس المياه فترة يستفاد منها فى توليد الكهرباء ثم تطلق للدول، لافتًا إلى أن السودان ليس وسيطًا فى ملف سد النهضة، ولها حقوق كاملة. وأضاف، أن السودان يستفيد من سد النهضة وكذلك مصر، لأن التخزين عندما يكون فى الصيف مثلاً بأرض رطبة وحوض عميق يقل التبخر فى منظومة النيل من سد النهضة إلى السد العالى بنسبة لا تقل عن 31%، مؤكدًا أن ذلك سيؤدى لزيادة فى مياه النيل بالسودان ومصر.
وقال موسى، إن جميع الأطراف ستحترم النتائج التى ستسفر عنها الدراسات حول سد النهضة، موضحًا أن كل الوثائق التى وقعتها الدول الثلاثة "مصر والسودان وإثيوبيا"، منذ تقرير لجنة الخبراء العالميين فى مايو 2013 لم تتحدث وثيقة واحدة عن إيقاف السد، ولم تتطرق الدول الثلاثة إلى أن نحمل إثيوبيا على إيقاف العمل بالسد كبادرة لحسن النية. وأضاف، أن سد النهضة لا يستهلك مياهًا، ولكنه يستفيد من الطاقة الكامنة فى المياه بتدوير ماكينات لتوليد الكهرباء وإطلاق المياه مباشرة لمصر والسودان.
وأوضح: "لسنا بحاجة إلى إيقاف السد، ولكن بحاجة إلى تعزيز الثقة بيننا"، لافتًا إلى أن إيقافه لشهر أو اثنين ليس حلا لأى مشكلة، ولكن الحل هو الوصول إلى تفاهمات حقيقية.