أعلن مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعى، الأربعاء الماضى، إنه من منطلق حرص مصر على تعزيز آليات العمل المشترك لاسيما فى إطار جامعة الدول العربية، وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بشأن انضمام جمهورية مصر العربية إلى الميثاق العربى لحقوق الإنسان، الذى اعتمده مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، في مايو2004، حيث ينظم الميثاق الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وكذلك آلية عمل لجنة حقوق الإنسان العربية المعنية بمتابعة التزامات الدول الأطراف فى الميثاق.
ما هو تاريخ إقرار الميثاق العربى لحقوق الإنسان؟
بدأت المحاولات العربية لصياغة وثيقة إقليمية فى مجال حقوق الإنسان عبر جهود اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان منذ عقود طويلة، إلى أن أثمرت تلك الجهود عن خروج الميثاق فى نسخته الأولى عام 1994، ولم تلقى تلك الوثيقة ترحيباً كبيراً فى ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى اعتماد القمة العربية فى تونس بتاريخ 23/5/2004 للميثاق العربى لحقوق الإنسان فى نسخته الحالية، ودخل حيز النفاذ فى 16/3/2008.
ما هى أهمية الانضمام إلى الميثاق؟
لاشك أن لانضمام الدول العربية للميثاق العربى لحقوق الإنسان أهمية كبرى وذلك فى عدد من المناحى منها:
أولاً: التأكيد على أن صدور الميثاق العربى عن مؤتمر القمة العربية فى تونس عام 2004 لم يكن مجرد استعراض إعلامى بشأن حقوق الإنسان بل كان توافقاً رسمياً حقيقياً على ضرورة وجود ميثاق حقوقى عربى يضمن تحقيق أهداف محددة وواضحة، ذكرتها المادة الأولى منه.
ثانياً: التأكيد على المستوى الداخلى أن السلطات العربية جادة فى إقرار الحقوق والحريات لمواطنيها على قدم المساواة فيما بينهم بلا تفرقة ولا تمييز، الأمر الذى يؤدى إلى استقرار الأوضاع داخل البلدان العربية وتجديد الثقة فى الحكومات الموجودة بما يقلل كثيرا من الاحتقان الداخلى الذي سببه فى كثير من الأحيان نكران حقوق الإنسان أو التمييز الذى يحدث بين المواطنين.
ثالثاً: توجيه رسالة إلى العالم مفادها إمكان وجود نظام عربى قادر على معالجة أوضاع حقوق الإنسان داخل المنظومة العربية.
رابعاً: أن تراكم دراسة التقارير التى تقدمها الدول الأطراف للجنة الميثاق من شأنه بلورة نظم واجتهادات عربية تلبى احتياجات المنطقة فى مجال حقوق الإنسان إلى جانب أهداف العمل العربى المشترك الأخرى كالسوق العربية المشتركة والعملة العربية الموحدة.
خامساً: يشكل الميثاق ولجنته إطاراً مؤسسياً لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات فى مجالات تعزيز واحترام حقوق الإنسان فيما بين الدول العربية بعضها البعض.
ما هى أهمية الميثاق العربى لحقوق الإنسان؟
قد يُثار التساؤل حول أهمية الميثاق العربى لحقوق الإنسان خاصة فى ظل وجود كم كبير من الوثائق الدولية المعنية بحماية وإقرار وكفالة كافة الحقوق والحريات الإنسانية وانضمام عدد من الدول العربية إلى الكثير من هذه الاتفاقيات، فهل هناك أهمية لاتفاقية إقليمية جديدة، على الرغم من وجود اتفاقيات إقليمية تحمى حقوق الإنسان لبعض الدول العربية مثل الدول العربية الأفريقية المنضمة إلى الميثاق الأفريقى: مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر، والحقيقة أن أهمية الميثاق تكمن فى :
أهميته كآلية إقليمية عربية تنظم الجهود المشتركة بين دول المنطقة في مجال إعمال وإنفاذ وحماية حقوق الإنسان، خاصة وأن الميثاق يعتبر صكاً ملزماً من الناحية القانونية للدول الأطراف.
كما يعد الميثاق العربي مهما بالنظر إليه باعتباره يمثل توافقا عربيا رسميا-من القمة العربية التي أقرته-ربما للمرة الأولى في مجال حقوق الإنسان-حيث كانت الدول العربية تنظر بعين الشك والريبة لكل من ينتمي لحقوق الإنسان، في ظل عدم وجود أي إشارة بميثاق جامعة الدول العربية لحقوق الإنسان.
ويكرس الميثاق خصوصية للمنطقة العربية (الوحدة الفكرية والتراث والتقاليد التاريخية المشتركة والتقارب الجغرافي والتشابه السياسي والاقتصادي والتحديات المشتركة التي تواجه الاقطار العربية ...الخ)، كما يسمح بتوحيد وانضاج معايير حقوق الإنسان في المنطقة العربية وإعلان وحماية حقوق وحريات جديدة.
ويتضمن هذا الميثاق التزامات تساوي الالتزامات الموجودة في المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وهو ما يشكل التزاماً قانونياً تعاهدياً على الدول الغير منضمة لبعض مواثيق حقوق الإنسان الاساسية.
هل يتعارض الانضمام إلى الميثاق مع الانضمام إلى اتفاقيات أخرى؟
الحقيقة أن المادة 43 من الميثاق قد أجابت على هذا التساؤل، بل وعززت الحماية الدولية، حين نصت على أنه:
"لا يجوز تفسير هذا الميثاق أو تأويله على نحو ينتقص من الحقوق والحريات التي تحميها القوانين الداخلية للدول الأطراف أو القوانين المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها أو أقرتها بما فيها حقوق المرأة والطفل والأشخاص المنتمين إلى الأقليات".
فلا يوجد ثمة تعارض بين الانضمام إلى الميثاق وغيره من الاتفاقيات الإقليمية أو الدولية ذات الصلة شريطة ألا يتم تفسير نصوص وأحكام الميثاق على نحو ينتقص من الحقوق والحريات التي تحميها تلك الاتفاقيات والعكس صحيح، وهذا النص موجود نظير له في معظم الاتفاقيات الإقليمية والدولية.
ما هى أبرز بنود الميثاق العربى لحقوق الإنسان؟
يتكون الميثاق من ديباجة و53 مادة، من أهمها المادة الرابعة التى لا تجيز المساس بمجموعة من الحقوق حتى فى حالات الطوارئ والحالات الاستثنائية، وهى: الحق فى الحياة، الحق فى سلامة الجسد وحظر التعذيب، حظر إجراء التجارب الطبية دون موافقة الشخص، حظر الرق والسخرة والاتجار بالبشر، حق المحاكمة العادلة، حق التقاضى، لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، حظر الحبس فى التزام تعاقدى، حظر العقاب مرتان عن جرم واحد، حق المعاملة الكريمة والإنسانية فى مقار الاحتجاز والحبس، حق الاعتراف بالشخصية القانونية، الحق فى التنقل، الحق فى اللجوء السياسى، الحق فى التمتع بالجنسية، الحق فى حرية الفكر والعقيدة.
وبالنظر إلى هذه الحقوق ذات الحصانة الواردة فى الميثاق العربى نجد توسعاً فى طائفة الحقوق المحمية بالمقارنة بما ذكرته المادة الرابعة من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.
أما المواد من الخامسة حتى الثانية والثلاثون من الميثاق فقد تناولت الحقوق المدنية والسياسية كافة.
والمواد من ثلاثة وثلاثين حتى اثنين وأربعين فقد تناولت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فى حين تناولت المواد من 43 حتى 53 فهى مواد إجرائية.
ما هى الدول العربية المنضمة للميثاق؟
المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، المملكة العربية السعودية، جمهورية السودان، الجمهورية العربية السورية، جمهورية العراق، دولة فلسـطين، دولـة قـطـر، دولـة الكويت، الجمهورية اللبنانية، دولة ليبيا، الجمهورية اليمنية، وأخيرا جمهورية مصر العربية.