خلال أيام قليلة اجتاح العالم هوس "تحدى كيكى" فى ما يشبه الحمى التى لا يعرف أحد، حتى من خاضوه، سبب الإعجاب به والرغبة فى تكراره، وعلى الرغم من أنه ليس التحدى الأول الذى ينتشر بهذه الكثافة فى جميع أنحاء العالم إلا أن الخطورة التى ينطوى عليها تنفيذه دفعت الجميع للتساؤل: أين يذهب عقل من يقرر المشاركة به؟ ماذا يفعل هذا التحدى فى عقولنا؟
الإجابة البسيطة على هذا السؤال تكون دائمًا "هوس الشهرة" أو "هذا ما فعلته بنا السوشيال ميديا" ولكن للعلم رأى آخر فى الأسباب التى تجعل أشياء دون غيرها تحظى بهذا الاهتمام الكبير والانتشار الواسع.
بالعودة إلى عام 1976 نجد نظرية طرحها عالم الأحياء ريتشارد دوكينز تقول إنه مثلما يتكون البشر من وحدات منفصلة "جينات" تسعى إلى تكرار نفسها لضمان استمرار بقائها جيل بعد آخر، فإن الثقافة كذلك، وتلك الوحدات التى تتكون منها الثقافة هى "الميمات" أو "وحدات المحاكاة".
ووفقًا لموقع "scientificamerican" العلمى الأمريكى فإن دوكينز أطلق لفظ "ميمات" على كل شيء من كلمات وأفكار ومعتقدات وموسيقى وطقوس وأزياء ووصفات. وفى عالم الإنترنت فإن "الميمات" يمكن أن تكون مقاطع فيديو على يوتيوب أو صور أو "كوميك" مضحك أو حتى أخبار، وبالطبع التحديات التى تنتشر بشكل فيروسى من حين لآخر فجأة، كتحدى دلو الثلج ورقصة "جانجام ستايل" ورقصة البطريق وأخيرًا تحدى كيكى.
كيف تنتشر الميمات أو التحديات؟
بعد معرفة نظرية دوكينز يظل التساؤل قائمًا كيف تنتشر بعض الأفكار كالعدوى الفيروسية بين آلاف وأحيانًا بين ملايين البشر؟ تكمن الإجابة فى الدراسة التى أجراها باحثون فى جامعة فرامنجهام الأمريكية عام 2007 حيث اكتشفوا أن الاختلاط والتداخل بين البشر يؤدى إلى تعزيز سلوكيات أو أفكار معينة، وأن الأشخاص المحيطين بنا يؤثرون بشكل كبير على قراراتنا ونمط حياتنا فقد وجدوا أنه إذا أصابت السمنة شخص ما فإن هناك احتمالا بنسبة 171% أن يعانى صديقه المقرب من السمنة أيضًا، وإذا نجح شخص فى الإقلاع عن التدخين فإن أصدقائه أكثر قابلية بنسبة 36% للإقلاع عن التدخين أيضًا.
وأظهرت هذه الدراسة أن شبكتك الاجتماعية مهمة جدًا، وما يقومون به وما يقولونه عن أنفسهم وتوقعاتهم أمر مهم جدًا، وكلما زاد تعزيزهم الاجتماعى لسلوك ما زادت احتمالك ممارستك لهذا السلوك. وهذا تقريبًا ما يلخص تعاملاتنا عبر الإنترنت وعلى الشبكات الاجتماعية حيث تنتشر السلوكيات والأفكار كالعدوى خاصة بين الأشخاص ذوى الاهتمامات المشتركة.
ولكن لماذا تنتشر هذه الأشياء دون غيرها؟
على الرغم من الاختلاف الكبير بين التحديات والاتجاهات التى انتشرت بكثافة عبر السوشيال ميديا وتحولت إلى "تريند" أو "ميم" إلا أن باحثون فى جامعة ستانفورد الأمريكية وجدوا أن هناك سمات مشتركة بينها تجعلها تنتشر بصورة فيروسية.
أهم هذه السمات المشتركة هى تقديم التحدى فى شكل مضحك وممتع ما يشجع الكثيرون على مشاهدته ومشاركته فيما بعد. يجب أيضًا أن يتسم بإمكانية الوصول، حيث يسهل تنفيذ التحدى والقيام به ويسهل أيضًا وصوله لعدد كبير من الناس، وهو ما يتحقق من خلال مشاركته على مواقع التواصل الاجتماعى.
ومن الضرورى أن يتسم هذا التحدى بالبساطة والقصر، فإذا كان طويلاً أو معقدًا ويحتاج الكثير من المجهود لفهمه ولتنفيذه أيضًا فعلى الأغلب لن يحظى بانتشار واسع.
أضاف الباحثون أن تميز التحدى برسالة إنسانية أو هدف مهم يضمن له نجاحًا وانتشارًا أوسع، مثل تحدى الثلج الذى انطلق فى البداية دعمًا لمرضى التصلب الجانبى الضمورى.